عفوك يا سيد المقاومة والتحرر والعروبة
غالب قنديل
حين تفيض كلمات قائد المقاومة بمرارة عميقة أمام ما سيق وأشيع من تسريبات وإيحاءات وما صدر من مواقف بعد ترك العميل عامر الفاخوري فهذا معناه أن بعض من يعلنون دعمهم للمقاومة وقعوا في فخ خطير فطعنوا أغلى الأحبة وجرحوا أسمى قوة سياسية تحررية في لبنان والبلاد العربية وتطاولوا على مصداقيتها وحصانتها التاريخية المكتوبة بالدماء الزكية والمثبتة بصفحات مجيدة ومبادرات شجاعة وطنية وقومية دفاعا عن الوطن والشعب وعن خيار التحرر والاستقلال وهي الحاضرة بتضحيات شبابها وكهولها ونسائها ورجالها في ميادين التحدي الوجودي على امتداد سنوات وعقود.
أولا من قواعد الخصومة جدارة التناظر ولا يملك أي من القوى المتخندقة ضد المقاومة تلك الجدارة ولذلك فما صدر عنها بالجملة والتفصيل هو تتمة العدوان الأميركي في هذه القضية وهو الأمر الرئيسي كما أشار قائد المقاومة فخصوم المقاومة وأعداؤها يستغلون التباسات الحدث وهذا ما بتنا في غنى عن مناقشته والخوض فيه فمن يصدق مزايدة عملاء العدو الأسبقين وأذناب الأميركي المتمسحين على عتبة عوكر ومن كانوا حول مائدة كونداليسا يوم كان المقاومون بقيادة هذا السيد العظيم يسطرون ملحمة مجيدة في الساحات والميادين ضد الحلف الأميركي الصهيوني وضد الغزوة الاستعمارية الصهيونية للمنطقة وينتزعون النصر في تموز ومن يعطي وزنا لأمعات السفارات الغربية والخليجية وجوقة أكياس المال المنفوط بجميع منوعاتهم في الإعلام كما في السياسة وجميعهم لا قيمة لهم في أي حساب وطني فالمعركة ضد المعتدين الأميركيين والصهاينة هي معركة معهم أولا وأخير.
ثانيا ليس احتمال الصفقة في قضية عامر الفاخوري مدانا بالمطلق فقد راودتنا مع كثيرين فكرة واحتمال أن تكون المقاومة انتزعت بالشراكة مع السلطات اللبنانية صيغة للتبادل قد تحرر مقاومين وأنصارا محتجزين بقرارات أميركية في أوروبا أو داخل السجون الأميركية ومنهم المناضل جورج ابراهيم العبدالله والمغترب قاسم تاج الدين ونحن نعلم من خبرة عمليات تحرير الأسرى من سجون العدو الصهيوني أن لوشيئا من هذا القبيل كان متاحا لما تأخر سيد المقاومة في السعي إليه وفي كلمته الصدق واليقين التي نفى فيها أي صفقة ولا مجال بعد كلامه لأي تأويل ويقينا إن ثقتنا بقائد المقاومة تضعنا تلقائيا مع أي صفقات أو اتفاقات قد يجيزها بميزانه المبدئي والأخلاقي والوطني في إدارة الصراع ضد العدو الصهيوني والمستعمر الأميركي الذي هو قلب العداوة ورأسها كما شرح سماحته غير مرة.
ثالثا وقع بعض المناصرين في توهم وافتراض حجم مبالغ به لقدرة قيادة المقاومة على التأثير في خيارات السلطة ومؤسساتها انطلاقا من مونتها على الحلفاء وقرارتهم وهذا ما قع فيه مرارا بعض الحلفاء أنفسهم الذين طالبوا السيد بترجيح كفتهم في تنازعهم واختلافهم وتنافسهم مع حلفاء آخرين بينما سعت المقاومة للموالفة بين الحلفاء ولتذليل الخلافات بقدر ما استطاعت سبيلا إلى الإقناع .
وقع بعض هذا البعض في افتراض أن وزن المقاومة يتيح لها التحكم والتأثير في آليات عمل المؤسسات في لبنان وهذا ما تخالفه الوقائع الكثيرة اقتصاديا وإداريا وسياسيا وما عرضه السيد من معطيات عن قضية ترك الفاخوري يؤكد المؤكد عن السطوة الأميركية في المؤسسات اللبنانية وعن مطواعية الواقع السياسي ورهبته الفعلية أمام الجبروت الأميركي رغم كل ما يردده من شعارات وبالتالي فمنافذ الخضوع للتدخلات والإملاءات ميسرة سواء بالترهيب أو بالترغيب أم بالتشبيك والاستتباع وابتزاز المصالح وهذا صحيح ودقيق وسبق لنا أن استعرضنا بمناسبة ترك الفاخوري تاريخ تراكم النفوذ الأميركي في بلدنا الذي قامت جميع تسوياته وصيغ الحكم فيه منذ حوالي نصف قرن على تسويات وتفاهمات معلنة أو ضمنية بين محور الهيمنة بقيادته الأميركية ومحور المقاومة والتحرر في المنطقة.
رابعا السلطة القائمة في نظامنا هي تعبير عن صيغة مساكنة فرضتها المقاومة على العدو الأميركي الذي يمسك بمصارفنا وباقتصادنا وبالكثير من الخيوط والخطوط داخل تركيبتنا السياسية التي لا تحسد المقاومة على آلام التشارك معها في إدارة الشأن العام وليس النفوذ الأميركي مفاجئا لأي كان وقد تحملت المقاومة من زمن بعيد آلام خضوع السلطة اللبنانية والمؤسسات اللبنانية للعقوبات الأميركية التي جابهتها منفردة وقعد جميع الحلفاء بمن فيهم بعض المتباهين بجذريتهم عن أي فعل شعبي أو سياسي في مجابهتها وها هي حصيلة العقوبات المتمادية أحدثت الانهيار الاقتصادي والمالي الذي تستثمره الولايات المتحدة لتشديد قبضتها وهيمنتها ولطالما دعا السيد تلك القوى لاستكمال جهد المقاومة ونضالها وحضورها بتصديهم لهذا التحدي التحرري ولا حياة لمن ينادي.
خامسا إن حسم الازدواج اللبناني بين خياري التحرر والرضوخ للهيمنة أو التكيف معها هو المعركة الصعبة التي ينبغي على الوطنيين المفترضين خوضها بدلا من الأستذة على حزب الله والقعود عن أي جهد جدي وهم في ميزان التاريخ فاقدو أهلية الادعاء كما الخصوم فاقدون لأهلية التناظر والندية ويقينا إن الأمر يتخطى بمداه الزمني والتاريخي نطاق قدرة لبنان إلى معادلات المنطقة ومستقبلها ولذلك نقول للقائد نصرالله أنت بطلنا الوطني العروبي التحرري الذي نمحضه الثقة والولاء بقوة التجربة الحية والمستمرة وليس بدافع عبادة الفرد كما اتهمنا مرارا بعض العسروايين المزاودين المتفذلكين.
عفوك سيدي عن أي خطأ أو هفوة صدرا عن أي شخصية سياسية وإعلامية صادقة في انتسابها للمقاومة ثقافة وتجربة وتاريخا وعفوك لأنك اضطررت إلى قول ما قلت وخسيء المشككون أما المتهمون فهم الأنذال الساقطون وليست معضلتهم في مجرد العجز عن فهم مشقة القيادة في بلد شديد الصعوبة كثير الأمراض وفي منطقة بالغة التعقيد وأنت الجامع بين أحمال وهموم ثقيلة كثيرة تؤكد التجارب أنك القائد الشجاع المقدام والحكيم القادر مع رفاقك وحزبك وجمهوره الوفي على حمل أعبائها ومجددا يا سيد نحن المنحازون الملتزمون بما تقدر أو تقرر دون قيد أوشرط ومصداقيتك وحزبك النقي المضحي في وعينا ووجداننا هي الأعلى والأغلى وتجسد كل ما تمنيناه في ما انقضى من أعمارنا نضالا وأحلاما وتطلعات وإنجازات وخيبات.