بقلم غالب قنديل

خرافة الربيع وتجار الوهم العرب

mosalla7oooooon

غالب قنديل

يصر رهط من الصحافيين والكتاب العرب على اجترار شعار الربيع المزعوم وثوراته التي انكشف بعض المكتوم من أسرار مدبريها وقادتها ولكن “نجوم” ذلك الرهط من مدعي التفكير والبحث يحولون الشعارات والكلمات إلى رموز إيديولوجية وهم مصممون على متابعة بيع الأكاذيب والأوهام الخادعة للجمهور في أمانة شديدة لوظائفهم التي تولوها قبل سنوات وللأجندات التي لا يمكنهم ادعاء أنها من بنات أفكارهم اللاتي ولدن في حاصل تأمل فكري ثقافي لا تشوبه مداخلات برنار ليفي ولا خرائط البنتاغون وحروبه المتنقلة من الغزو المباشر إلى خطة بيترايوس لشن الحروب بواسطة أجنحة القاعدة المتنازعة ولا التدخل الصهيوني المباشر والمكشوف في دعم زمر القاعدة في الجنوب السوري ولا استقواء الثوار المزعومين بالدعم الاستعماري الصهيوني وبالتمويل الخليجي والتسهيل العثماني الانكشاري لخطوط استيراد القتلة الجوالين من سائر انحاء العالم ودفعهم إلى سورية.

أولا التوحش الذي يهدد البلاد العربية على يد قوى التكفير الإرهابي هو نذير بربرية تؤيد هيمنة الاستعمار وتدمر القوى الاجتماعية الحية وتغتال فرص التقدم وليس مخاضا ثوريا يفضي إلى التغيير كما يزعم مروجو كذبة الربيع هربا من فشلهم في تبرير فضائح ثوراتهم وثوارهم الذين خذلهم المخططون الأميركيون عندما انفض الجمهور من حولهم وكشف الخديعة الانقلابية التي لا صلة لها من قريب أو بعيد بأحلام التغيير والعدالة والتحرر الوطني .

ظهر قادة تنظيمات الأخوان المسلمين بكامل ارتهانهم للغرب الاستعماري وقد تبعوا تعليمات السفارات الأميركية ولاموا السفراء في تداعي حكمهم وفشل خططهم للاستيلاء على السلطة ببرنامج رجعي احتكاري واستبدادي فشهدنا حكم الأخوان في مصر يتخطى نظام مبارك في تطوعه خادما للأمن الصهيوني وحارسا للهيمنة الأميركية والغربية في المنطقة وهو خسر ثقة الناس بسرعة لما افتضح امره في مناخ الغليان الشعبي .

تنظيم الأخوان والتشكيلات الدائرة في فلكه هم القوة المعيقة للتطور وللتغيير وهم الذراع القمعي الاحتياطي المستخدم لاستنزاف مصر ومنع تطورها السياسي وللحؤول دون نهوضها كقوة إقليمية مستقلة عن منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية أما تنظيم الأخوان في سورية فهو زمرة تآمرية دموية وأداة عدوان استعماري صهيوني ضد دولة وطنية مقاومة قرر المستعمرون تدميرها وتخليص إسرائيل من عبئها الخطير والأخوان في ليبيا قوة تدمير وتبعية وتصدير للإرهاب وفي جميع البلاد العربية هم حاضنة التكفير والارتهان للغرب الاستعماري وعلى ذلك قس بين المحيط والخليج .

ثانيا تجار الربيع المزعوم من مرتزقة علمانيين ويساريين سابقين هم فرق خبراء التسويق المكرسين لخدمة العصابات التكفيرية وتنظيمات الأخوان والسلفيين المرتهنة عن بكرة أبيها للمشيئة الاستعمارية .

تلك هي الحقيقة التي لا يمكن التهرب من الحساب التاريخي على أساسها بمقارنات بائسة وسخيفة واستعارات من تاريخ الثورة الفرنسية وعصر التنوير لضرب مواعيد افتراضية لمئة عام من الأحداث الدموية التي يحركها إرهابيو القاعدة وداعش بدعم من الغرب الاستعماري والحكومات التابعة له في المنطقة والتخطيط الاستعماري الغربي يثبت ان تلك الظواهر ليست بالأصل تعبيرا تلقائيا عن التناقضات الوطنية في المجتمعات العربية كما كانت حال فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية في عصر التنوير الذي يعلك ذكراه بعض الواهمين إلى جانب باعة الأوهام والدجالين من مرتزقة النفط وعملاء الاستخبارات الذين يصرون على تسمية اكتساح البربرية لبلادنا العربية ربيعا.

سقطت مزاعم الربيع أمام صمود سورية في وجه العدوان الاستعماري وبعد اضطرار الولايات المتحدة للظهور مباشرة في قيادة واجهات ما سمي معارضة سورية التي يتصدرها مجرمو الحرب الدمويون من زعماء الأخوان ومرتزقة ممالك الحكم الاستبدادي المطلق وبعد اضطرار إسرائيل للكشف عن تدخلاتها المباشرة عسكريا وامنيا وانكشاف حقيقة الثورة المزعومة بارتباطها الوثيق بأطماع سلطان الوهم العثماني رجب طيب أردوغان الذي يقود داعش على أرض سورية والعراق .

ثالثا يجب الانتقال بكل حزم إلى فتح الحساب مع جميع حملة الأقلام ومتحدثي الشاشات الذين يصرون على مواصلة بيع الأوهام ولابد من فضح ارتباطهم بالمخطط الاستعماري الصهيوني وملاحقة أهدافهم الفعلية من خلف انخراطهم في حملات التضليل .

إن تعرية وتسفيه الشعارات السخيفة والبائسة لتجار الوهم العربي هي السلاح النقدي الذي ينبغي إشهاره اليوم لاستيلاد حركة وعي نهضوي في البلاد العربية قاعدتها المؤسسة هي أنه لا مجال للفصل بين التحرر الوطني وخيار مقاومة الاستعمار والصهيونية وبين حركة التقدم الاجتماعي والتغيير السياسي في البلاد العربية ولا مجال للفصل بين اعتناق خيار المقاومة لتحرير فلسطين وأي مشروع تحرري للتنمية والتقدم الاجتماعي والتعدد السياسي وبين فكرة الدولة الوطنية التحررية النابذة للعصبيات والراعية للوحدة الوطنية للشعب العربي بتنوع نسيجه المعتقدي الديني والثقافي والسياسي .

وإذا أراد الكتبة والمتحدثون والمفكرون المزعومون مقارنة مستعارة من التاريخ الأوروبي فهم لا يمتون بصلة إلى فلاسفة التنوير الذين يتشبهون بهم لأنهم أقرب بكثير إلى باعة صكوك الغفران الذين يتوجب كنسهم بالقساوة اليعقوبية لتحرير العقل العربي وإزالة أوساخهم المتعفنة من فضاءاتنا حتى يتسنى لشبابنا ان يتنفسوا هواءا نظيفا بلا ترسبات قاتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى