مُؤشرات لخاتمة «سعيدة» لملف العسكريين المخطوفين جرود عرسال مقبرة للإرهابيين في ظلّ الطوق الأمني ابتسام شديد
لا يمكن بالنسبة الى الكثير من المحللين والعارفين في ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» تكوين صورة فعلية عن حقيقة ما يجري في الجرود العرسالية وبالتالي تبيان ما إذا كان المسلحون الارهابيون فعلاً امام مأزق الشتاء الضارب والقاسي في الجرود العرسالية الذي سيدفعهم الى تجميع قواهم والهجوم كورقة اخيرة هرباً من قساوة الظروف الطبيعية ام ان «النصرة» و«داعش» في انتظار حدث ما إقليمي او داخلي يعولان عليهما لإيجاد مخرج من الاقامة الخانقة لهما في الجرود العالية. فالواقع تقول مصادر متابعة للملف، ان ثمة تضارب في الروايات والتقديرات والمعلومات بين القائلين بان التنظيمين الارهابيين لا يملكان ما يخسرانه طالما يمسكان بورقة العسكريين الضاغطة وبالتالي فان هؤلاء الذين عمدوا الى تحصين مغاورهم ويملكون من السلاح والمؤن الغذائية والتدفئة ووسائل الاتصال والانترنت ما يجعلهم يعتقدون انهم اسياد اللعبة فوق، وبين وجهة نظر القائلين بان تلك الجرود ستكون مقبرة هؤلاء الارهابيين في ظل الطوق الامني الذي تنفذه الوحدات العسكرية على المعابر العرسالية من جهة والحصار المفروض من الجانب السوري وبالتالي فان كل يوم في الجرود يزيد من مأزق المسلحين الذين لا يمكن ان يصمدوا في البرد وفي ظل انقطاع خطوط المواصلات لديهم . وما يزيد من اهمية الفرضية الثانية تضيف المصادر ان المسلحين بدأوا يعمدون الى اظهار الجانب الآخر الذي يظهر الكثير من الايجابيات والذي يعبر عن رغبة في انهاء الحالة القائمة في الجرد، فهؤلاء عمدوا الى وقف تنفيذ الاعدامات وهذا ليس اسلوب النصرة وداعش التي لا يوقفهما احد عن وحشيتهما واجرامهما إلا إذا كان ثمة مخارج تلوح في الافق، وعمد هؤلاء ايضاً الى تنظيم زيارات لأهالي العسكريين وهذا ما لم يحصل في اي جبهة قتالية للمسلحين في العراق او في سوريا حيث كان الارهابيون غالباً ما يقومون بتصفية ضحاياهم وبدون تردد . وهذا العامل كما تقول المصادر يحمل الكثير من المؤشرات على ان ملف العسكريين يمكن ان يصل الى خاتمة سعيدة رغم معاناة العسكريين المخطوفين في الاسر وعائلاتهم.
ولكن من جهة اخرى يبدو تشير المصادر الى ان الخيار العسكري حتى الساعة لتحرير الاسرى يصعب السير فيه لعدم تعريض حياة العسكريين المخطوفين للخطر، خصوصاً ان التقارير تشير الى توافد اعداد كبيرة من المسلحين «الداعشيين» المتوافدين من الحدود العراقية السورية وحيث ان شن هجوم على هؤلاء دونه حسابات عسكرية كثيرة في ظل تحصن هؤلاء في الجرود واقامتهم لمتاريس وقلاع محصنة بقوة ، كما لم يتم تسييل الهبات العسكرية بعد او الاستحصال على الآليات العسكرية والأسلحة اللازمة لمعركة عرسال «الجزء الثاني»، في حين ان التفاوض مع الإرهابيين وكل الصيغ التي يتم التداول بها لجهة الافراج عن الموقوفين الاسلاميين في رومية او المقايضة مع السجينات في السجون السورية تبدو في غير السياق المنطقي والمقبول في ظل رفض فريق سياسي دخول النظام السوري في ملف الموقوفين، ومن جهة اخرى ان لهؤلاء ملفات خطيرة وارتباطات باحداث امنية كبيرة وان السلطة السياسية تسعى مع القضاء لعدم إطلاق الموقوفين المصنفين في خانة الإرهابيين الخطيرين.
وتؤكد المصادر ان الدولة من الأساس لم تكن تملك القدرة على المبادرة في ملف الأسرى، وليس صحيحاً انها خضعت لشروط الخاطفين والارجح ان الخيارات ضاقت امام السلطة بعدما بات واضحاً ان المجوعات الارهابية عمدت على توتير الأجواء الداخلية واللعب بمشاعر اهالي المخطوفين العسكريين للضغط على المؤسسة العسكرية وتأليب اهالي الاسرى على مؤسسة الجيش وإظهارها بدور العاجز عن إيجاد الحل لتحرير ابنائهم من قبضتها.
وبالعودة الى الحل الذي تحاول إرساءه السلطة السياسية، فان إطلاق بعض الموقوفين الذين تعمل الجهات القضائية والأمنية على درس ملفاتهم لا يعني في الحسابات العسكرية ان الجيش قدم التنازلات بحسب المصادر، فالقيادة العسكرية لم تتول عملية التفاوض مع الإرهابيين خاطفي العسكريين ولا مرة وهي لن تفعل، ولم تتوان عن متابعة العمل الميداني وقتال التكفيريين في جرود عرسال حتى الساعة، وهي تكبدت الخسائر البشرية في صفوف ضباطها وجنودها لمنع الزحف «الداعشي» الى لبنان وبالتالي لا يمكن العودة الى الوراء كما استطاع الجيش تعطيل مشروع الإمارة الإسلامية في طرابلس وعرسال في حين سقطت مناطق اساسية امام غزوة «داعش» في العراق ودول اخرى تمكن منها التنظيم الارهابي .