الممكن والصعب في حوار حزب الله ـ المستقبل حميدي العبدالله
الحوار بين حزب الله من جهة, وتيار المستقبل من جهة أخرى, برعاية الرئيس نبيه بري, والذي انتهت جولته الأولى في عام 2014 وسوف تبدأ جلساته اللاحقة في 2015, حدد له جدول أعمال من أربع مسائل أساسية:
تنفيس الاحتقان ووقف الحملات الإعلامية.
مكافحة الإرهاب.
تفعيل الأداء الحكومي.
انتخاب رئيس للجمهورية.
يطرح جدول الأعمال سؤالاً حول ما الذي يمكن تحقيقه من خلال الحوار والتوصل إلى تفاهمات بشأنه؟ وما الذي سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق أو قواسم مشتركة حوله؟.
بالنسبة للقضية الأولى في جدول الأعمال, يمكن الملاحظة أنه منذ أن أعلن عن نية إجراء الحوار وحتى قبل التوصل إلى اتفاق على جدول الأعمال وعقد الجلسة الأولى, تراجعت أجواء الاحتقان وانحسرت الحملات الإعلامية, وبديهي أنه مع استمرار جلسات الحوار سوف يتم الالتزام بتحقيق المسألة الأولى في جدول الأعمال. أما بالنسبة للمسألة الثانية, أي مكافحة الإرهاب, فإنه في ظل التوجه الغربي, وتوجه غالبية دول المنطقة للوقوف في وجه الإرهاب, وبعد تصنيف جبهة النصرة وداعش وحتى الإخوان المسلمين كتنظيمات إرهابية من قبل الدول الخليجية ومن قبل مصر, فإنه لن يكون هناك خلاف جدي على مكافحة الإرهاب, على الأقل في لبنان, وسيزول هامش الاستثمار والتوظيف في الإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية في ظل الموقف الدولي والإقليمي الحالي إزاء الإرهاب.
وحتى قتال حزب الله في سورية, لم يعد يحظى بانتقاد إقليمي ودولي واسع, أو على الأقل لم يعد ثمة مصداقية لمثل هذا الانتقاد بعد قرار التحالف الأميركي بتوجيه ضربات للتنظيمات الإرهابية في سورية, إذ أصبح وجود حزب الله في سورية والقتال ضد الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في سياق تقاطع مصالح يجعل من الطبيعي تراجع الانتقادات بشأن مشاركته في قتال الإرهابيين في سورية.
أما بالنسبة لتفعيل الأداء الحكومي, فلم يكن ثمة خلاف فعلي بين حزب الله وتيار المستقبل حول هذه المسألة, وبعد الاتفاق على آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء في ظل غياب رئيس الجمهورية, أي اتخاذ القرارات بإجماع الوزراء, لم تعد ثمة مسألة خلاف خاص بين حزب الله وتيار المستقبل, وبالتالي فإن هذه المسألة لا تحتاج إلى جهد فعلي للوصول إلى تفاهم بشأنها.
الانتخابات الرئاسية هي المسألة الجوهرية والوحيدة التي يصعب التوصل إلى اتفاق أو تفاهم بشأنها, ذلك أن تجارب حزب الله, وتحالفات الحزب, وكذلك تجارب تيار المستقبل وتحالفاته, تفرض على الطرفين التمسك بمواقفهما من الانتخابات الرئاسية, لأن مفتاح حل هذه المسألة ليس بيدهما, بل بيد حلفائهما سواء المحليين أو الإقليميين والدوليين, وأي محاولة لإقناع حزب الله بالتخلي عن العماد ميشال عون ستكون مستحيلة, وأي محاولة لإقناع تيار المستقبل بقبول العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أيضاً ستكون مستحيلة. والجواب حول هذه المسألة من قبل حزب الله مفاده, كما أعلن أكثر من مرة, اذهبوا إلى العماد ميشال عون لأن الحل عنده, ومن الصعب أن يتخلى حزب الله عن هذا الموقف المبدئي, ليس فقط لاعتبار أخلاقي, وهو الوفاء للتحالف القائم بين الحزب والتيار الوطني الحر, بل لاعتبار سياسي أيضاً في ضوء تجربة حزب الله مع الرئيس «التوافقي» ميشال سليمان.
(البناء)