المحكمة تستهدف «حزب الله» مجدداً: لأي هدف؟ نبيل هيثم
آخر مآثر المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، انها تحضـِّر لقرار اتهامي جديد لـ»حزب الله» تضيف من خلاله متهما سادسا الى المتهمين الخمسة السابقين. والتطور اللافت للانتباه في هذا السياق يتبدى بوجود توجه لدى المدعي العام للمحكمة لاستدعاء أحد نواب «حزب الله» كمشتبه فيه، أو للاستماع إلى إفادته .
ملاحظة تفرض نفسها بداية، وهي ان المحكمة منذ انطلاق عملها في آذار 2009، وقبل ذلك عمل لجنة التحقيق الدولية من ديتليف ميليس الى سيرج براميرتز وانتهاء بدانيال بيلمار، لم تتحرّك الا بالتزامن مع احداث واستحقاقات سياسية وغير سياسية في لبنان، بحيث انها كانت تختار احداثا او لحظات سياسية معينة لاسقاط قراراتها او تسريباتها عليها. ولم تُمحَ من ذاكرة اللبنانيين المحطات التالية:
– تسريبات «ديرشبيغل» بعد حرب تموز 2006، ومن ثم تسريبات «لو فيغارو» و«لو موند» و«السياسة الكويتية» التي جاءت للتشويش على انتصار المقاومة.
– التسريبات في الصحف نفسها، التي كان يتم توقيتها في موسم تمويل المحكمة لحمل لبنان على دفع حصته في هذا التمويل.
– التسريبات التي كان يتم توقيتها عشية حاجة «14 آذار» للحشد الشعبي.
– التسريبات التي رافقت انطلاق عمل المحكمة في آذار 2009.
– دخول المحكمة على خط الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في العام 2013 (لم يكن التمديد مطروحا بعد) وتحديد موعد بدء محاكمة كوادر «حزب الله» غيابيا متزامناً مع موعد موسم الانتخابات النيابية في لبنان؟
– اصدار القرار الاتهامي بعد اسقاط سعد الحريري من رئاسة الحكومة.
– المحكمة تتهم تارة الرئيس بشار الاسد و«الاتصال من هاتفه بأحد هواتف المتهمين»، وتارة أخرى «حزب الله»، وفي الزمن الحالي الاثنين معا.. كما انها تستند إلى وسيلة الاتهام نفسها التي هي الدليل الظرفي والهواتف، من دون ان تقرن ذلك بأي دليل حسي وحقيقي وفعلي يعتد به او يستند اليه لتوجيه اتهام صلب نحو اي جهة!
تلك المحطات، وغيرها الكثير، تقود الى الاسئلة التالية:
– اذا ما صحّ توجه المحكمة لاضافة متهم سادس او الى استدعاء احد نواب «حزب الله» كمتهم او كشاهد، فلماذا في هذا التوقيت وإلامَ تمهد ولأي هدف؟
– هل يتعلق الامر باستحقاقات دراماتيكية لبنانية محتملة، كالاستحقاق الرئاسي مثلاً؟
– هل يتعلق باستحقاقات وتطورات اقليمية ودولية يجري التحضير لها؟
– هل لهذا الأمر علاقة بتمويل المحكمة ودفع حصة لبنان؟
– ما هي الابعاد الحقيقية لهذا الاستهداف الجديد لـ«حزب الله»؟
– هل تراعي المحكمة بهذا التوجه الاتهامي منطق الاستقرار والتلاقي في لبنان؟ واي تصعيد يمكن ان يفضي اليه هذا السياق الجديد، وهل يستطيع الواقع السياسي الهش ان يتحمل شرارات اضافية تهدد باشتعالات على اكثر من صعيد؟
– هل هي مصادفة ان يبرز توجه المحكمة الجديد بالتزامن مع انطلاق الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»؟
– هل الغاية نسف هذا الحوار وضرب منطق التلاقي والتوافق، ام ان الغاية هي تحسين شروط احد طرفي هذا الحوار لتوفر له وزنا تفاوضيا يسمح له ان يقايض من موقع مريح؟
– هل امعان المحكمة في اتهام «حزب الله»، محاولة جديدة لاسقاط دور الحزب بتحويله من حزب ذي شرعية مقاومة، وشرعية سياسية، او شرعية برلمانية في لبنان، الى فاقد لمعنى المقاومة وعبء على كل من تأثر بهذه الشرعيات واقتنع بها؟
– هل الهدف من الاتهام المتجدد لـ«حزب الله»، محاولة ارباك للدولة اللبنانية التي يشكل الحزب جزءا مركزيا في تكوينها السياسي والبرلماني والحكومي، لحملها على خطوات معينة؟
– هل الهدف من ذلك محاولة اغلاق الابواب التي استطاع «حزب الله» ان يفتحها على مستوى العالم؟.
تيار «المستقبل» مع المحكمة ظالمة او مظلومة، ويتبنى كل ما يصدر عنها من دون تردد وحتى ولو كان مجرد سيناريوهات خيالية. أما «حزب الله» فيدير الاذن الصماء انسجاما مع موقفه المبدئي باعتبارها «محكمة أميركية اسرائيلية هدفها ضرب المقاومة»، وبالتالي «هي محكمة باطلة وتشكيلها باطل واتهاماتها باطلة وأحكامها باطلة، والذي يبنى على باطل هو باطل».
(السفير)