حوار حزب الله – المستقبل: الممكن والمستحيل حميدي العبدالله
جولة الحوار الجديدة التي يتوقع أن تنطلق في وقت غير بعيد بين حزب الله وتيار المستقبل تختلف عن الجولات السابقة للحوار التي بدأت منذ عام 2006 وحتى آخر جولة في عهد الرئيس ميشال سليمان.
الاختلاف يكمن في أنّ المواضيع التي طرحت للحوار المتوقع بين الحزب والتيار مواضيع السياسية يمكن الوصول فيها إلى تسوية عبر تنـازلات متبادلة. إذ حدّدت مواضيع الحوار بالاتفاق على رئيس للجمهورية، وقانون انتخاب جديد، وربما تسوية في التحالفات الانتخابية تشبه تلك التي رافقت انتخابات 2009, إذا تعذّرت العودة إلى التحالف الرباعي الذي تبلور في انتخابات 2005، هو احتمال مرجّح. في حين أنّ مواضيع الحوار في الجولات السابقة كانت في البداية حول سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية، ولاحقاً الموقف من دور حزب الله في الأزمة السورية، وهي قضايا من الصعب حصول تسوية أو تنازلات متبادلة فيها لأنها، أولاً قضايا وطنية وليست سياسية، وثانياً لأنها مرتبطة بالصراع العام بين المحاور الكبرى على مستوى المنطقة والعالم.
لكن ما الذي يمكن أن تسفر عنه جولات الحوار المتوقعة بين حزب الله تيار والمستقبل، بتعبير آخر ما هو الممكن وما هو المستحيل؟
لا شك أنّ أهمّ نتيجة ستترتب على هذا الحوار، هو تنفيس حال الاحتقان، وتخفيف الحملات الإعلامية والسياسية المتبادلة، بل أيضاً رصّ الصفوف في مواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية، لا سيما في ظلّ الحملة الدولية والإقليمية على هذه الجماعات.
لكن ما هو مستحيل، أو على الأقلّ غير مرجح، أن يسفر الحوار عن الوصول إلى اتفاق على رئيس الجمهورية وعلى قانون انتخاب يفضي إلى إجراء انتخابات نيابية، وذلك لسببين جوهريين:
السبب الأول، أنّ تسوية هذه القضايا مرتبط ويتأثر بالأزمات والملفات الإقليمية الأخرى، ولا سيما الوضع في سورية والملف النووي الإيراني، والصراع بين محور المقاومة والممانعة، والمحور الآخر الذي تقوده وتتزعّمه الولايات المتحدة. واضح أنه على الرغم من تراجع حدة المواجهة بين المحورين حول هذه الملفات إلا أنه لم يتمّ التوصل إلى تسوية بينهما، وهذا يؤثر بكلّ تأكيد على احتمال التوصل إلى تسوية في مسألتي انتخاب رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب إضافةً إلى الانتخابات النيابية.
السبب الثاني، يكمن في حقيقة أنّ الأزمة في لبنان لها جذور وأسباب محلية، وثمة خلاف بين بعض الأطراف اللبنانية حول قضايا الحوار هي من الاستعصاء ما يجعل من الصعب تذليلها، لا سيما في ضوء السبب الأول، أيّ غياب التسويات في الملفات الإقليمية الأخرى، وتحديداً الأزمة السورية والملف النووي الإيراني.
هل تبرّر النتائج المتوقعة والتي يمكن تحقيقها وفي مقدمها تنفيس الاحتقان ومكافحة الإرهاب والتطرف، الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، ربما، لكن من الصعب الرهان على أبعد من ذلك.
(البناء)