حزب الله ودوره الريادي في الدفاع عن الإنسان
غالب قنديل
يتصدّى حزب الله المقاوم لمهمة تاريخية في دفاعه عن نقاء صورة الإسلام كفكر وكرسالة إنسانية تؤمن بالحوار الى الإخاء بين جميع الناس أيّا كانت جنسياتهم أو معتقداتهم، فشراكة الحياة الإنسانية تتقدّم على تخوم العقائد والقوميات، التي يتوزّع عليها الناس في المعمورة.
أولا: يقف حزب الله كقوة تحرّر وطني معادية للاستعمار وللصهيونية في مقدمة المدافعين عن الإخاء الإنساني واحترام حرية المعتقد دون تمييز، وهو يقدّم نموذجا رياديا في التعامل مع جميع مواطنيه اللبنانيين والعرب وغيرهم في العالم برفضه لكل تمييز ولكل دعوة عنصرية تنتقص من القيم الإنسانية. وهذا يجسّد جوهر رسالته الثقافية وخطابه السياسي المتميّز الى اللبنانيين والشعوب الأخرى في المنطقة وفي العالم.
من هذا الموقع يتصدّى حزب الله لحركات التكفير والإرهاب، وهو جسّد رؤيته الثقافية والفكرية في ميادين القتال، ودفع ثمنا غاليا من دماء شبابه في التصدّي لعصابات التوحّش التكفيرية، ولذلك فهو القوة الرائدة، التي أقرنت القول بالفعل، ولم تكتفِ بخطاب نظري، يدين التكفيريين ثقافيا دون تجسيده في الميدان. وعلى العالم أن يعترف لهذه الحركة المقاومة والإسلامية أنها رفدت مقاومة البشرية للتوحّش التكفيري بقوة أصيلة تمتلك المشروعية التاريخية والوطنية، وتتفوّق أخلاقيا على سائر الجهات المتطرّفة التي غطّت المذابح أو ساهمت في ارتكابها.
ثانيا: إن الهوية الوطنية والقومية لحزب الله كمقاومة لبنانية وعربية معادية للاحتلال الصهيوني حقّقت إنجازات نوعية في تاريح المنطقة، ومن أبرزها ردع العدو الصهيوني وبناء معادلات جديدة في إدارة الصراع ضد هذا العدو من الموقع القومي التحرّري، الذي يمثّل فيه الحزب وجدان الأمة العربية برمّتها وليس الشعب اللبناني بمفرده، وهو استطاع أن يرقى بخطابه الى المستوى العربي العام، عدا عن تغطية العالم الإسلامي وهمومه التحرّرية في مجابهة الغطرسة الاستعمارية.
يتكامل البعدان الإسلامي والعروبي في هوية الحزب الفكرية وفي خطابة السياسي والإعلامي، ومن هنا فإن المقاومة التي يقودها ضد العدوانية الصهيونية تحمل بعدا مهما على الصعيد الأممي في مجابهة التكفير والعنصرية بجميع تجلياتها.
وخطاب الحزب الى سائر الشعوب يمثّل تعبيرا عن نزعة الإخاء الأممي اتجاه شعوب العالم وقومياته الأخرى، وقد أثبت قدرة ثقافية مهمة من موقعه الإسلامي من خلال اتخاذه مبادرات نوعية تحمل أبعادا إنسانية في التعاطي مع الأمم والشعوب الغربية، وهذا يكشف المستوى الحضاري الراقي لفكر هذا الحزب وهذه المقاومة. وفي هذا السياق ينبغي الإقرار لحزب الله بريادية خطابه الحضاري المتميِّز الموجّه الى الشعوب الغربية، مقابل كمية هائلة من حالات الجحود والكراهية الصادرة من العواصم الغربية اتجاه المقاومة والمسلمين، دون أي مداخلة جديرة بالاهتمام لكبح جماح التطرّف المدمّر، والذي سيكتشف الغرب أن كلفته عليه لن تكون قليلة.
ثالثا: هذه الرياديّة التي تتميّز بها المقاومة اللبنانية تملي عليها، كما على الآخرين مسؤوليات كبيرة. والمستغرب هو الجحود الغربي، الذي لم يعترف حتى اليوم برياديّة حزب الله، وهو حركة مقاومة وتحرّر، تحترم حرية المعتقد، وتقدّر جميع الديانات، وتلتزم بالقيم الإنسانية، وتدين وحوش التكفير وتعتبرهم ناشزين عن جوهر الدين الإسلامي وقيمه. وثمة حركات إسلامية أخرى تشاطر الحزب تلك الأفكار، بينما يُضيّع الجحود الغربي الناتج عن مجاراة الصيونية وأطماعها ودورها العدواني في منطقتنا فرصة ثمينة لقيام شراكة فعلية ضد التوحّش، سواء كان غربيا استعماريا أو صهيونيا أم تكفيريا، يَزعم انتماءه الى الإسلام البريء منه، كما يعرف المخطّطون الغربيون. وأيّ مراقب موضوعي ومنصف لأحداث منطقتنا والعالم.
إن آفة التطرّف تُقَاوَم بروح الإخاء بين الشعوب، وتستدعي وعيا وثقافة عامة، ترتكز الى القيم الإنسانية، وتتصدّى لكل عنصرية أو تطرّف. ويستوي في ذلك وباء الصهيونية وإرهابها العنصري مع الإرهاب التكفيري، وهما معا خطر يتهدّد الإنسانية بأسرها، وكلُّ محاولة لالتماس الأسباب التخفيفية، التي تبرّر العلاقة بالصهاينة أو بالتكفيريين، هي انحياز للتوحّش المعادي للإنسانية، وتغطية للعنصرية، وهذا ما تفرضه المباديء والأعراف الأخلاقية والقيم الإنسانية بجميع تلاوينها.