الملف النووي الإيراني: ماذا بعد؟ حميدي العبدالله
جرى التمديد في التفاهمات الانتقالية التي تمّ توصل إليها سابقاً حول الملف النووي الإيراني بعد انقضاء المهلة الثانية ولم يتمّ التوصل إلى اتفاق نهائي.
لكن ثمة إجماعاً، في تصريحات المعنيين، وفي التحليلات التي واكبت وأعقبت الجولة الأخيرة من المفاوضات، أنّ الخلافات الجوهرية قد زالت، وإذا كانت ثمة خلافات أعاقت توقيع الاتفاق بصورته النهائية، فهي خلافات لن تعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر لا الآن ولا في المستقبل، وبات توقيع الاتفاق النهائي مسألة وقت لا أكثر ولا أقلّ، ومفاعيل الاتفاق النهائي، إنْ لجهة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإيران، أو لجهة تأثير الملف النووي وما أعقبه من عقوبات ثنائية أو عبر مجلس الأمن، أصبحت سارية المفعول منذ الآن، حيث باتت الحسابات السياسية والاقتصادية ترسم على أساس ما يترتب من نتائج على الاتفاق النهائي وكأنه أصبح أمراً واقعاً.
فالعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران انتقلت الآن من مسار الصراع المفتوح إلى مسار جديد قائم على إدارة الخلافات، سواء كانت هذه الخلافات خلافات حول العلاقة الثنائية بين البلدين، أو مصالح البلدين في المنطقة، وبالتالي فإنّ على جميع الدول والجهات التي كانت ترسم سياساتها واستراتيجياتها على العلاقة التناحرية بين إيران والولايات المتحدة، إعادة النظر بهذه السياسات والاستراتيجيات، والمقصود بذلك الكيان الصهيوني، والسعودية، وأي دولة أخرى كانت تراهن على توظيف قوة وقدرات الولايات المتحدة الذاتية ومكانتها الدولية لإضعاف إيران، ومحاصرة نفوذها، والعمل على إسقاط نظامها الحالي.
كما أنّ إيران لم تعد تحت ضغط العقوبات الاقتصادية منذ الآن، حتى وإنْ لم يتمّ رفع كامل هذه العقوبات، طالما أنّ مفاعيل التفاهمات الانتقالية مستمرّة، وهي علقت بعض هذه العقوبات، وطالما أنّ إيران سوف تحصل على حوالي 5 مليار دولار من أموالها المجمّدة بسبب العقوبات المفروضة، بل أكثر من ذلك، أنّ روسيا لوّحت بأنها ستقوم منذ الآن بإلغاء العقوبات التي فرضها مجلس الأمن حتى قبل التوصل إلى اتفاق نهائي، وأكد مسؤولون روس أنهم سيحثون الصين على القيام بخطوات مماثلة، وجميع هذه الخطوات والتطورات التي بدأت ولم تنتظر التوقيع على الاتفاق النهائي سيكون لها نتائج عملية تقود إلى تقويض نظام العقوبات، وتحرير الاقتصاد الإيراني من عبء هذه العقوبات، وتسهيل إمكانية تطوير الاقتصاد وتنميته بحجم ما أعاقت ذلك العقوبات، وكلّ ذلك سيعزز قدرات إيران في مجالات أخرى، وتحديداً في مجال الدفاع، كما سوف يعزز مكانة إيران الإقليمية والدولية.
(البناء)