تحصين الحكومة وحمايتها أولوية راهنة
غالب قنديل
حسمت حكومة الرئيس حسان دياب خيارها وتخطت حواجز الضغط والتهويل وباشرت في البحث الجدي عن مجالات التعاون والشراكة مع الصين والعراق وقد وضعت على الطاولة جدول أعمال مكثف لمباحثات جدية ومثمرة يتوقع استكمالها وتتويجها باتفاقات تشمل الكهرباء والسكك الحديد والطرقات والبنية التحتية وملف النفايات وموضوع الطاقة وتسويق الإنتاج الصناعي والزراعي وفي هذا الجدول بنود عاجلة تحقق انفراجات قريبة وبنود اخرى يقتضي إنجازها بعض الوقت.
اولا التوجه الحكومي الجديد مبني على المصالح اللبنانية الوطنية في البحث عن الشراكات التي يحتاجها احتواء الانهيار الاقتصادي والمالي وتجاوز الأزمة الخانقة الناشئة عن الحصار الأميركي والغربي الخليجي المفروض على لبنان وهو توجه يعكس إرادة استقلالية في طرق أبواب الخلاص الحقيقي للبلد وحلحلة الكثير من المشكلات الضاغطة التي تهدد الحياة اليومية للناس وقد عبرت الحكومة إلى التفاوض العملي مع الصين والعراق في سياق الانفتاح على فرص جدية لإنقاذ لبنان ومساعدته على مجابهة مشكلات مزمنة وخانقة.
ثانيا ما تزال هذه التوجهات في بدايتها وهي واعدة ومجدية لكنها تواجه محاولات مكثفة لعرقلتها ولجم اندفاعتها من خلال الهجمات التي تتعرض لها الحكومة في بعض وسائل الإعلام المعروفة بارتباطها بجهات التمويل والتشبيك من سنوات بعيدة غربا وخليجا وقد تحولت بعض الشاشات إلى عرض شعارات تحريض ودعوات سافرة لترحيل الحكومة بكل وقاحة وخلافا لأي أصول او تقاليد مهنية ناهيك عن مخالفتها للقوانين وتورطها في إثارة اضطرابات بدافع سياسي يخدم جهات خارجية تطمح لاعتراض مساعي الانفتاح التي انطلقت مع الصين والعراق الشقيق وقد تستكمل بحلقات قادمة نحو جيران وأشقاء وشركاء.
ثالثا يمكن الاستدلال على البصمات الأميركية في كل الجوقات المناهضة للحكومة بما سبق وادلى به العديد من مسؤولي الإدارة الأميركية الذين حذروا من مخاطر اختيار لبنان لطريق الانفتاح على الدول الشرقية القريبة والبعيدة منذ وقوع الانهيار المالي والنقدي قبل أشهر وبالتالي في احتمال قرار لبنان فك الارتباط الأحادي بالغرب وانفتاحه على الشرق وبات بالتالي قادرا على التفلت من قبضة الوصاية الغربية والأميركية وانهى مرحلة إدارة الظهر الكاملة للفرص الشرقية السخية والواعدة التي سعت الجوقة السياسية والإعلامية للتقليل من عوائدها الفعلية واطلقت عويلا وجعيرا صارخين في التحذير منها مرة في الاقتصاد ومرة في السياسة واستعانت بخرافات وأكاذيب كثيرة.
رابعا إن ما عزمت عليه الحكومة بدافع إنقاذ البلد يشكل اختيارا لطريق تسلكه حكومات شقيقة وثيقة الصلة بالولايات المتحدة وبالغرب عموما وليست حكومات ثورية غيفارية كحكومات مصر والأردن والكويت والسعودية نفسها التي تعتبر من اهم شركاء الصين وروسيا في المنطقة العربية وبالتالي فلا مصداقية لما يهول به بعض السياسيين المعروفين بارتباطاتهم العوكرية منذ حرب تموز العدوانية التي كانوا طابورها الرديف في الداخل اللبناني بكل وقاحة واليوم ليس استهداف الحكومة بعيدا عن الأهداف الصهيونية وليس هذا الربط افتعالا فطريق العودة إلى حلقة الاستدانة للإنعاش المالي المتخيل بات مشروط بتنازلات سيادية للكيان الصهيوني كما كشفت معادلة شينكر التي ربطت تسهيل الإستدانة من الجهات الغربية والخليجية بالرضوخ لخط فردريك هوف والتخلي للعدو الصهيوني عن جزء من حقوق لبنان البحرية قدر بعض الخبراء مخزوناته من الغاز والنفط بما يتخطى مئة مليار دولار.
خامسا اختيار الحكومة لطريق الشراكات المحصنة سياديا والبعيدة عن الابتزاز الأميركي الصهيوني هو القرار الوطني الاستقلالي الذي يستحق كل الدعم والمساندة ويقتضي سد أبواب الفذلكات والطروحات المائعة المبنية على حسابات سياسية ومالية لبعض الجهات الوكيلة التي شاركت في انشاء وتكوين روايات سياسية عن إطاحة الحكومة واستحضار تركيبة للتقاسم السياسي والمالي على جثة البلد المنهك وبتدفيع الرئيس حسان دياب كلفة شجاعة المغامرة لإنقاذ لبنان وتصميمه على عبور النفق الخانق المدبر الذي ليس قدرا بل يمكن تخطيه بالإرادة وبالتفكير الحر الخلاق الذي يلتقط الفرص ويتحدى الهيمنة والتهديد.