حزب الله يقدم النموذج
غالب قنديل
عندما تناول السيد حسن نصرالله موضوع العسكريين المخطوفين في محاولة لتصويب الأداء الحكومي والتعامل السياسي والإعلامي مع هذه القضية خرج كثيرون من متفلسفي قوى 14 آذار وتيار المستقبل والقوات ليشككوا في موقف الحزب وكانوا قد أثاروا من البداية غبارا من الأكاذيب زاعمين رفض الحزب للتفاوض في ملف المخطوفين رغم تأكيدات الأمين العام القاطعة والتي لا تحتمل الالتباس .
على طريقة الضارة النافعة جاء أسر المقاوم عماد عياد ليسمح لقيادة المقاومة بأن تقدم في التفاوض لتحريره نموذجها الخاص بالبرهان العملي والميداني ولتقول بالتجربة العملية أنها مع مبدأ التفاوض ولكن من موقع القوة وبالصمت السياسي والإعلامي التام لضمان النجاح في تحرير الأسرى من قبضة الجماعات التكفيرية الإرهابية .
يستدعي هذا الموضوع مجموعة من النقاط التي يفترض التوقف عندها :
1- لاشك ان ما حققه حزب الله باسترجاع أسيره محررا بنتيجة التفاوض يعتبر إنجازا سياسيا مهما .
2- تؤكد معلومات موثوقة أن عياد هو الأسير الوحيد لحزب الله خلال جميع المعارك التي خاضها الحزب في سورية وقد تم تحريره في زمن قياسي لم يتعد الأسابيع القليلة وقد جاء ذلك بعد مفاوضات شاقة وصعبة بين الحزب وما يسمى بالجيش الحر وليس مع جبهة النصرة أو داعش ولذلك لم يكن ممكنا شمول الأسرى اللبنانيين لديهما بالتبادل وقد استند الحزب في التفاوض إلى إمساكه بأوراق قوة تمثلت بعدد من المسلحين الأسرى لديه .
3- قدم حزب الله بقوة النموذج صورة عن النهج الواجب اعتماده لتحرير العسكريين الأسرى وبالشروط والمواصفات التي سبق للسيد نصرالله التأكيد عليها بدءا من السرية والتكتم الشديدين إلى إمساك أوراق القوة مرورا بالتصدي لجميع أشكال الابتزاز والضغط التي يجري استعمالها من قبل الإرهابيين الخاطفين وإحكام سد الثغرات التي يسعون للنفاذ منها عبر تحقيق الحد الأدنى من التماسك في صفوف أهالي العسكريين حول موقف الحكومة الملزمة باحتضانهم إلى أبعد حد ممكن وبالتأكيد فان احدا لم يسمع صوت عائلة الأسير عياد قبل تحريره وهذا ناتج عن التماسك المعنوي المحقق تعبويا نتيجة نهج قيادة الحزب وأسلوبها في التعاطي مع عائلات المقاومين.
4- أكدت قيادة المقاومة مقولة السيد نصرالله الشهيرة : نحن قوم لا نترك أسرانا وهي من الأبعاد الاخلاقية والمبدئية المكونة لوجدان المقاومين وعائلاتهم وتمثل جزءا رئيسيا من رصيد الثقة التي تحظى بها المقاومة في صفوف جمهورها ومناضليها بحيث يتجسد ذلك تماسكا نوعيا في صفوف المقاومين وعائلاتهم ضمن مؤسسة الثقة التي بنتها قيادة الحزب.
5- الأكيد ان قيادة المقاومة تضع من خلال وزرائها خبراتها وإمكاناتها كافة بتصرف مجلس الوزراء ولا بد من التنويه بذلك لأن الاستفادة من هذه الميزة التفاضلية النوعية تتطلب خروج بعض الفرقاء المشاركين في الحكومة من عقلية المناكفة والتصرفات الاستعراضية واتباع السلوكيات المتعرجة والمشبوهة في التعامل مع قضية العسكريين المخطوفين لضمان الاعتماد على جميع عناصر القوة اللبنانية ومنها وجود حزب الله ودوره على الأرض وما يمكن أن يكون بحوزته من أوراق القوة والتأثير في هذا الملف .