صاغية وخطاب شيطنة حزب الله
غالب قنديل
في صياغة سفسطائية تلصيقية وبمنطق شكلي صوري كالعادة أدلى السيد حازم صاغية بقسطه مجددا في حملة شيطنة حزب الله وفي مقالة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط السعودية يوم الأحد الماضي تحت عنوان “النظرية الخرقاء في فهم حزب الله ” تناول سيرة حزب الله وتاريخه السياسي فاض فيها بجرعات ثقيلة من الشيطنة والتزييف.
أولا اورد السيد صاغية في مستهل مقالته بعض الوقائع لدعم منطقه السياسي الذي يدعي له عصمة المعرفة التي يرطن بها وأسأنا الظن حين افترضنا شيئا من الخفر الذي يقصي من نصوصه التلفيق الفكري والسياسي ونكران الوقائع الظاهرة والمعترف بها سياسيا في جبهة العدو ومن مستويات قياداته العليا ولكن للأسف فقد فاض نصه بمزاعم تكذبها الوقائع الصارخة ولا يجرؤ العدو نفسه على التفوه بها.
كما يفعل خبراء التضليل والتعمية في مدارس البروباغندا الغربية ساق “الأستاذ” بعض الحقائق تمهيدا لجرعة الشيطنة الخالصة التي اختار ان يقدمها للقراء العرب فجال بكلمات في تاريخ حركات التحرر العربية من الجزائر إلى مصر فسورية لينسب إلى جذورها الوطنية والقومية الاستقلالية ما يوصفه بالحاصل الاستبدادي وبالطبع يغفل الكاتب عامدا عن استبدادية المملكة التي يكتب في صحيفتها مختزلا المشهد على طريقة المنطق الشكلي البراني الشهير في ثنائية الطربوش والحذاء الأحمرين فركز على رفض ما يردده بعض مناوئي حزب الله والمقاومة من انه تحول إلى شيء مختلف بعد سنوات القتال والتحرير مستخدما ثنائية الخير والشر في توصيف إيحائي مقصود يخدم غاية الشيطنة وقد كرس مقالته لنفي تلك الثنائية منكرا “أي خير” في المقاومة وحزبها منذ الولادة.
ثانيا الغاية التي تسوس أفكار السيد صاغية كما اوردها هي شيطنة حركة المقاومة اللبنانية التي يعترف قادة العدو بأنها تمثل لهم هاجسا وجوديا بجديتها وبتصميمها وبفاعلية كفاحيتها وأسلوبها ومدرستها في إدارة الصراع العربي الصهيوني وكذلك بما تمتلكه من قدرات وإمكانات ومصداقية لدرجة انها باتت عنصر فعل في الرأي العام الصهيوني نفسه ولطالما اعترف كتاب وقادة صهاينة بحزم قيادتها ونزاهتها التي تجعل من تهديدها وانذاراتها حقائق سياسية وعملانية يحسب لها الحساب وتبنى عليها معادلات الصراع حول مستقبل المنطقة بين محوري التحرر والهيمنة والكاتب منحاز حكما إلى المحور الذي تنقل بين منابره منظرا واختصاصيا في هجاء دعاة التحرر والاستقلال وتسفيه أفكارهم وأحلامهم.
والشيطنة هنا ليست تهمة بل هي التشخيص العلمي لما قام به الكاتب الذي يتباهى في سجاله ضد من ينعتون شطرا من تجربة حزب الله “بالخير” من خلال دوره في التحرير من الاحتلال الصهيوني ويزعم لعبقريته الخاصة “اكتشاف أنّ «شرّ» الطور الثاني كان كامناً في «خير» الطور الأوّل. أمّا اجتياح بيروت في 2008 والتدخّل، بعد 4 سنوات، في سوريّا، فلم يكونا سوى لحظتي تتويج لما بدأ مع التأسيس في 1982.” ليوحي للقاريء ان هذا الحزب شر كله من اول الطريق وهذه الديماغوجيا الكليانية لم يسبقه إليها في التعامل مع حزب الله سوى المتطرفون الصهاينة.
ثالثا قام السيد صاغية عامدا بفصل تعسفي بين أحداث بيروت في أيار 2008 ومقدماتها عندما استهدفت حكومة السيد فؤاد السنيورة المقاومة وسلاحها بقرار انقلابي أنهى الاعتراف القائم منذ اتفاق الطائف بشرعية المقاومة وسلاحها والذي ظل ساريا بعد الهروب الصهيوني في أيار 2000 وقد كانت البداية في استهداف شبكة الاتصالات يومها تلبية للمشيئة الأميركية الصهيونية وصولا إلى التطاول على المقاومة وقيادتها وبصورة أجبرتها على التصدي لذلك الفعل بطريقة حازمة ردت المغامرين لحساب القرار الأميركي فوضعت الأمر في نصابه وهو ما اكرهت عليه قيادة حزب الله دفاعا عن خيار المقاومة وسلاحها بل دفاعا عن تفاهم صاحب ولادة جميع الحكومات وانقلب عليه فؤاد السنيورة لتنفيذ مخطط وضعه جيفري فيلتمان.
أما الكذبة الثانية الصارخة التي يسوقها صاغية في معرض الشيطنة فهي تتصل بمشاركة حزب الله في معركة الدفاع عن لبنان ضد عصابات التكفير انطلاقا من الأرض السورية ومنطق وحدة معركة المصير اللبنانية السورية والعراقية أيضا كانت تفرضه الوقائع السياسية وطبيعة التهديد ونوعية المخاطر والسيد صاغية ينكر على حزب الله فضل المبادرة إلى التضحية بخيرة الشباب في التصدي لجحافل القتلة والإرهابيين من عصابات القاعدة وداعش التي نفذت غزوة أميركية صهيونية في الشرق العربي وهددت المسيحيين قبل المسلمين في بلاد الشام وبلاد الرافدين وهو ما يحسب لحزب الله ولقائده وأبطاله وإنكاره لن ينتقص من قيمته التاريخية أمام فضيحة التزوير المتعمد بادعاء غزو المقاومة لسورية لطمس حقيقة ان غزوة الإرهاب القاعدي والأخواني كانت سابقة لتحرك المقاومة الدفاعي بفترة غير قصيرة وهي استهدفت مناطق لبنانية عديدة قبل ان يرسل حزب الله شبابه للقتال في وجه خطر وجودي تمثله جحافل إبادة وتدمير عابرة للحدود يدعمها ويحركها الغرب الاستعماري والحكومات الرجعية التابعة في المنطقة.
رابعا من شواهد تزوير الحقائق طريقة رواية الكاتب عن قرار ايهود باراك بالهروب من لبنان في إطار برنامجه الانتخابي وبكل سلاسة ينسب الكاتب الفضل إلى الرأي العام الإسرائيلي الذي طالبه بذلك من غير ان يقول للناس كيف انقلب ذلك الرأي العام إلى عكس ماكان عليه وما هو دور المقاومة في استنزاف الكيان وجيشه الذي تلاحقت عليه ضربات المقاومين الموجعة فانطلقت مطالبة الجنود وعائلاتهم “للخروج من وادي الدموع ” ومعها توصيات الخبراء والجنرالات الصهاينة والفعل هنا هو لحزب الله ولجميع مناصري المقاومة وحلفائها ولشركاء المعادلة الثلاثية من الجيش والشعب والمقاومة بجميع فصائلها وتياراتها.
مقالة السيد صاغية هي المثال لنص وخطاب متطرفين في هجاء حزب الله وشيطنته وإنكار فضله في تاريخ لبنان المعاصر كمقاومة جمعت بين تحقيق إنجاز التحرير واقتلاع الاحتلال الصهيوني من التراب الوطني وبناء قدرة دفاع رادعة ألحقت هزيمة مدوية بالعدو وبنت ركائز حماية السيادة ومنع الاعتداءات التي كانت قبل هذه المقاومة التي انشأها وبناها حزب الله واقعا يوميا مقيما نهض لموجب الحماية من خطر الإرهاب القاعدي والداعشي فلولا حزب الله وشراكته مع سورية وجيشها لكان لبنان اليوم غارقا في مستنقع دماء وطني عابر للطوائف والمذاهب والمناطق ولم تكن لتفيد أرواح الضحايا مرثيات صاغية المحتملة وبكائياته عن البلد الذي كان.