ستحدث ضجة كبرى حول غياب سورية عن القمة الاقتصادية العربية وعلى لبنان توجيه الدعوة لسورية رضوان الذيب
يواصل المسؤولون اللبنانيون باسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توجيه الدعوات لرؤساء الدول العربية لحضور القمة الاقتصادية العربية المقررة في بيروت منتصف كانون الثاني، وبات بحكم المؤكد ان لبنان لن يوجه الدعوة الى الرئيس بشار الأسد لحضور القمة الاقتصادية تجاوباً مع قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا، وبأنه لا يحق للبنان توجيه الدعوة طالما عضوية سوريا مجمدة كون الجامعة العربية تشرف على هذا المؤتمر، وبالتالي لن يتوجه موفد رئيس الجمهورية ميشال عون الى دمشق لتسليم دعوة للرئيس الاسد، كما ينقل موفدو الى سائر رؤساء الدول العربية، واخرهم في مصر وقطر وسلطنة عمان، علما ان سوريا شاركت في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة والقى الوزير المعلم كلمة. كما ان سوريا تشارك في كل المحطات الدولية .
وتقول مصادر مطلعة على القمة الاقتصادية، ان هذا القرار سيزيد التعقيدات الداخلية، وقد يرفع من منسوب التوتر بين سوريا والدول العربية وبين سوريا ولبنان، وكان الافضل من قبل لبنان تأجيل المؤتمر أو نقله الى مكان آخر، لانه لا يجوز عقد مثل هكذا مؤتمر على ارض لبنانية وبغياب سوريا.
وتشير المصادر الى ان هناك «عتباً» واستغراباً للموقف اللبناني الذي لم يبذل اي اتصالات أو طرح هذا الملف بشكل حازم مع الدول العربية، أو التحرك باتجاه العراق ومصر والجزائر وسلطنة عمان لخلق قوة ضغط تساهم في حل عقدة مشاركة سوريا في المؤتمر، وعلم ان هذا الملف بحثه وزير خارجية العراق بشار الجعفري مع المسؤولين اللبنانيين ومع وزير خارجية سوريا وليد المعلم الذي أعلن استعداد سوريا للموافقة على اي مبادرة عربية، واللافت ان وزير خارجية مصر سامح شكري يقوم باتصالات مع الجزائر من أجل مشاركة سوريا، لكنها تصطدم بموقف سعودي وتحديداً من ولي العهد محمد بن سلمان. فيما دول الخليج العربي موقفها مغاير، وتشهد علاقاتها تطورات إيجابية مع سوريا، فهناك تواصل سوري مع البحرين، والمعلم التقى وزير خارجيتها منذ اسابيع، كما ان اللواء ذيب زيتون رئيس مكتب الادارة العامة في الجيش العربي السوري زار الامارات منذ شهرين والتقى مدير مخابرات الامارات، كما ان الامارات، تقدم تسهيلات كثيرة للمسؤولين السوريين، والقنصلية السورية في الامارات تعمل بشكل طبيعي، فيما الاصلاحات بدأت في سفارة الإمارات بدمشق، اما العلاقة مع قطر «هادئة» والبرودة من الجانب السوري، وكذلك العلاقة مع الجزائر وتونس جيدة وهناك خيوط مع المغرب، والرئيس الاسد اشاد مؤخراً بحكمة المسؤولين الكويتيين، ومع مصر طبيعية في ظل زيارات اللواء علي المملوك للقاهرة، ولقاءاته مع كبار المسؤولين، والمعلومات الامنية السورية جنبت مصر الكثير من العمليات الارهابية.
وهذا الانفتاح العربي على سوريا يقابله رفض سعودي ومحاولة للحد من هذه الاندفاعة وتحديداً محمد بن سلمان رغم ان مسؤولين سعوديين أوحوا لمسؤولين روس انهم انسحبوا من الملف السوري وأكبر دليل ما جرى في «الغوطة» وانسحاب الجماعات التابعة لهم دون قتال، لكن مباحثات محمد بن سلمان مع الروس تؤكد عكس ذلك واستمراره بمعاداة سوريا ودعم كل التشكيلات الارهابية، لان السعودية تريد عودة سوريا بشروطها، وهذا مرفوض سورياً «وانتهى ولن يعود الى أبد الابدين».
وفي المقلب الاخر، وما يخص لبنان، تقول المصادر ان هناك استغراباً للموقف اللبناني و«عتب» كبير على المسؤولين الرسميين والحلفاء، وما هو الموقف الرسمي اللبناني! ما هو موقف الرئيس ميشال عون؟ ما هو موقف الرئيس نبيه بري؟ ما هو موقف سليمان فرنجية؟ ما هو موقف حلفاء سوريا قبل خصومها؟ وهل يتحمل لبنان نتائج عدم دعوة سوريا، الا اذا كان البعض من اللبنانيين يعتقدون ان العالم «خاتماً في اصبعهم» يحركونه على امزجتهم، او ان سوريا تتحرك حسب التوقيت اللبناني والمزاج اللبناني، واذا كانت سوريا لم تأخذ موقفاً متشدداً حتى الآن من الممارسات اللبنانية فذلك يعود، وبحسب المصادر، من باب الفضل والوفاء لما قدمه حزب الله وقائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله وبعض المسؤولين اللبنانيين بدءاً من اللواء عباس ابراهيم مدير عام الامن العام الى العديد من المسؤولين، وبالتالي، فان سوريا لن تقدم على اي عمل قد يتضرر منه مواطن لبناني، وهي مرتاحة لعودة العلاقات «الشعبية» بين البلدين، حيث منظر العائلات اللبنانية في الاسواق «الشامية» عاد شبه طبيعي، والمسؤولون السوريون يعرفون ان نصف اللبنانيين أدويتهم من سوريا ولم يبادروا الى اي اجراء. وكذلك «مصاغ الافراح» و«القطنيات» والمواد الغذائية حيث الاسعار في الاسواق السورية تتدنى بنسبة 90% عن الاسواق اللبنانية وكلها لصالح المستهلك اللبناني، والسؤال الاساسي، لماذا السكوت عن عدم دعوة سوريا، ولماذا لا تبادر القوى الحليفة لسوريا الى تنظيم مواقف ضاغطة بتظاهرات شعبية وقطع الطرقات، وعرقلة اقامة المؤتمر في بيروت في حال عدم دعوة سوريا، لانه وفي ظل الصراع الحاد عربياً وعلى حد السيف، فلا يجوز لهكذا مؤتمر ان يعقد في بيروت دون سوريا، وان تعطى السعودية ورقة اضافية انها استطاعت منع حضور سوريا في بيروت وبمناسبة عربية وماذا سينتج عن المؤتمر سوى «الصورة» اما مقرراته فستبقى في الادراج.
وتسأل المصادر: لماذا على بعض المسؤولين اللبنانيين ان لا يثيروا دور الجامعة العربية او ما هو السبب لغياب سوريا، فالجامعة العربية فقدت كل ادوارها منذ خروج سوريا، ومن يعرف من اللبنانيين والعرب اسم الامين العام لجامعة الدول العربية حاليا، حتى ان الدول العربية امتنعت مؤخراً عن تقديم المستحقات المطلوبة منها للجامعة العربية، فلا جامعة عربية من دون سوريا، ولا عروبة من دون سوريا، وكما قال الرئيس جمال عبد الناصر «سوريا ستبقى قلب العروبة النابض» فالجامعة العربية، لا طعم لها، ولا لون ولا نكهة لها، ومَن هم الرؤساء العرب دون الرئيس بشار الأسد؟ واي جامعة عربية دون حرب تشرين وتحرير هضبة الجولان؟ واي جامعة عربية دون سوريا وما قدمته للمقاومة في لبنان؟ واي جامعة عربية دون سوريا وما قدمته لفلسطين؟ فالجامعة العربية دون سوريا هي جامعة داعش والنصرة ومحمد بن سلمان و«التقطيع» و«أكل الاكباد» واي مبادرة قامت بها الجامعة العربية دون سوريا ونجحت بها، والمطلوب من لبنان وقف التعامل مع الجامعة العربية ودورها التخريبي في تغطية المؤامرات على سوريا واليمن والعراق كما وصفها الرئيس الاسد «جامعة المستعربين»، فلبنان وسوريا جاران، وتربطهما علاقات شعبية، ولا توجد عائلة لبنانية الا ولها جذور في سوريا وبالعكس، وبالتالي فان العلاقات الجيدة مع سوريا مصلحة لبنانية اولا وثانيا وثالثا، وعلى لبنان ان لا يكون آخر «الواصلين» الى سوريا، وتدعو المصادر الى النظر الى الموقف الاردني الذي سبق لبنان باتجاه سوريا، والمسؤولون الاردنيون يعرفون مصالح عمان وبأن عودة العلاقات مصلحة اردنية، ولا حل لقضية الغلاء في الاردن الا بالاعتماد على السوق السوري، كما ان العراق يعمل وبوتيرة كبيرة على ازالة كل العقبات من امام فتح معبر التنف على ان يكون الافتتاح خلال اسبوعين، وبالتالي اي اساءة لبنانية للعلاقة مع سوريا ليست في مصلحة لبنان الذي عليه ان يبادر الى خطوات عملية بدلاً من بيانات خجولة، فلا «نكهة» للمؤتمر الاقتصادي في لبنان بدون سوريا، واي اقتصاد عربي بلا سوريا، والمطلوب جهد لبناني مع الدول العربية لحل دعوة سوريا، والا كان الافضل تأجيل المؤتمر لظروف افضل، خصوصاً ان مؤتمر القمة العربي سيعقد في آذار وربما عالج مسألة سوريا وغيابها وبعدها يتم عقد المؤتمر الاقتصادي بظروف افضل، فلبنان ليس قادراً على تحمّل المزيد من الانقسامات وتعميقها على ارضه ومن بيروت، فلو ربح لبنان العالم وخسر سوريا فانه لا يمكن ان يتعافى وتعود دورة الحياة الى وضعها الاقتصادي على كل الصعد.