وقائع في مسار الحرب على سورية
غالب قنديل
يتوقف كل شيء في مستقبل المنطقة على نهوض سورية وانتصارها فمنها ترتسم التوازنات والمعادلات الجديدة التي ستحكم العالم لعقود مقبلة بعد انهيار الهيمنة الأميركية الأحادية التي سادت لربع قرن منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ولذلك تأتلف جهود كونية مستمرة لعرقلة انتصار سورية وإطالة عمر استنزاف دولتها الوطنية.
أولا يتواصل إعلاميا تعميم صورة الأحداث السورية على أنها نزاع داخلي بين “نظام ” و”معارضة ” وفي واقع سورية ما يكشف الخداع والكذب النمطي في تلك الرواية التي فككتها التطورات خلال السنوات الأربع الماضية وببساطة تبدو الأمور على حقيقتها فثوار الناتو والأخوان هم اليوم تكفيريون ومرتزقة تطغى في صفوفهم داعش وجبهة النصرة بقيادات وكوادر من ثمانين جنسية اجنبية وعربية ولوائح القتلى التي نشرت في وسائل الإعلام خلال عام 2014 نتيجة المعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري على امتداد جغرافية البلاد تشهد بتراجع معدل الانخراط السوري في صفوف العصابات الإرهابية لصالح الجنسيات السعودية والشيشانية والمغاربية والفرنسية والبريطانية وغيرها .
ببساطة إنه خليط كوني لا يصنع ثورة سورية ويضاف إلى ذلك أن مآل الثورة المزعومة هو تلك الهجمة التكفيرية الإرهابية بما تحمله من طابع تدميري للبلاد واقتصادها وقواها الحية لا تشبه أي ثورة في التاريخ البشري وهي صورة عن التوحش الدموي والبربري وتصميم العملاء والمخبولين والمرتزقة على نسبة هذه التسمية لكتائب وألوية تكفيرية او لجماعات ككتائب ما يسمى بالجيش الحر ليس إلا عدوانا على العقل والمنطق .
ثانيا يمثل الدخول الصهيوني السافر على خط الحرب التي تستهدف الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة والشعب العربي السوري تطورا نافرا خلال العام 2014 فقد أخرجت إسرائيل إلى العلن دورها بدعم وتسليح بل وتمويل العصابات الإرهابية وفصائل الجيش الحر على جبهة الجولان وهي تفاخر بتكوين شبكة من مئات العملاء عبر أفخاخ معالجة الجرحى المستقاة من تجربة الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان قبل أربعين عاما وقد كانت الغارات الصهيونية على سورية والقصف المدفعي ضد مواقع جيشها هي رأس جبل الجليد في منظومة التدخل الصهيوني المنسق مع الولايات المتحدة وحكومتي الأردن والسعودية بشكل خاص .
ومن الشمال السوري يتواصل التدخل العدواني التركي من خلال رعاية وحماية عمليات نهب النفط السوري بواسطة جحافل أردوغان الداعشية التي تمول خزائنها بتسهيلات مصرفية ولوجستية تركية تحت عين الولايات المتحدة ونائب وزير ماليتها ديفيد كوهين المفوض بمراقبة شبكات تمويل الإرهاب بالتوازي مع التبرعات الوافدة من دول الخليج والمساهمات الحكومية القطرية المباشرة في تمويل جبهة النصرة الفرع الرسمي للقاعدة في سورية وهذا ما اعترفت به تقارير الحكومة الأميركية والأمم المتحدة على السواء.
ثالثا الأكيد ان مخاطر ارتداد الإرهاب إلى دول المصدر أي إلى الغرب وتركيا والخليج تفرض على حلف العدوان مراجعة الكثير من حساباته ومواقفه السياسية اتجاه الوضع السوري وتشهد كواليس صنع السياسات الأميركية جدلا محتدما تحت عنوان مراجعة الخيارات و تفيد التقارير الصحافية ومنشورات مراكز الأبحاث أنه بات من شبه المؤكد التسليم بالحقيقة التي حسمها الشعب العربي السوري والجيش العربي السوري في الميدان وهي أن الدولة الوطنية العلمانية بهويتها القومية التحررية المقاومة هي إطار صنع مستقبل سورية السياسي وان الرئيس بشار الأسد هو قائد سورية وموحدها في مجابهة العدوان الاستعماري والهجمة الإرهابية وبالتالي أسقط السوريون منذ الانتخابات الرئاسية في حزيران الماضي كل منازعة بشان الشرعية الدستورية والشعبية لهذا القائد الذي تصدى بشجاعة نادرة للعدوان ومثل وجدان شعبه وأمته على الدوام .
المراجعات السياسية الجارية على وهج نيران المجابهات المستمرة في الميدان تشير إلى ان الوضع السوري يتجه نحو تحولات جديدة تعزز مكانة الدولة الوطنية وقدراتها وهذا ما سيؤثر على توازن القوى وهو يعجل في تقدم مسيرة الدفاع عن سورية وحماية وحدة ترابها الوطني وتصفية معاقل الإرهاب والتكفير .