ماذا قال دي ميستورا في بيروت؟ داود رمال
لا يستطيع الموفد الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الإقامة في دمشق، ولذلك فهو مضطر للتنقل بين بيروت وعمان وأنقرة وطهران وموسكو. لكن للبنان خصوصية في الإطلالة على الوضع في سوريا، ولهذا فإن لقاءاته في بيروت شكلت علامة فارقة بسبب خروجها عن السياق الرسمي، خصوصاً في اللقاء الذي عقده مع نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.
في زيارته الأخيرة إلى بيروت حلّ دي ميستورا ضيفا الى مائدة عشاء أقامها على شرفه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي وحضرها نحو ستة أشخاص، فيما اعتذر أحد الوزراء السياديين لظروف طارئة. ولهذا كان الحديث من دون مصطلحات ديبلوماسية. أخبر دي ميستورا المشاركين أنه يحاول إيجاد حل للأزمة في سوريا مطلا على الوضع في ليبيا. قال دي ميستورا إن زيارة لبنان هدفها الرئيسي الاستماع الى أكبر قدر من الخبراء وما لديهم من أفكار، إضافة الى البحث في موضوع اللاجئين.
في الأصل كان جدول أعمال دي ميستورا يشمل لقاء مع وزراء ونواب من «حزب الله» بصفتهم الرسمية ظاهراً وموقعهم الحزبي باطناً. هكذا كانت التعليمات التي سبقت زيارة دي ميستورا لتحضير جدول أعماله في بيروت. سأل أحد الحاضرين الموفد الدولي عن التغيير الذي طرأ ودفعه للقاء مباشر مع قيادة «حزب الله»، فاكتفى دي ميستورا بالقول من دون إضافة «تم رفع مستوى اللقاء الى الشيخ نعيم قاسم».
أحد المشاركين في العشاء أوضح أن «تقييم لقاء دي ميستورا مع حزب الله كان إيجابيا، وهو وصف هذا اللقاء بأنه مهم جدا».
في أحاديث العشاء استمع الديبلوماسيون الحاضرون الى «تقييم لبناني لعبوّة مزارع شبعا التي تبناها حزب الله، وكان شرح حول الأبعاد لجهة أن الحزب أراد ان يقول لإسرائيل: اذا أردت أن تدفعي باتجاه مواجهة سنية ـ شيعية عبر تسهيل دخول داعش والنصرة الى منطقة المزارع من طريق شبعا والغجر، فستتحول المواجهة اليك، لذلك عليك عدم اللعب بالنار. إضافة الى أن العبوّة هي رد على تفجير جهاز التجسس في محلة عدلون في الجنوب، والتأكيد لمن يعتقد أن الحزب حرف المواجهة عن مسارها الأساسي عبر إعادة تحديد البوصلة، مع عدم إغفال أن حزب الله أخذ مخاطرة في هذه العملية لأنه لو قتل أحد العسكريين الاسرائيليين لكان حصل رد ولكن ليس كبيرا».
ويشير أحد المشاركين إلى أن التركيز في عملية الاستيضاح من قبل السفراء الموجودين كان على عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر الذي قدم مرافعة مدعّمة بكل الشواهد والوقائع عن «حزب الله»، مدافعاً عن مشاركته في سوريا «خصوصا ان من يعرف حقيقة موقف المسيحيين في لبنان يكتشف أنهم اليوم أشد تأييدا للحزب في خياره السوري بعد الذي حصل بالمسيحيين من تهجير وقتل وترهيب على امتداد الخريطة المشرقية».
مطالعة جابر تركت صداها لدى الديبلوماسيين الحاضرين، لكن المفاجأة كانت في تعليق أحد السفراء الذي قال: «لا تستطيعون المقارنة بين داعش والنصرة من جهة وحزب الله من جهة ثانية. اتجاهان لا يقارنان على الإطلاق. داعش كما النصرة وأمثالهما يغتصبون ويذبحون ويصلبون ويدمرون الخ.. أما حزب الله دائما فيضع أولوية حماية المدنيين، واذا وقع أحدهم أسيرا لديه وكان جريحا يبذل المستحيل ليبقيه على قيد الحياة كما يعامل الأسرى معاملة لائقة.. أبدا على الإطلاق لا مجال للمقارنة».
ويلفت المصدر الى انه «عندما جرى التطرق الى ربط تركيا الاردوغانية مصير الرئيس السوري بشار الاسد بمصير داعش سارع السفير المذكور الى القول: هذا ليس مقبولا، كما هو غير مقبول وضع داعش وأخواتها مع حزب الله في الموقع ذاته».
(السفير)