مقالات مختارة

من الذي انتصر في الحرب الأخيرة؟ موشيه آرنس

 

هل انتصرت اسرائيل في عملية «الجرف الصامد»؟ هذا يتعلق بمن يُسأل. بنيامين نتنياهو، موشيه يعلون وبني غانتس، الذين ظهروا في التلفاز ليلة اعلان وقف اطلاق النار ، وحاولوا جاهدين اقناع الجمهور الاسرائيلي بأن اسرائيل قد انتصرت: إن الارهابيين الذين قصفوا المدن، ونجحوا في اغلاق المطار فترة من الزمن، سيفهمون عند خروجهم من اماكن اختبائهم ويشاهدون الدمار الذي خلفه سلاح الجو الاسرائيلي – سيفهمون أن ليس من الجدير العودة الى هذه التجربة.

يمكن أن يكون الكثير من الاسرائيليين اقتنعوا بما قالته القيادة، وآخرون أرادوا الاقتناع بذلك، بالنظر الى الثمن الكبير الذي دفعه جنود جيش الدفاع الاسرائيلي. ولكن هل هذا هو ما سيحدد في نهاية المطاف نتائج الحرب الدامية؟ كيف ترى حماس وحزب الله وايران والفلسطينيون في غزة وفي الضفة وفي القدس نتائج المواجهة بين 15 ألف مقاتل من حماس والجهاد الاسلامي وبين جيش الدفاع الاسرائيلي، بالدبابات وجنود المشاة وسلاح الجو وسلاح البحرية؟.

نتذكر هنا الفرحة في اسرائيل التي تزامنت مع الانسحاب أحادي الجانب من الشريط الامني في لبنان في أيار 2000، التي خطب بعدها حسن نصر الله خطبة «خطاب النصر»، حيث قال إن اسرائيل برغم قوتها فهي أضعف من بيت العنكبوت. ويكفي سلاح بسيط مع التصميم للقضاء عليها. هذا الموقف اعتبر انسحاب اسرائيل مثل نصر لحزب الله واثبات امكانية الانتصار على اسرائيل رغم قدراتها. هذا الموقف وقف وراء تحرش حزب الله بعد ذلك بست سنوات، مما أدى الى حرب لبنان الثانية. الكثيرون في المؤسسة الامنية الاسرائيلية يعتقدون أن هذا الموقف هو الذي أدى الى اندلاع الانتفاضة الثانية بعد الانسحاب من جنوب لبنان بأربعة أشهر.

القناعة بأن اسرائيل هُزمت على يد حزب الله في حرب لبنان الثانية دفعت حزب الله وحماس الى امتلاك عشرات آلاف الصواريخ الموجهة ضد السكان المدنيين في اسرائيل والتي سيتم اطلاقها عاجلا أو آجلا.

في كل جولة من جولات الحرب مع حماس – عملية «الرصاص المصبوب» و»عمود السحاب» – اعتقد زعماء اسرائيل أنهم استطاعوا ردع حماس عن استئناف الهجوم على اسرائيل. وقد اتضح في كل مرة أنهم مخطئون. قناعتهم لم تلائم قناعة قيادة حماس.

هل هم مخطئون هذه المرة ايضا؟ هذا ما ستقوله الايام، ومن الآن فمن الواضح أن قيادة حماس لا تفكر بنزع سلاح المنظمة، وجزء من الاموال التي تدخل الآن الى القطاع ستُستخدم في اعادة تسليح حماس والجهاد الاسلامي.

من المعقول جدا أن وجهة النظر التي تقول إن الجيش الاسرائيلي لم يستطع هزم حماس في غزة هي التي تتسبب بالاحداث العنيفة في القدس. لا شك أن السكان الفلسطينيين في المدينة يعانون من الاهمال على مدى السنين من قبل بلدية القدس والحكومة، وهذا الاهمال هو تربة خصبة لاندلاع المواجهات العنيفة. اضافة الى ذلك فقد حصل تصعيد تدريجي للاحداث التي اندلعت بعد قتل الفتى محمد أبو خضير، والأحداث استمرت كلما زاد عدد القتلى الفلسطينيين في قطاع غزة. هذه الأحداث تأججت في أعقاب نداءات حماس والجناح الشمالي للحركة الاسلامية، ومع ذلك فلا شك أن عدم قدرة الجيش الاسرائيلي على هزم 15 ألف مقاتل من حماس والجهاد الاسلامي في عملية «الجرف الصامد» ساهمت اسهاما كبيرا في استمرار التصعيد والمواجهات في القدس. واذا كان الامر كذلك، فمن الذي انتصر في الحرب الاخيرة في غزة؟.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى