ماذا يريد المتحاملون على الحكومة ؟
غالب قنديل
خلال أيام تتخطى حكومة الرئيس حسان دياب عتبة الثقة في المجلس النيابي ليبدأ عمرها الدستوري في تسلم السلطة التنفيذية وهي تحمل أعباء وضع لاتحسد عليه وتحديات صعبة متراكمة وينطلق العد للمئة يوم الأولى من عمر الحكومة التي يريد وزراؤها ورئيسها أن تكون مجالا لجدول إنجازات يمكن بعده تقديم كشف حساب يصلح رصيدا للانطلاق بثقة في ورشة إنقاذ اقتصادية ومالية والسعي إلى تحريك عجلة المؤسسات العامة والقطاعات التي يخنقها ركود شديد تجمعت أسبابه بين الشح والحصار وسوء الإدارة والتصرف وهدر الفرص.
اولا تسابق حكومة الفرصة حملات إعلامية وسياسية مكثفة تحكم عليها بالفشل قبل ان تباشر مهامها الفعلية وتختبر وعودها في الواقع وتشترك في الحملات جوقة سياسية تضم الاطراف والجهات التي اخرجت نفسها من أي شراكة في السعي لوقف الانهيار وعلى الرغم من مسؤولياتها الكثيرة عن وجوه عديدة للتردي والقصور وعن الخيارات التي تبين فشلها وأسفرت عن كارثة محققة يتخبط فيها البلد.
إن دراسة مضمون الحملات يكشف خطة لإفشال الحكومة ولمنعها من التقدم في مسار تنفيذ أي خطة إنقاذية قد تقرها وهو ما يكشف تحلل مهاجميها والمشككين بها من أي مسؤولية وطنية ولجوءهم إلى ممارسة تخريب منهجي على حساب جميع اللبنانيين في ظرف صعب يتطلب التكاتف والتضامن بحثا عن الحلول والمخارج الحقيقية ويفترض في أضعف الإيمان التقيد بفترة السماح التي تطلبها الحكومات والمتابعة الحثيثة للبرامج والخطط العملية ومناقشتها وانتقادها بمنطق واقعي عملا بمبدأ الفرصة الإنقاذية.
ثانيا يردد منظرو فرضية الفشل كذبة كبيرة عن الرفض الشعبي لمنح الحكومة الفرصة التي طلبتها وهم يحاولون ترويج منطق تحريضي ضد الحكومة لشيطنتها منذ إعلانها ويجري نشر انطباع سلبي عن الموقف الشعبي الذي يتطلع إلى فرصة فعلية لالتقاط النفس ولمحاولة اخراج البلد من نفق خطير ولكن المتحاملين يستخدمون بعض كسور حراكية حزبية ومبرمجة ومجموعات شغب منظمة يتم نقلها بين المناطق بتدبير وتفعيل سياسي للمشاغبة وافتعال الصدامات مع قوى الأمن والجيش ولاستدراج صدامات في الشوارع بأي ثمن لتلفيق رواية زائفة عن الرفض الشعبي وينساق بعض الحراكيين في تلك المظاهر المبرمجة.
الواضح لمن يتابع تراجع زخم التجمعات وارتفاع الضجيج الإعلامي الذي تبثه منابر غير بريئة وغير موضوعية وكانت واضحة منذ اندلاع الانتفاضة في سعيها لخلق بيئة افتراضية تسهل ركوب الانتفاضة وتجييرها سياسيا بعد خطفها وما يجزم بعدم براءة ذلك السلوك الإعلامي هو ما بات معروفا عن بعض مالكي الوسائل الإعلامية من ارتباطات مالية وسياسية خارجية وداخلية تجندهم في خطط دحرجة الفوضى.
ثالثا يستقوي طابور التفشيل والتجني بما يروجه عن المواقف الخارجية ومدى التجاوب مع طلبات الحكومة الجديدة للمساعدة في احتواء نتائج الانهيار وينشر بعض المحرضين انطباعات وتوقعات مسبقة عن رفض حكومات العالم وما يسمونه بالمجتمع الدولي وحكومات المنطقة لمد يد المساعدة على الرغم من البيانات والمواقف التي توحي بالعكس وقبل ان تباشر الحكومة تحركاتها واختبارات النوايا وتتضح بالتالي النتائج الفعلية لمبادراتها بل وقبل ان تطرح الحكومة مشاريع الخطط المتعلقة باحتواء نتائج الانهيار والحد من تفاقمها اقتصاديا واجتماعيا.
ذلك الخارج الذي كالوا له المديح وارتبطوا به لعقود يقولون اليوم انه يرفض المساعدة والأولى بهم ان يستنكروا وأن ينحازوا إلى بلدهم واستقراره وكرامته الوطنية لكنهم على العكس يستقوون بشماتة وتبجح بما يتوقعونه ويوحون به من سلبية حول الموقفين الأميركي والسعودي بينما يسعون لتوليد انطباع زائف ومضلل آخر يروجونه لدى السفارات والموفدين عن كون الحكومة حكومة فريق من الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية بينما هي في الواقع حكومة خبراء يدعمها فريق سياسي وهم ينتمون إلى فريق استنكف عن دعمها ويريد لها ان تفشل.
رابعا إن فرصة وقف الانهيار تعني جميع اللبنانيين بدون استثناء ويتطلب إنجاحها وتحصينها من حكومة الرئيس دياب مبادرات إعلامية وخطوات منتجة ومجدية يتم تظهيرها مع نتائجها للرأي العام كما يستدعي الاحتفاظ بجميع الخيارات الممكنة في السعي إلى طلب المساعدة والبحث عن الشراكات الإقليمية والدولية الداعمة لفرصة الإنقاذ وهذا حق سيادي للسلطات اللبنانية.
تقع على عاتق داعمي الحكومة من القوى السياسية والكتل النيابية مسؤولية تحصين الخطوات والخيارات التي تتخذها ومنع ترهيبها وابتزازها بداعي العرقلة والتخريب فقد لاحظنا خلال اليومين الماضيين كيف بدات بعض الابواق الممسوكة بالصراخ حول ما قد تقوم به الحكومة اتجاه الشقيقة سورية لبحث ملفي النازحين والعلاقات الاقتصادية المتشعبة بين البلدين وأقل المتوقع تسهيلان سوريان مهمان وضروريان في ملفي النازحين والصادرات الزراعية والصناعية اللبنانية.
بعض الصراخ الذي يستهدف الحكومة يهدف إلى تكتيفها بترهيب سياسي وبابتزاز مقصود لمنعها من اتخاذ مبادرات بناءة تساعد على انفراج الوضع الاقتصادي والمالي وهذا ما يتطلب من الشرفاء والمخلصين مؤازرتها والانحياز إليها دون تردد.