مقالات مختارة

داعش إلى زوال! محمد صادق الحسيني

 

ليست طهران هي المحطة الثانية بعد كوبا في التطبيع الديبلوماسي.

فالجدار الفولاذي بين طهران وواشنطن لا يزال عاليا جدا وصلدا إلى حد انعدام الرؤية، وجسور الثقة بين العاصمتين التي لطالما روج لها البعض لم يشيد اي واحد منها بعد، ولا احد في طهران اي احد يقبل على نفسه ان يكون غورباتشوف ايران او انور السادات الايراني الذي يفرط بانجازات صبر الامة الاستراتيجي.

والنووي الايراني ورغم كل ما قيل ويقال عن تقدم ملموس واجواء ايجابية وبناءة وتقدم في بنود كثيرة فان الخلاف الجوهري لا يزال يراوح محله.

صحيح ان لا قرار قياديا حتى الان في وقف المفاوضات كما ورد على لسان علي شمخاني امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني.

لكن لا شعاع تفاؤل ايضا عبر من جدار انعدام الثقة من عاصمة المستكبرين باتجاه عاصمةالمستضعفين ليصل شئ منه إلى بيت القيادة في نهاية شارع فلسطين في طهران.

فالامور في شارع فلسطين الايراني حسب كل المعلومات والتقارير الخارجة من هناك تشير إلى ان عدم الثقة بالشيطان الاكبر لا يزال سيد الموقف رغم كل الذي حصل والمياه التي جرت في جنيف او مسقط او فيينا، بل ان ما يتسرب من هناك من كلام يزيد على الموقف الامريكي غموضا اكثر فاكثر ، ما يؤكد ان العاصمة الانكلوساكسونية الاولى لا تزال تربط بين اي تقدم في النووي الايراني وبين ضرورة خروج طهران من فلسطين او الحد الادنى اخراج فلسطين من خارطة طريق القيادة الايرانية، وبينما لا تزال بوابات الشام وقصر الشعب السوري قبلة السياسات الايرانية الخارجية ، فان طهران خطت خطوة اخرى اكثر توسعا باتجاه التمترس في اكناف بيت المقدس عندما نجحت في اعادة كثير مما انقطع بينها وبين حماس ، في خطوة خلطت اوراق المشهد الاقليمي ونفخت فيه الحراك.

بالمقابل فقد حاولت ولا تزال واشنطن اللعب في الوقت النووي الممدد الضائع جمع جل من وما اختلف من « حلفائها» العرب والاقليميين حول تحت مظلة «التحالف الدولي ضد داعش « الزائفة والمثقوبة.

وعبثا حاولت ولا تزال اسقاط الروبل الروسي او الريال الايراني، فروسيا تجاوزت اختبار القوة على مستوى سقف العالم الذي بات يحدد انطلاقا من مثلث هرمز ـ باب المندب ـ جبل طارق، وصار مضيق ملقا سلاحا ذا حدين. اما ايران العصامية والتي اتقنت وادمنت صنعة الالتفاف على حروب التضييق و العقوبات ومحاولات العزل بعد الذي جرى ويجري في اليمن السعيد، فاين تذهبون!؟

هي لعبة المصارعة التي تتقنها طهران اكثر من اي لعبة اخرى تحاول واشنطن مرة اخرى اختبار خصمها اللدود عبرها ، ولكن هذه المرة فوق الرمال المتحركة.

لكن ما خفي عن واشنطن اكثر بكثير مما كشف لها، ان كانت تظن انها اصلا قادرة على لي ذراع طهران من الان إلى الاول من تموز/يوليو المقبل.

وواشنطن تدرك اكثر من اي عاصمة اخرى في العالم، بان قائد سفينة المستضعفين كان واضحا وشفافا وصريحا عندما جمع كادر الدولة الايرانية في جسمها الديبلوماسي في الصيف الفائت وقال لهم:

لقد اخترنا طريق «المرونة البطولية» نعم… ولكن الهدف واضح …. ليس اقناعه … بل بطحه ارضا!

صحيح والف صحيح، فالامريكي الذي يشيد اليوم بالرياض لحربها على الاقتصاد الروسي، ويحاول رفع بيرقها بوجه البيرق الايراني، ولم شمل ما انفرط من عقد الحرب الكونية الفاشلة والمهزومة بشكل مدو على سوريا المشهد الدمشقي الشهير.

هذا الامريكي الذي تجرع كؤوس السم الخمس المتتالية من الشام حتى فيينا ، لم يعد امامه الكثير من الاوراق ليلعبها ولا القدرة السباقية اللازمة لغلبنا في رياضة المصارعة ، ناهيك عن وصول نار الفوضى الخلاقة التي اشعلها في العالم إلى داخل بيت كل امريكي اليوم والربيع سيكون موسم الحصاد، كما يتنبأ كثيرون من العارفين بخفايا بيت العنكبوت.

لم يبق امام الامريكي الا طريق واحد يقوده إلى قصر الشعب السوري ، وهذا الطريق ثلاثي الابعاد اما عبر طهران او عبر موسكو او عبر الضاحية الابية.

وما عليه الا ان يختار اي الطرق اقل كلفة ، واما فيما عدا ذلك فعليه ان يستمر في تجريب المجرب.

او ان يقرر خوض مقامرات نتنياهو التي ستغرقه في البحر الميت هذه المرة وليس فقط في رمال غزة المتحركة.

فالضفة الغربية له بالمرصاد هذه المرة ، والجولان له بالمرصاد كذلك ، والاطباق سيكون شاملا ومن كل الجهات وعلى كل المديات.

واذا كان يظن انه نجح جزئيا في بغداد ، فنحن نبشره بان ارض الرافدين ستكون اقسى عليه هذه المرة من ارض الشام وستخسف الارض به وبدواعشه على جانبي الحدود العراقية السورية بعد تحرير» القائم « من رجس ابنائه الدواعش.

فما يحضر من ترتيبات و خطط ومشاريع اجتياحات لارض الدواعش على ايدي كتائب الحشد الشعبي والدفاع الوطني والجيش العربي السوري والقوات العراقية بمساعدة غرف عمليات ايرانية روسية ستذهل كل من ظن اننا متجهون إلى شهر عسل مع الشيطان الاكبر.

انها الخسارة المزدوجة هذه المرة يا أوباما.

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى