تحية الميلاد لإخوة التراب
غالب قنديل
نحتفل في الشرق العربي بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح، وتزهو بلداننا بنعمة التنوّع والعيش معا، رغم كلّ الأحزان والمآسي، التي تلفّنا من فلسطين الى لبنان الى سورية والعراق واليمن. لكننا نستمد من معاني هذا العيد، أي ولادة السيد المسيح وبشارة الأمل، قيم الفداء والصلابة في الدفاع عن المبادئ الجامعة في الإنسانية، وفي وحدة الانتماء الوطني والقومي.
في عيد الميلاد هذه السنة يعيش شعبنا العربي آلاما متعددة المصادر، ناتجة عن دوام الاحتلال والعدوان على أرض فلسطين. بينما تعصف الأزمات في شرقنا بنتيجة ما يمارسه الغرب من تنمّر وعداء بمنظومة العقوبات الاقتصادية على بلداننا، وبالحصار السياسي، الذي يتخذ طابع الحرون والعدوان العالمي على الشرق العربي، وبالأخص سورية ولبنان واليمن.
إننا في احتفالنا بعيد ميلاد السيد المسيح نؤكد وفاءنا لإخوة التراب من أشقائنا المسيحيين في جميع بلداننا، في العراق وسورية وفلسطين ولبنان واليمن وعلى كل حبة تراب عربية. وهذه الأخوة التي هي قدرنا ومصيرنا، هي شراكة حياة وإبداع وابتكار، كما هي عهد صمود ومقاومة ووحدة مصير.
كلّ التحية للمسيحيين العرب في الوطن والمهجر بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح، وكل التحية لصاحب العيد، الذي كان رسالة محبة وأخوّة، وكان نداؤه الذي يتردّد صداه الى اليوم: “دعوا الفقراء يأتون اليّ”. أليس الفقراء ملح الأرض، وهم المستضعفون، الذين كانوا ولا يزالون قوة الكفاح من أجل العدالة الإنسانية وإسقاط العبودية والظلم في كلّ مكان.
إن أخوّتنا في هذا الشرق العربي هي ميثاق مقاومة ضد الظلم والاستعباد ووحدة مصير وكفاح في مسيرة النهوض ببلداننا العربية، ومقاومة الغزاة والمحتلين، الذين يستهدفون إذلالنا والهيمنة على خيراتنا وسلبنا. إن المعنى الرئيسي لهذا العيد يتجسّد في نصرة فلسطين مهد السيد المسيح ورمز الظلم الاستعماري لكلّ العرب الأحرار والشرفاء. ونحن في هذا العيد نتوجه بالتحية الحارّة والأخوية لجميع أهلنا المسيحيين العرب في الوطن وفي المهجر، ونحتفل معهم بوحدة الحياة في شرقنا العزيز، وبإرادة المقاومة والصمود، وبعهد النضال حتى نسترجع، للعيش على تراب شرقنا، كلّ من اغتربوا أو هاجروا، ولم يتخلوا عن هويتهم وانتمائهم مسيحيين ومسلمين. ونعلن تمسّكنا بالعيش معا، وبالنضال معا من أجل التحرّر والاستقلال. وهذا عهد الشهداء وعهدنا لهم، عهد المقاومة والصمود.
باسمي وباسم أسرة الشرق الجديد أجدّد عهد الوحدة والمصير الواحد لإخوة التراب المسيحيين العرب، وأقول لهم جميعا كلّ عام وانتم بألف خير أحراراً أباةً مقاومين.