يلعبون في الساحة الخلفية: موشيه آرنس
يجب القول أولا وقبل كل شيء أن العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة جيدة وستستمر كذلك. الولايات المتحدة هي الصديقة الأقرب لاسرائيل، وليس لها صديقة أفضل من اسرائيل. لا يمكن مقارنة التقارب بين الدولتين مع علاقة الولايات المتحدة بأي دولة اخرى. إن هذه العلاقات تستند الى مباديء مثالية ومصالح استراتيجية مشتركة.
كل واحدة من الدولتين تلعب في الساحة السياسية للدولة الاخرى، وهذا ايضا جزءا من العلاقات الخاصة بينهما. المواضيع التي تختلف عليها واشنطن والقدس تنعكس ايضا في السياسة الداخلية للدولتين. هل من الغريب أن البيت الابيض يرد بغضب عندما يؤيد اعضاء الكونغرس مواقف معارضة لمواقف الادارة، ويُشكك بأن رئيس حكومة اسرائيل هو المتسبب بذلك؟ وبنفس القدر فان غضب رئيس الحكومة ليس مفاجئا حيث أن اعضاء في المعارضة الاسرائيلية يؤيدون المواقف التي يطرحها اوباما. ويستنتج نتنياهو أن هذه محاولة من واشنطن لاسقاط حكومة الائتلاف الاسرائيلية. هذه الشكوك ليس لها أساس من الصحة، لكن في ظل الخلافات لا يمكن كنسها تحت البساط – لا يمكن التملص منها، وفي ظل هذه المعطيات يجب عدم الهوس والانجرار وراء الاعتقاد أنه وراء البحار هناك من يريد النيل منك.
الحقيقة هي أن الكثيرين من اعضاء الكونغرس الامريكي يؤيدون اسرائيل بلا تحفظ أكثر من تأييدهم لزيادة الخلاف حول موضوع السلام مع الفلسطينيين. فهم لا يحتاجون الى تشجيع من القدس لاجل إسماع صوتهم، وفي المقابل فان الكثيرين من اليسار الاسرائيلي يأملون أن تضغط الولايات المتحدة على اسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين، ويهددون باسقاط الائتلاف اذا لم تخضع اسرائيل. هذه الحقيقة معروفة جيدا في واشنطن ولا حاجة لأن نشجعها بشكل مباشر.
اضافة الى أن الكثيرين من اعضاء الكونغرس يوافقون على تحفظات نتنياهو فيما يتعلق بالمفاوضات مع ايران. الحديث عن اختلافات شرعية، لكن مؤيدي اسرائيل في واشنطن يعتبرون أنها غير شرعية، وهم يسعون الى التأثير في المفاوضات، والأدهى من ذلك السعي الى تحقيق انجازات سياسية عن طريق معارضة الرئيس. فعندما يزعم اليسار الاسرائيلي أن نتنياهو يبالغ في حجم الخطر المتوقع من ايران الذرية – فان خطوط الاختلاف تعبر المحيط الاطلسي.
يتضح أنه حصل تغيير منذ انتخاب براك اوباما. ففي خطابه في القاهرة قبل ست سنوات قال إنه على عكس رؤساء سابقين ينوي الكشف عن الاختلافات مع اسرائيل التي تم النقاش حولها في السابق والتي كان يتم حلها وراء الابواب المغلقة. ومنذ ذلك الحين فان التقارير المتبادلة صحيحة في جزء منها وكاذبة في جزء آخر. وساهم الاعلام في الدولتين في زيادة هذه الاختلافات، الاعلام الذي بالغ في تقاريره وخرج عن النطاق. ورغم أن اسرائيل هي دولة صغيرة فهي ترفض الاملاء الامريكي والملاحظات التي قيلت بدون تفكير من قبل شخصيات امريكية لم تُذكر اسماءها.
ومع ذلك لم يكن ذلك ليحدث لو أن اسرائيل لا تحظى بدعم كبير من الولايات المتحدة. بالنسبة للديمقراطيين والجمهوريين فان هذا يعتبر تغييرا، ويبدو أن خبراء اسرائيليين بالشأن الامريكي لم ينتبهوا لهذا التغيير بعد. في الماضي جاء التأييد للاسرائيليين من الديمقراطيين – في السنوات الاخيرة أصبح التأييد من الجمهوريين. هذه الظاهرة أكثر أهمية من العناوين الفاضحة التي تظهر بشكل شبه يومي في وسائل الاعلام الاسرائيلية، وهي تُنبيء بمستقبل ايجابي للعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة.
هآرتس