من يعرقل حل المشكلة الكردية في تركيا؟ محمد نور الدين
يسود الغموض مسار المفاوضات بين الدولة التركية وزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبدالله أوجلان المعتقل في تركيا . وقد تركت معركة عين العرب التي لم تنته بعد أثراً بالغ السلبية في هذه المفاوضات ودخلت مرحلة الجمود خصوصاً بعد مقتل أكثر من أربعين كردياً مدنياً على يد قوات الجيش في تظاهرات السادس والسابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في جنوب شرقي البلاد .
وكان نائب رئيس الحكومة بولنت ارينتش قد قال إن “النظام العام” هو اهم من عملية المفاوضات التي تعرف باسم “عملية الحل” فيما كانت ردود فعل قادة حزب العمال الكردستاني متفاوتة بل أحياناً متناقضة . إذ إن الرجل الثاني في الحزب جميل بايق حذّر من أن سقوط عين العرب يعني وقف عملية الحل أما أوجلان نفسه فقد بادر شخصياً وبتدخل من رئيس الحكومة أحمد داوود أوغلو إلى تهدئة الوضع ووقف حركات الاحتجاج في جنوب شرقي البلاد .
ولقد كرر داوود أوغلو مؤخراً أن حكومته عازمة على المضي في “عملية الحل” التي هي قضية وطنية ولن يستطيع أحد إيقافها .
ومع أنه لا يعرف ما الذي يمكن أن تقدمه الحكومة للأكراد فإن أوجلان لا يزال يتمسك بعملية المفاوضات التي يراها الأمل الوحيد لتحقيق المطالب الكردية . وقد تجاوز أوجلان العديد من المنعطفات الصعبة التي كان يمكن لها أن تترك أثراً سلبياً في العملية وكان يخرج بمواقف مفاجئة عنوانها الدعوة إلى الهدوء والتعقل واستئناف عملية المفاوضات .
وفي هذا السياق برز تطور لافت وهو التقاء وفد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي مع أوجلان في سجنه ونقلوا عنه كلاماً جديداً وهو أن عملية الحل يجب ألا تمتد لسنوات ولا حتى لشهور بل إنه حدد شهري مارس/ آذار أو أبريل/ نيسان من العام المقبل أي بعد أقل من أربعة أشهر موعداً لإعلان تخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح في حال تم الاتفاق مع الحكومة على الحل . وقال أوجلان “ان الحكومة مدعوة لتأتي مع برنامج للحل تتم مناقشته فقرة فقرة . وفي حال تم الاتفاق نعلن تخلي الحزب عن السلاح وهو مطلب حكومة أساسي . ويمكن أن نعلن ذلك في آذار/ مارس أو نيسان/ أبريل المقبل” .
وبعدما كان بايق قد أعلن أن سقوط عين العرب يعني وقف المفاوضات، فإنه ربط استمرار المفاوضات بعدم إسقاط عفرين وقال إن أي محاولة لإسقاط عفرين ستنتج عنها انتفاضة أكبر من تلك التي أعقبت الهجوم على عين العرب . وقال إن “جبهة النصرة” هي التي تتقدم نحو عفرين منذرة السكان بالهرب أو مواجهة القتل . واعتبر أن تركيا قادرة على منع “جبهة النصرة” من التقدم نحو عفرين .
غير أن التفاؤل الذي يبديه أوجلان لا ينسجم كثيراً مع ما تنشره وسائل أعلام الحزب ومنها صحيفة “أوزغور غونديم” التي شككت بصدق الحكومة لإيجاد حل . بل قالت إن المشكلة التي تعيق التوصل إلى حل هي عدم وجود نية للحل لدى الحكومة . وقالت الصحيفة إن على “حزب العدالة والتنمية” أن يقدم خطوات محددة وإلا فإنه يستمر في التلاعب بالحقوق الكردية وبعملية الحل . وقالت الصحيفة إن حزب العدالة والتنمية عشية كل انتخابات يمارس سياسة العدوان على الحركة الكردية وهو ما فعله في العام 2011 ويفعله الآن عشية انتخابات العام ،2015 ولكن الصحيفة رأت أنه يجب ألا يترك أي خيار لحزب العدالة والتنمية سوى خيار إيجاد حل سياسي وديمقراطي للمسألة الكردية .
عندما بدأت عملية المفاوضات منذ سنتين بالضبط بين الدولة التركية وأوجلان كان رئيس الحكومة حينها رجب طيب أردوغان خارجاً للتو من تصريحات هي الأقسى ضد الأكراد وأوجلان بل كان قد قال إنه لو كان في السلطة في العام 2001 عند صدور حكم الإعدام بأوجلان لكان نفذ فيه الحكم . واليوم يأتي الكلام على مؤشرات إيجابية شبيهاً بتلك المرحلة . إذ في وقت شنت تركيا ولاسيما أردوغان أعنف هجوم على الأكراد وعملت على محاولة إسقاط مدينة عين العرب في سوريا بيد “داعش” واعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا إرهابياً يخرج الكلام الجديد عن إمكانية التوصل إلى حل . وفي الحالتين يستمر تلاعب أنقرة بمطالب الأكراد والتهرب من مواجهة واقع دون الاعتراف به أكثر من استحقاق انتخابي وأكثر من ذهنيات إنكارية .
(الخليج)