القاهرة والدوحة… هو الصلح!: تسفي برئيل
بعد اسبوعين فقط من المصالحة بين دول الخليج وقطر جاء دور مصر لتعلن عن المصالحة. الاعلان الثنائي، القطر والمصري، جاء يوم السبت بعد أن التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع المبعوث الخاص للزعيم القطري تميم بن حمد آل خليفة بوجود ممثل سعودي. يوضح الاعلان أن الدولتين تنويان فتح صفحة جديدة في العلاقات. وشددت قطر في اعلانها أنها تعتزم المحافظة على مكانة مصر كزعيمة للعالم العربي والإسلامي وأن «أمن مصر هو أمن قطر».
أنهى الاعلان فترة طويلة من الصراع السياسي والكلامي بين الدولتين، الذي بدأ مع اقالة واعتقال الرئيس محمد مرسي في تموز 2013. هذه المصالحة نسجت بحرص وتصميم من قبل السعودية التي بدأت الحملة السياسية ضد قطر في آذار الماضي، عندما أقنعت البحرين ودولة الامارات باعادة السفراء من الدوحة. بعد ذلك بفترة قصيرة أعادت مصر ايضا سفيرها وأعطت التوجيهات لوسائل الاعلام الحكومية بشن حملة انتقادية شديدة ضد قطر.
السبب المعلن للصراع كان ادعاء دول الخليج ضد تدخل قطر في الشؤون الداخلية، كذلك شؤون مصر. ولكن الاسباب الثلاثة الاساسية كانت تأييد قطر لحركة الإخوان المسلمين التي أُعلنت كمنظمة إرهابية في مصر وقبل ذلك في السعودية وفي الامارات، تأييدها للمليشيات الإسلامية التي تقاتل في سوريا (مثل تلك التي لا تتعاون مع السعودية) والعلاقات القوية لقطر مع إيران، العدو الاكبر للسعودية. قامت «الجزيرة» بتغطية العلاقات السيئة بين قطر ومصر بشكل مكثف، هذه القناة التي تملكها العائلة المالكة في قطر وكانت بمثابة لسان حال صراع الإخوان المسلمين ضد النظام المصري.
كانت قطر قد وضعت مليارات الدولارات في البنوك المصرية اثناء سلطة مرسي من اجل مساعدة المصريين على الحصول على قروض من مؤسسات دولية، وقد طلبت من مصر اعادة هذه الودائع بقيمة 6 مليارات دولار. ومن اجل اعادة هذه الودائع اعتمدت مصر على منح وقروض من السعودية ودولة الامارات، وأصبحت بذلك متعلقة اقتصاديا بشكل كلي تقريبا بهاتين الدولتين. وتطور الاعتماد الاقتصادي بسرعة إلى تنسيق سياسي، الامر الذي يلزم مصر بتبني سياسة السعودية في الشرق الاوسط سواء في الساحة العربية أو الساحة الدولية. وهكذا قامت السعودية بتشكيل معسكر عربي قوي كانت قطر الوحيدة التي تعيقه. ومع انتهاء عملية المصالحة تستطيع السعودية الآن فرض سياستها سواء تجاه الإخوان المسلمين ومنظمات المتمردين في سوريا أو تجاه إيران وحلفائها في المنطقة مثل حزب الله.
مصر التي ستكون الاكثر فائدة من المصالحة تستطيع الآن أن تتوقع أن تكف قطر عن مساعدة الإخوان المسلمين، على الاقل بشكل رسمي، وشبكة «الجزيرة» ايضا التي هي أكثر مشاهدة في الشرق الاوسط قد تغير طريقة التغطية التي أغضبت السيسي كل يوم من جديد. يمكن أن تستأنف قطر المساعدة الاقتصادية لمصر وتنضم للسعودية والامارات في استثمارات بناء البنى التحتية. وفي نفس الوقت قد تدخل حماس في ضائقة جديدة حيث سيطلب من قطر التنسيق مع مصر حول أي مشروع أو مساعدة لغزة وبذلك تزداد سيطرة السيسي على مستوى اعمار وتطوير القطاع. لهذا التعلق ستكون تأثيرات على السلطة الفلسطينية، وبدون مساعدة قطر أو مع مساعدة مرهونة بالموافقة المصرية فان استقلالية حماس في القطاع ستتراجع. وهكذا تستطيع السعودية من خلال مصر فرض القرارات الفلسطينية إلى حد معين.
المصالحة بين قطر ومصر قد تؤثر على مكانة وسياسة تركيا، التي بقيت الآن وحدها في مواجهة مصر. ولا سيما على خلفية جهود إيران لاستئناف علاقاتها مع مصر واعترافها بنظام السيسي. وكانتا حتى الآن، قطر وتركيا، شريكتان في مقاطعة مصر، وستضطر تركيا إلى اعادة النظر في خطواتها. وإيران التي تقيم علاقات ايجابية وتعاون مع قطر لن تتأثر من المصالحة، رغم أن المصالحة تعني تقوية الموقف العربي ضدها في الطريق إلى التوقيع على اتفاق السلاح النووي الذي سيُحدث تغييرا حقيقيا في مكانتها الاستراتيجية أمام الغرب، وبالذات أمام الولايات المتحدة. لذلك يبدو أن المصالحة قد أكملت التسلسل السياسي في الشرق الاوسط، حيث تقف السعودية على رأسه ومن حولها دول متوافقة، إن لم تكن مطيعة، والتي ستشكل البديل الرسمي للجامعة العربية. تحالف كهذا قد يخدم جيدا الصراع ضد عناصر متمردة ولا سيما الحرب ضد الدولة الإسلامية.
هآرتس