مقالات مختارة

الرئيس الوسطي.. طرح «غير بعيد» مارلين خليفة

 

تكتسب زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الى لبنان أهميتها، خصوصاً أن لاريجاني هو شخصيّة سياسية مؤثرة في إيران لكونه رئيس السلطة التشريعية المحورية في تركيبة النظام المؤسسي الإيراني، لأن مجلس الشورى ومجلس الأمن القومي هما جزء أساسي من القرار السياسي للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في الشؤون الخارجية، وللبرلمان دور رئيس في رسم السياسة الداخلية والخارجية لإيران فضلاً عن مساءلته للحكومة وطرحه للثقة بها، كما أن له صلاحية إدانة الرئيس وهو غير قابل للحلّ.

وتشير أوساط إيرانية مواكبة لجولة لاريجاني الى أنّه قال في لبنان كلاماً يعبّر عن الموقف الإيراني المعلن، خصوصاً تجاه الاستحقاق الرئاسي الذي ألقى لاريجاني بمسؤوليته على الطرف المسيحي دون سواه، مؤكداً أنه لا يرتبط بالمفاوضات حول النووي الإيراني قائلاً: «أستبعد ترابط الموضوعين، لأن المفاوضات نووية صرفة وقد يكون لها تأثير مستقبلي على مستوى الإقليم فحسب».

ولعلّ الدّعم القوي للجيش اللبناني الذي قال لاريجاني إنه يستحق «الميدالية الذهبية» لمواجهته الباسلة للإرهاب مكرراً استعداد إيران لتسليحه، كانت علامة فارقة لا تقلّ أهمية عن وصفه بعض التنظيمات، ومنها «حزب الله»، بأنها أقوى من الدول لتأثيراتها الإقليمية.

كذلك من اللافت أن الثقة الإيرانية بقدرات الجيش وصلت حدّ استبعاد لاريجاني، ردّاً على سؤال «السفير»، أن تتمكّن «داعش» من النفاذ الى الأراضي اللبنانية لأنّ الجيش استطاع إبعاد خطرها عن لبنان. وتشير الأوساط الإيرانية الواسعة الإطلاع الى أن «ترتيب زيارة لاريجاني من دمشق الى بيروت ثم بغداد هو بهدف تقييم الأوضاع، وعلى ضوء ذلك ترتيب الأولويات في هذا الظرف الدقيق».

لكن ماذا عن المواقف والمشاورات غير المعلنة التي تناولها لاريجاني في زيارته اللبنانية، وما هو هدف الزيارة الى لبنان؟

تشير الأوساط الى أنّ لاريجاني زار سوريا قبل مجيئه الى لبنان مواكبة للحركة الروسية، وللتأكيد بأن البلدين الحليفين في سوريا هما جزء من الحلّ السياسي.

أما لبنانياً فتقول الأوساط الإيرانية الواسعة الإطلاع لـ «السفير» إن الرسالة السياسية الأولى التي تريد إيران إيصالها عبر لاريجاني هي تجديد الدعم لحلفائها وفي مقدّمتهم «حزب الله». ولفتت الأوساط المواكبة الى أنّ الحوارات مع المسؤولين اللبنانيين شملت كل الملفات «بدءاً من العلاقات الثنائية والهبة الإيرانية للجيش اللبناني، وصولاً الى تحكيم العلاقة مع حكومة الرئيس تمام سلام والتي سوف تؤثر على المسار التقاربي الإيراني ـ السعودي، بالرّغم من أنّ قمع المعارضة في مدينة العواميّة السعودية خلق حالة من الغضب في الوسط الإيراني».

ولفتت الأوساط، ردّاً على استيضاح «السفير»، إلى أن «تحكيم العلاقة» مع حكومة سلام يشير الى ثباتها إيجابياً في المرحلة الراهنة، «صحيح بأنّ هذه الحكومة لم تنجز الشيء الكثير لكنّها التزمت بوعودها، وبالتالي لا يزال تمّام سلام هو رئيس الحكومة المقبول من وجهة نظر طهران».

وتشير الأوساط الى أنّ إيران، وكما عبّر لاريجاني بوضوح، «لا تزال تلقي باللائمة على المسيحيين لعدم اتفاقهم على رئيس للجمهورية، وهي بنظر إيران قضيّة تخصّهم بالدرجة الأولى وتؤثر على مستقبلهم السياسي، وبالتالي إذا كان المسيحيون غير مستعجلين فلماذا يستعجل الآخرون؟».

لا تخوض الأوساط الإيرانية في أسماء رئاسية، لكنّها تشير الى أنّ ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مرفوض إيرانياً، أما العماد ميشال عون فهو حليف لـ«حزب الله» ومعروض من قبله، غير أن الفرصة موجودة بنظر إيران لمرشّح وسطي، «وهو طرح غير بعيد».

ولفتت الأوساط الإيرانية الى أن طهران «لا تثق كثيراً بفرنسا لأنها منحازة الى فريق دون آخر، وهي لم تتمكن من أن تكون وسيطاً غير منحاز». وعلّقت على حركة الدوائر الديبلوماسية الفاتيكانية بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي اللبناني بأنها «لا تخرج عن إطار النّصح، لأنّ الخلاف اللبناني هو بين السياسيين، ولو كان بين المطارنة لكانت أوامر الفاتيكان نافذة حتماً».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى