زبالة الطوائف ابراهيم الأمين
أهضم ما في سياسيي بلادنا، أن لا شيء يلهيهم عن السرقة. طبعاً كل شيء مضروب، فلا بأس من العودة في كل مرة الى الدولة. هي بقرة حلوب ولو لم يبق منها إلا القليل.
جديد هؤلاء، أمراء الطوائف أنفسهم، العمل على النفايات. تناسى الجميع، أو الغالبية الساحقة، كل النقاشات النقدية لعقود الدولة مع شركة سوكلين وأخواتها. بإمكان إدارة الشركة، ورئيسها ميسرة سكر شرح كيفية معالجته معظم احتجاجات هؤلاء.
وبالمناسبة، يروي ناشط ناقد لهذه العقود أن سوكلين نجحت في التعامل مع دورها كمؤسسة خاصة، لكنها تخضع لنفوذ القطاع العام، ما جعلها تدير عملية التوظيف لديها بما يلبي حاجات قوى وشخصيات وقطاعات ومناطق، وبما أتاح لها القيام بخدمات نظافة إضافية ترضي من خلالها حشداً إضافياً من هؤلاء. ومع ذلك، فإن «الشبيبة» لا يروقهم الأمر على هذا النحو.
قبل مدة، عندما اشتعلت قضية مطمر الناعمة، حصل هرج ومرج انتهى الى تولي وليد جنبلاط إقناع المحتجين بأنه سوف يوفر الحل شخصياً. وعمل مع الحكومة والآخرين على مشروع بقي بعيداً عن الإعلام لبعض الوقت، قبل أن يتضح مشروع الأخ: فلتنظف كل طائفة وسخها!
بحسب وصفة البيك، فإن بمقدور الكتل المالية الواقعة تحت سلطة القيادات الطائفية في لبنان، أن تقيم لنفسها شركات تتولى الأمر. وهو بادر قبل غيره، الى التفاهم مع حفيد رياض الصلح، رجل الأعمال رياض الأسعد، على إنشاء شركة، يحضر فيها تيمور جنبلاط، وتكون جاهزة للقيام بأعمال كثيرة؛ من بينها خدمات النظافة. وسعى جنبلاط الى توسيع دائرة المساهمين من شخصيات مالية كبيرة في الدولة. وهو أبدى استعداده لوضع قطعة أرض كبيرة يملكها في منطقة الشوف، تحت تصرف هذه الشركة من أجل تلبية متطلبات القيام بدور كالذي تقوم به شركة «سوكلين» اليوم، وسارع الى إنضاج الأمر من خلال جولات وصولات، كانت ترد تحت عناوين «معالجة المشكلة الرئاسية، ومنع الفراغ والشلل النيابي، وتخفيف الاحتقان الطائفي، و…». وانتهى به الأمر بأن يعرض على «الشيعة» جعل خدمات هذه الشركة مشتركة، بحيث تغطي كتلتي الشوف وعاليه والضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يفترض أن كمية النفايات الصلبة المجمعة من هذه المنطقة تنافس بقوة ما تقوم به سوكلين في بيروت وحدها. بما يعني أن جنبلاط أخذ في عين الاعتبار أن يترك سوكلين تقوم بعملها، لكن بعد حصرها في العاصمة، ويترك لها حق التمدد نحو بعض المدن، لكن شرط أن يكون ملعبها «عند السنّة»، ولم يمانع جنبلاط أن ينطلق البحث مع رجال أعمال مقربين من التيار الوطني الحر، من أجل أن يقوموا بدورهم بإنشاء شركة تتولى بعض المناطق المسيحية. لكن جنبلاط لم يهتم هنا مباشرة لمصالح حزبَي الكتائب والقوات اللبنانية، وربما فكر هو، وآخرين، بأن يتولى سعد الحريري إقناعهما بأخذ حصة من سوكلين نفسها، أو الانضواء كشركاء في شركات أخرى.
وعليه، قفز البيك فرحاً بأن الوصفة باتت جاهزة. وفيها: كسر لاحتكار سوكلين، وتوزيع المسؤولية على الطوائف، وتركها تقيم شركاتها القادرة على تحقيق المهمة.
لكن كيف نحل مشكلة المطامر؟
للبيك ورفاقه في هذا المشروع تجربة كبيرة، إذ يتجه الجميع الى مجلس الوزراء فيقر مشاريع عقود مع الشركات الطائفية للقيام بأعمال الكنس والجمع، بينما تنفق الدولة من موازنتها نحو مئتي مليون دولار لأجل بناء المطامر، وإذا حصل الأمر كما يجب، فإن جنبلاط يعرف أن بمقدور الزعامات الطائفية إقناع جمهورها بضرورة إقامة مطمر في كل منطقة، أو قمع أي تحرك اعتراضي.
وبحسب المشاريع المتداولة رسمياً أو بصورة جانبية، فإن من يحمل الملفات الى مجلس الوزراء سوف يكون حريصاً على تقديم مشروع يحاكي حساسية موجودة عند جميع من يجلس على طاولة مجلس الوزراء. ويتكل هؤلاء على أنه لا يوجد في الحكومة من يمثل الدولة فعلياً، وعندها لا محاسبة ولا مساءلة ولا من يحزنون.
السؤال اليوم لا يوجه فقط الى قوى 14 آذار وجنبلاط، ومعهما الرئيسان نبيه بري وتمام سلام، بل الى حزب الله والتيار الوطني الحر. وهو سؤال بسيط: هل أنتم توافقون على مشروع جنبلاط أم ماذا؟
طبعاً، توقعوا، أيها اللبنانيون، أن الجميع سوف يجيبكم بكلام عن خطر «داعش» الواقف على الأبواب. هؤلاء يعتقدون أن «داعش» أكثر خطورة على الناس من أوبئتهم التي تحتاج الى مكافحة بالكيّ بعدما فشلت كل العلاجات الأخرى.
(الأخبار)