لولا المقاومة والجيش!
غالب قنديل
على الرغم من التقشف القسري الذي يعيشه اللبنانيون بفقرائهم ومحدودي الدخل منهم ومتوسطي الأحوال الذين يشدون الأحزمة حتى التصاق بطونهم بظهورهم وعلى الرغم من أهوال الغش والفساد والتلوث والعقم السياسي للنظام الطائفي القائم فهؤلاء اللبنانيون يحتفلون بأعياد الميلاد ورأس السنة في بيوتهم أو في أماكن السهر أو بالتجوال والتسوق وسط حالة نسبية من الأمان والاستقرارعلى الرغم من كون بلدهم مستهدفا من العدو الإسرائيلي ومن عصابات التكفير والإرهاب وهو تحت التهديد المستمر الذي تكرره زمرتا جبهة النصرة وداعش مؤخرا.
أولا اما التهديد الإسرائيلي فقد تكفلت به وعطلته معادلة الدفاع الوطني المتمثلة بالشعب والجيش والمقاومة وقوة الردع التي يملكها حزب الله باتت أكثر فاعلية وتطورا وهي تجعل حسابات القيادة العسكرية الإسرائيلية في كل يوم أشد صعوبة من سابقه كما تبين التقارير الإعلامية والبحثية الصادرة في الكيان الصهيوني الذي يعيش في هاجس مستمر امام ما حصد حزب الله من الإمكانات والقدرات والخبرات خلال العامين الماضيين عبر تواجده في سورية وما يمثله من خطر على إسرائيل نشوء كتلة قتالية فاعلة ومدربة ومتمرسة بجميع انواع القتال من خلال الاندماج الهيكلي بين فصائل من حزب الله والوحدات الخاصة في الجيش العربي السوري وما يتيحه تمكين مقاتلي الحزب من مختلف انواع السلاح الحديث والمتطور الذي يحصل عليه هذا الجيش بل وما يمثله تواجد مقاتلي الحزب على جبهة الجولان مع وحدات سورية شعبية مقاتلة قد تنقلب في أي لحظة نواة فعلية لمقاومة شعبية سورية لتحرير الجولان وتحويل التهديد الإسرائيلي بحزام عميل إلى فرصة لتغيير المعادلات الكبرى.
ثانيا يعيش اللبنانيون في أمان نسبي لا تنعم به دول المنطقة في ظل التهديد الناشيء عن جماعات التكفير الإرهابية والفضل في ذلك لكل من المقاومة والجيش اللبناني ولنجاحهما في بناء منظومة أمنية متكاملة حققت حماية فعلية للبلاد من هذه الآفة واستطاعت تفكيك عشرات الشبكات والخلايا رغم كل العراقيل والحملات التي استهدف بها كل من حزب الله والجيش اللبناني معا ورغم الحماية التي قدمها تيار المستقبل وقوى 14 آذار للجماعات الإرهابية في العديد من المناطق اللبنانية تحت عنوان دعم المعارضة السورية طوال السنوات الأربع الماضية .
يمكن القول إن العبارات التي خص بها البطريرك الراعي كلا من الجيش اللبناني والمقاومة جاءت تتويجا لهذه الحصيلة ومن موقعه الوطني والروحي المتميز بينما يتخلف كثيرون عن الاعتراف بالوقائع الصارخة والمعمدة بدماء أبطال لبنانيين من المقاومة ومن الجيش يستحقون التحية والتخليد.
لابد ان يسجل اللبنانيون لقيادة حزب الله ولسماحة السيد حسن نصرالله التنبه المبكر والواضح للخطر الذي يتهدد لبنان والفضل في بذل التضحيات الجليلة من الشهداء والجرحى والمعاناة والصبر على الطعنات المسمومة الكثيرة فقد كان قرار السيد ورفاقه كفيلا بردع الأخطار في مهدها واستباقا للتهديد الذي ثبت انه كما حذر قائد المقاومة يستهدف الجميع ولا يستثني أحدا وهي حقيقة تأخر كثيرون في إدراكها وهم انتظروا توجيهات سعودية واميركية لمراجعة مواقفهم المعلنة فكانت يد السيد الممدودة دعوة للتلاقي على أولوية حماية البلد من خطر الإرهاب التكفيري .
ثالثا الشراكة القائمة بين الجيش والمقاومة مستمرة ومتواصلة منذ أكثر من عشرين عاما عندما أعيد توحيد الجيش اللبناني بعد اتفاق الطائف بقيادة العماد إميل لحود وهي صاحبت تحولات وانقلابات وتبدلات في المنطقة وداخل لبنان وقد تعمقت وازدادت رسوخا كلما مر الزمن وازدادات التعقيدات والأخطار.
بعد النجاح الثابت والمستمر في توثيق هذه العلاقة بتواضع وبهدوء وصمت بعيدا عن فولكلور الاستعراض اللبناني بتنا نملك ثروة وطنية وكنزا لا يقدر من خلال هاتين القوتين اللتين تتكاملان وتحترمان خصوصيات كل منهما وربما هي تجربة نادرة في طبيعتها بنشوء تكامل ميداني وعملياتي واستخباراتي بين قوة حزبية شعبية عقائدية وازنة ومؤسسة عسكرية وطنية نظامية تطور واستمر لربع قرن باستقرار وتصاعد وحقق حصيلة تاريخية هي ردع قوة عدوانية عاتية كإسرائيل وحماية البلاد من اخطار التقسيم والفتنة الداخلية ومن عصابات التكفير الإرهابي التي تثير طوفانا من الدماء في معظم بلدان المنطقة العربية .
التجربة الحية التي يخوضها حزب الله والجيش اللبناني تقدم جوابا عمليا بليغا وحاسما على جميع الأسئلة حول الاستراتيجية الدفاعية التي كان الهدف من إثارتها الانقضاض على حزب الله الذي يستمر مستهدفا مرة بالعقوبات وبالتصنيفات الغربية المزورة ومرة بمحكمة شهود الزور ومرات بحملات من الداخل والخارج ما زالت تمول من الكونغرس واللوبيات الصهيونية في الغرب ومن الخزائن النفطية الخليجية بمليارات الدولارات.
الحقيقة الراسخة التي يعيشها اللبنانيون العاديون في كل لبنان هي ان منظومة الجيش والمقاومة هي ضمانة الأمان والسلام للشعب الذي يعيش حالة من الطمأنينة بفضل أرواح منذورة لحمايته من كل شر أيا كان مصدره …إنها الثلاثية الذهبية مجددا : شعب وجيش ومقاومة على جميع الجبهات .