الجانب المظلم من الديمقراطية:ايتان هابر
ما سيأتي من كلام سيثير حفيظة الكثيرين والطيبين، بغض النظر عن الانتماء الحزبي، وكلهم محبون للخير. وهو يأتي ليقول بصوت عال ما يفكر به الكثيرون بصمت: طريقة الانتخابات التمهيدية الداخلية (البرايمريز) للكتل في الكنيست قد تكون أكثر الطرائق ديمقراطية، ولكنها طريقة سيئة ويجدر دفنها.
وقد بات متأخرا عمل ذلك قبيل الانتخابات القريبة القادمة، ولكن ربما في تلك التي تأتي بعدها؟ وماذا ومن سيحل محل الانتخابات التمهيدية؟ سؤال جيد ليس لدينا في هذه اللحظة جواب جيد له.
ومن حيث جوهر الامر: التمهيدية لا تجلب الى الكنيست افضل الناس بل اصخبهم، من الباحثين عن النشر بكل ثمن، وكذا مرشحين فاسدين. لا ينبغي بالطبع المبالغة: ليس الجميع، بل وليس عددا كثيرا جدا، ولا يزال حلم محبي الديمقراطية هو الطريقة العفنة التي تعفن أكثر فأكثر مبعوثي جمهورنا.
نبدأ بالذات بالفساد: كل مرشح يعرف جيدا بانه يحتاج الى مئات الاف الشواكل، واحيانا أكثر، كي ينقل اسمه وقوله الى جمهور ناخبي الحزب. ولهذا الغرض فانه يجند ما يسمح له به القانون – وفي حالات غير قليلة أيضا أكثر بكثير من هذا. واذا حصر نفسه بمقتضيات القانون فقد يعرف عنه في البقالة المجاورة: فهو يحتاج لان يعرف الجميع عنه، ومن أجل هذا هناك حاجة الى مال كثير. ومن اين سيأتي المال الذي لا ينبت، كما هو معروف، على الاشجار؟ فتفضلوا واسألوا المرشحين في الانتخابات التمهيدية في كل الاحزاب، ولا سيما اولئك الذين فشلوا وبقوا مع اللسان في الخارج ومع الثقب في المحفظة.
الميل الطبيعي لكل انسان عادي هو أن يمر على قائمة المرشحين في الاستبيان الحزبي وان يؤشر الى أكثرهم شهرة، اولئك الذين تقول له اسماؤهم شيئا ما. ماذا، مثلا؟ عرفت ذات مرة مرشحا سياسيا فعل كل شيء كي يدخل في صفحة الثرثرة في الصحيفة. وبزعمه من هذا المكان يستمد الكثير من مصوتي الحزب الاسم الخاص واسم العائلة. اما الباقي فليس هاما.
ويخرج السعي وراء الشهرة المرشحين عن اطوارهم وهم يبحثون عن كل سبيل لينالوا الانتباه. وهناك منهم من جعلوا الصخب والفظاظة رمزا تجاريا، وهم بالفعل يحظون بالعناوين الرئيسة التي تضيء اسماءهم بالاضواء البارزة.
وكان هناك من اصبح لاحقا نائبا ووزيرا، انتبه الى أنه في صباح السبت يتعطش الناس للاخبار في الاذاعة. فماذا فعل؟ عقب في كل موضوع واختلق اجتماعات لم تعقد ابدا.
وهكذا كسب الشهرة مرتين. اسمه واقواله، وكذا نداءات الانفعال من المستمعين من الاجتماعات الشعبية الكثيرة التي عقدها (وبالمناسبة توقف بعد أن اكتشف آخرون هذه الحيلة وفعلوا مثله).
كما أن التمهيدية هي الاب لمقاولي الاصوات. فكل نشيط سياسي يمكنه أن يأتي بأحد أفراد عائلته والكثير من اصدقائه حصل غير مرة على دفعات حقيقية لقاء نجاحاته، واحيانا نال الثواب في اشكال مختلفة، مثل الرسوم والتراخيص لاعمال تجارية مختلفة.
وكان ذات مرة مرشح في التمهيدية سعى الى ان ينصب محامين بتكليف منه في كل صندوق في وسط معين. وأدى عناده أخيرا الى اقتراح من مجموعة مرشحين أخرى، سألت العنيد كم بالمئة يريد أن يحصل في التصويت في ذاك الوسط.
لقد شكلت الانتخابات التمهيديه دوما فرصة لتصفية الحسابات ونقل «الرسائل» الى النواب القائمين. والكثيرون يتذكرون اعضاء لجنة عاملي شركة الكهرباء في حينه يتابعون اقتراحات النواب. والكثيرون يعرفون لماذا ولمن يصوت الاف العاملين في الصناعة الجوية.
يمكن، بالطبع، الاشارة الى فضائل الانتخابات التمهيدية، والحديث عن الديمقراطية وضد اللجنة المنظمة التي كانت متبعة ذات مرة في الاحزاب. ولكن الحقيقة هي أن احزابا غير قليلة تخلت بصمت دقيقة عن الانتخابات التمهيدية وقادتها يشكلون القائمة. يوجد مستقبل واسرائيل بيتنا، مثلا (وليس هما فقط.)
اذا كان هكذا، فما هي الطريقة السليمة، الفهيمة والافضل؟ ها هو أمامكم موضوعا للبحث. بعد يوم من الانتخابات التمهيدية بالطبع.
يديعوت