دجالو ” الثورات ” بعد أربع سنوات
غالب قنديل
مع اكتمال السنة الرابعة على ما سمي بالربيع العربي تتكشف وقائع مرة متراكمة عن حجم السيطرة الأميركية والغربية على مفاتيح الحملات الإعلامية والثقافية العربية التي سوقت صورة خادعة لتضليل الشعوب ولستر المعيوب من تصرفات قادة ورموز معارضة وواجهات ينعقد أمرها عند قادة التنظيم العالمي للأخوان المسلمين ومجموعة من الحكومات الاستبدادية الأتوقراطية في الخليج هي آخر الجهات المؤهلة للتبشير بالديمقراطية وبالثورة .
أولا حصاد هذه السنوات الأربع هو خراب ودمار واستنزاف وتجديد للهيمنة الاستعمارية وإن استحق الحساب مع المتشدقين حتى اليوم بكذبة الربيع فأقل الحكم على ما ساقوه وروجوه أنهم مساطيل داخوا في متاهة الأروقة الاستعمارية واستغرقوا في هذيان انفصامي لا صلة له بالواقع .
تعرض الرأي العام العربي لاجتياح جيش من كتاب وصحافيي إعلام الدول النفطية العربية ومجموعات منظمة محكمة الربط بالاستخبارات الأميركية والأوروبية وبشبكات تشغيل وتمويل وتدريب اتخذت عناوين شتى فمنها الناشطون تحت يافطات خادعة تدعى بالمجتمع المدني ومنها العاملون في برامج ما يسمى التدريب على الديمقراطية وحقوق الإنسان ومنها حركات وأطر سياسية محكمة الربط بسفارات الخليج والغرب في جميع العواصم التي اجتاحها طوفان الأخوان الدموي المؤسس لجميع أنواع التكفير والإرهاب.
يلتمس الدجالون أعذارا كثيرة لما يدعونه بخيبات ثوراتهم فهم يعترفون بأن أربع سنوات صرفوها في التضليل والتهليل لعملاء الاستعمار الطامحين انتهت إلى خيبات ولم تكن ثورات كما زعمت روايتهم الخادعة والمفبركة عن أحداث لم تكن كلها مدبرة لكن ما دبر منها شمل واكتسح هبات عفوية وقعت في مصر وتونس بواسطة تنظيم الأخوان وحثالات الوعد الديمقراطي التابعة للمخابرات الأميركية والفرنسية والبريطانية من الجماعات والرموز المرتهنة بالأصل والفصل.
فضيحة الربيع المزعوم تكشفت عن كوارث شاملة لبها التمهيد لعودة الاستعمار المباشر وإنهاض جماعات التكفير الإرهابي وشن حملات لتدمير الدول الوطنية والجيوش الوطنية ولتخريب المجتمعات .
ثانيا بات العربي العادي يعلم وبكلفة كبيرة أن جيوش المرتزقة ليسوا ثوارا وما بثته وصنعته قناتا الجزيرة والعربية ليس تغطية نزيهة لأحداث ثورية وأن جميع مرتزقة الغرب من المهاجرين المقيمين والمجنسين بتسهيلات مالية ومعنوية واكاديمية تمتعوا بها لعقود وما زالوا ليسوا هم القادة الجدد المؤهلين لصنع الخلاص ولتأسيس مستقبل أكثر حرية وانفتاحا ورقيا وعدالة واستقلالا كما يحلم الناس الذين انطلت عليهم الخدع والصور الافتراضية لثورة لم تقع.
داعش وقنوات التكفير التي تمولها العائلة السعودية وجماعات المرتزقة الدموية من جبهة النصرة وغيرها من فصائل الإرهاب والتدمير الأخوانية هي حصاد الربيع المزعوم وملايين النازحين والمفجوعين والمهمشين والمشردين الذين تعاظمت أعدادهم في كل بلاد العرب .. تلك ثمار الربيع المزعوم الذي سوقه دجالون ومرتزقة سفلة يستحقون الشنق من ألسنتهم .
المضحك المبكي أن بعض عناصر طابور الخيبة يتحدثون اليوم عن غياب البرامج والمشاريع ونقص الخيال عند قادة ما سموه بالثورات العربية وهم يفاخرون اليوم بأنها حركات هزت البنى القائمة والسؤال لمصلحة من جرى ذلك ؟ أليس لصالح المستعمر الذي صارت عودته مطلبا مكشوفا ترفعه قواكم “الثورية” المتهتكة والملوثة في العراق وليبيا وسورية واليمن وغيرها ؟ وكيف جلب كل ذلك الويل أليس تحت رعاية الاستعمار وبدعم من حكومات تابعة بل وعميلة ؟ طبعا يرفض هؤلاء تعبير الاستعمار ويصفونه بالخشبية تماما كما هم يرفضون تعبير الدول الوطنية والجيوش الوطنية التي أعمل فيها “ثوارهم” تخريبا ولا سيما في مصر وسورية حيث تتكشف أبعاد الخلاف المركزية بيننا وبينهم وحيث تشهد النتائج لخبث ما تورطوا فيه من تآمر مقصود.
ثالثا ما لحق بسورية من خراب ودمار وقتل هو بالتمام والكمال مؤامرة لمصلحة منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وفي قلبها إسرائيل التي انكشف مؤخرا وبالوقائع دورها الحاسم في دعم واحتضان حاملي اليافطات “الثورية” في سورية من مرتزقة وإرهابيين وبخليطهم الأجنبي متعدد الجنسيات من ثمانين بلدا.
من خط التماس في الجولان برز التلاقي العجيب بين موشي يعلون ووليد جنبلاط أحد مبشري الربيع المزعوم في امتداح جبهة النصرة واعتدالها والنصرة لمن يجهل هي فرع القاعدة الرسمي في سورية الذي تموله قطر الإمارة التابعة للاستعمار الأميركي والتي لا يحجب وجهها القبيح كل الماكياج المغشوش الذي ينثره مرتزقة من امثال عزمي بشارة من خلال مراكز الدراسات والصحف المنفوطة وقنوات الدجل الإعلامي القديمة والمستجدة .
قبل أربع سنوات أديرت الخطة ضد مصر وتونس وسورية وليبيا أيضا لمصلحة تركيا الانكشارية التي توهم أردوغان انها قد تحصل على تفويض بالوكالة عن الغرب في إدارة منظومة الهيمنة بعد تحديثها بحكومات اخوانية تتوسطها قيادة حماس لإضفاء المشروعية وقد منحته الولايات المتحدة كل الدعم وفشل في سورية ثم في مصر وتونس وها هو يقود داعش في حملة لتدمير سورية والعراق ولنهب النفط وبيعه في السوق العثمانية السوداء لحساب قراصنة البر والبحر وبعدما جعل خلال هذه السنوات العاصفة من تركيا قاعدة لتنسيق العدوان ولإيواء الإرهابيين ولتدريبهم وتجهيزهم وإرسالهم إلى سورية والعراق .
يكفي للبيان ان حكام السعودية وقطر هم ملهمو منظري الربيع عزمي بشارة وبرهان غليون وميشال كيلو وغيرهم بالأفكار الثورية الطالعة من رنين الذهب في أكياسهم التي تفيض بروائح الدم والمازوت في خليط كارثي معبر عن حصاد ربيع الخيبات والمجازر والدواعش والأكاذيب .