الأكاذيب الأميركية وحروب الهيمنة
غالب قنديل
انطلقت جوقة اتهام إيران بحادثة ناقلتي النفط في بحر عمان في لحظة الإعلان عن وقوع الانفجارات وبدا واضحا ان إدارة ترامب تسعى لتلفيق الاتهام وتثبيته كانطباع سياسي يسهم في تفعيل حملة الشيطنة المستمرة ضد إيران منذ أربعين عاما واليوم تقود السياسة الخارجية الأميركية عصابة من غلاة الصهاينة المنتمين إلى حزب الحرب الأميركي هي المشرفة على قيادة جوقة الاتهام.
كان ينقص بومبيو وزير الخارجية مساعد صهيوني لشؤون الشرق الأوسط فاختار له اللوبي احد الكتاب والباحثين من معهد واشنطن الذي عمل في خدمة البنتاغون في ظل إدارة دبليو بوش وارتبط اسمه بنائب الرئيس ديك تشيني زعيم عصابة الحرب الصهيونية في واشنطن التي قادت غزو العراق وأفغانستان من ضمن التخطيط لتعويض هزائم إسرائيل بعد اندحارها من لبنان عام 2000 وفقا لمشورة إليوت أبرامز احد منظري حزب الحرب الذي أوفده دونالد ترامب مؤخرا إلى فنزويلا لتنسيق التدخلات الأميركية وتحضير منصات الحرب بالواسطة عبر تجنيد عصابات المرتزقة على طريقة الكونترا التي استخدمت ضد نيكاراغوا وآبرامز هو عضو سابق في مجلس الأمن القومي الأميركي كان مسؤولا عن التنسيق بين الموساد والمخابرات المركزية الأميركية في سلسلة جرائم اغتيال ومذابح جماعية مفصلية نفذت في لبنان وغزة ويبدو ان المخابرات الصهيونية وثيقة الصلة بموفد ترامب ليست بعيدة عن ميدانه الجديد كما تفيد التقارير الصهيونية الأخيرة.
هذه العصابة أي المحافظون الجدد وحزب الحرب الأميركي قادت أشرس عملية تدمير ونهب استعمارية في العراق كما انها تدير شبكة زراعة وتجارة الهيرويين في أفغانستان كما تقود من الخلف فروعا من داعش والقاعدة هناك وهي تمسك بمخزونات النفط العراقي وفي الحالين تسير عملية اللصوصية والتجارة الناشئة عنها إلى جانب إدامة التدخلات وترسيخ ركائز الهيمنة العسكرية والأمنية.
النفط العراقي ينهب تحت ادعاء استيفاء تكاليف الحرب التي شنتها الإمبراطورية الأميركية ولذلك تستبقي واشنطن قوات لها في العراق وقواعدها العسكرية هي في ذات الحين رأس جسر لغزوات جارية ولعمليات لاحقة محتملة تستهدف سورية ولاحقا ربما تستهدف إيران.
العراق في الذاكرة السياسية المعاصرة كان نموذجا لعمليات الكذب والأدلة المفبركة بعد فضيحة ملفات أسلحة الدمار الشامل التي تضمنت تزوير بيانات استيراد مزعوم لقضبان اليورانيوم من أفريقيا وتبين ان العالم كان ضحية عشرين عاما من الأكاذيب والحملات المبرمجة التي شارك فيها محققون دوليون لاختلاق ذريعة الغزو والاحتلال .
ما تكشف من الملابسات بعد اعترافات كولن باول يتيح نظريا واخلاقيا معاقبة الولايات المتحدة بقرينة ارتكاب مجازر جماعية اوقعت ملايين الضحايا وتدمير بلد عن بكرة أبيه والتسبب بكوارث إنسانية شاملة في جميع المجالات بدءا من الاقتلاع والتهجير الجماعي للسكان وصولا إلى الكوارث البيئية والصحية والاجتماعية وقد ألحق العقل الإجرامي بجريمة الاحتلال والنهب والتدمير جريمة تأسيس داعش واحتضانها ودعمها ورعايتها لاستكمال مهمة الغزو الاستعماري في العراق وسورية معا.
تضاف إلى مأثرة التلفيق والكذب في العراق مسؤولية الولايات المتحدة عن الكارثة التي ألحقت بسورية الدماروالخراب بتغطية من سلسلة الأكاذيب التي كشفها السوريون بعدما افتضحت حقيقة الثوار المطالبين بالديمقراطية وفق الرواية الأميركية وانكشفت أصولهم الأخوانية القاعدية متعددة الجنسيات وصيغة احتشادهم المدبر من جميع انحاء العالم واليوم تظهر عارية عورات الغرب بكامله في الميدان السوري فجحافل آكلي القلوب ومغتصبي النساء الذين احرقوا المدارس والمستشفيات السورية هم نتاج الآلة الجهنمية الأميركية للحروب الذين تمت تغطيتهم بالأكاذيب وكفى دليلا ما تم كشفه في الصحافة الغربية من خفايا عن اللعبة الأميركية المتجددة لتصنيع وفبركة اتهامات باستعمال السلاح الكيماوي ضد الدولة الوطنية السورية.
تشكل الأكاذيب المصنعة والمتقنة احد أدوات الحرب الأميركية التي يديرها مجرمون ينتمون لعقيدة ليوشتراوس منظر اليمين الأميركي المتصهين الذي أعاد تدوير النظرية النازية عن الكذب وقد كانت حادثة إسقاط الطائرة الماليزية فوق اوكرانيا احد الأمثلة الحديثة على طريقة عمل هذه العصابة لتصنيع اتهام ضد روسيا بالتسبب بكارثة إنسانية وهو ما فنده وفضحه مؤخرا رئيس الوزراء الماليزي مهاتيرمحمد عن دور عصابة اميركية – اوكرانية في فبركة الجريمة والاتهام.
نستطيع الجزم بأن أركان عصابة المحافظين وحزب الحرب يضمران الشر لإيران وقد ملأوا الصحافة الأميركية وشاشات التلفزة بخطب ومداخلات مكرسة لقرع طبول الحرب ضد إيران وفي كل حدث ملتبس علينا البدء بالسؤال عن احتمال ان يكون مدبرا لتسعير الحملات السياسية ولتصنيع اتهام يشبه كل ما جرى ضد روسيا والعراق وسورية بواسطة عمليات مخابراتية تواكبها حملات سياسية وإعلامية وهي تستهدف إيران لأسباب معروفة وواضحة تتعلق بدورها في زعزعة منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على الشرق العربي وهنا بيت القصيد وبالتالي على جميع من يتهمون إيران ان يقدموا البراهين على نفي مسؤولية واشنطن وتل أبيب وعملائهما أولا خصوصا وان من النتائج رفع أسعار النفط وتكاليف التأمين على ناقلات النفط وحركة محافظ الأسهم الخاصة بمضاربات ترامب وأقرانه وشركاه في وول ستريت.