في جنازة الأمير طلال بن عبد العزيز سايمون هندرسون
“ذي هيل“
28 كانون الأول/ديسمبر 2018
في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر، أُقيمت في العاصمة السعودية الرياض جنازة ملكية تطابقت مع كل الخدع التصويرية لاجتماع أفراد العائلة المالكة البريطانية يوم عيد الميلاد.
ففي هذا الحدث الأخير، بحث مراسلو الصحافة الصفراء عن أي إشارات على عدائية بين “زوجتيْ وندسور المتناحرتيْن” – كيت وميغان، عقيلتي الأميرين ويليام وهاري، اللتين يقال إنهما لا تتفقان.
ومع ذلك، تكتسي النسخة السعودية أهمية أكبر على الصعيد السياسي وستغذي التكهنات بشأن توقيت تغيير ممكن في القيادة في المملكة وكيفية حصوله.
ففي الرياض، حضر الملك سلمان، برفقة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جنازة الأمير طلال، الأخ غير الشقيق الأكبر للعاهل السعودي ووالد الأمير الوليد، الذي كان محتجزاً في فندق “ريتز كارلتون” في العاصمة في مثل هذا الوقت من العام الماضي، إلى جانب أكثر من 200 أمير ورجال أعمال آخرين بتهمة الفساد. كما أن نجلي طلال الآخرين كانا محتجزين أيضاً، وقد حضر الأبناء الثلاثة الجنازة.
وبخلاف القضايا الأخرى، لا يوجد أي دليل على أن الأمير الوليد اضطر إلى نقل ملكية أي من أصوله لضمان إطلاق سراح والده لاحقاً. وفي وقت لاحق، صرّح لوكالة “رويترز” قائلاً إن القضية برمتها كانت “سوء تفاهم”. وكان الوليد في طليعة حملة النقالة حيث يسجى الجثمان في الجنازة.
ويظهر محمد بن سلمان في الصورة نفسها ولكن بعيداً بعض الشيء. وهناك صورة أخرى عن قرب للرجلين يتحدثان على ما يبدو إلى بعضهما البعض، تشير إلى عدم وجود أي خنوع خاص من الوليد تجاه ولي العهد البالغ من العمر 33 عاماً، وهو قريب أصغر سناً بكثير وسجانه الفعلي في فندق “ريتز كارلتون“.
أما الصور الأكثر تأثيراً فهي تلك للعاهل السعودي الذي بدا فيها في حالة إحباط جراء وفاة أخيه غير الشقيق. وكان يُعرف عن الرجلين قربهما الوطيد من بعضهما البعض. وقد جلس الملك البالغ من العمر 82 عاماً على كرسي بينما وقف النادبون الآخرون لتلاوة صلاة الجنازة.
يُذكر أن الأمير طلال كان شخصية مثيرة للجدل في بيت آل سعود، حيث شغل منصب وزير في الحكومة السعودية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ولكن بعد ذلك قاد مجموعة من أفراد العائلة المالكة عُرفت باسم “حركة الأمراء الأحرار”، كانت تدعو إلى نظام ملكي دستوري. كما تمّت مصادرة ممتلكاته وعاش في المنفى في بيروت والقاهرة لفترة طويلة قبل عودته إلى السعودية حيث عاش في عزلة سياسية. وكان الدبلوماسيون يصفونه على أنه ذكي وممتع، رغم انفراده برأيه.
ونظراً إلى كوْن والدته من أرمينيا، أي من سلالة غير عربية، فإن ذلك يعني عادة استبعاده من احتمال أن يصبح ملكاً في يوم ما. ومع ذلك، حين ذكرتُ ذلك في تحليل كتبته قبل عدة سنوات، أرسل لي أحد المساعدين بريداً إلكترونياً واتصل بي هاتفياً ليقول لي إن الملك عبدالله، سلف الملك سلمان، طلب ذات مرة من الأمير طلال أن يكون ولي عهده.
(قدّرت لاحقاً أن هذا الأمر حصل حقاً وأن ذلك لم يكن مجرد خطوة تنمّ عن تصرف عبدالله بتهذيب قبل أن يمنح هذا الدور لأخ أصغر سناً، وربما مؤهلاً بشكل أكبر، حين اعتذر طلال عن توليه) ومن بين الحاضرين الآخرين في الجنازة الأمير أحمد، الشقيق الوحيد للملك سلمان الذي لا يزال على قيد الحياة، والذي عاد من منفاه الفعلي في لندن الشهر الماضي ليكون إلى جانب طلال في أسابيعه الأخيرة. وقد نُقل عنه في وقت سابق من هذا العام قوله بأنه أدلى بتعليق اعتُبر انتقاداً لمحمد بن سلمان. (ومع ذلك، التقط مصوّر وكالة الأنباء السعودية لحظة من التفاعل بين الرجلين). كما حضر الجنازة الأمير محمد بن نواف، السفير السعودي في لندن، الذي تمّ عزله يوم الخميس الماضي في إطار تعديل وزاري.
وكان من بين الحاضرين أيضاً أخ غير شقيق آخر للعاهل السعودي هو الأمير مقرن، الذي كان ولي العهد لفترة وجيزة في عام 2015 قبل تحييده جانباً. وهو، أيضاً حمل النعش.
قد تكون الجنازات مسرحاً وغالباً ما يمكن التنبؤ بأحداثها. ويمكن أن تكون جنازة الأمير المهمش، طلال، الفصل الأول من النسخة السعودية الخاصة بـ “صراع العروش” لعام 2019.
سايمون هندرسون هو مدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن.