القائد جورج ابراهيم عبدالله أسير حرب
غالب قنديل
يدرك جميع العاقلين الفاهمين للتاريخ ان الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 كان غزوا أطلسيا قادته الولايات المتحدة وقد تولى فيه أرييل شارون إدارة العمليات العسكرية والمجازر المنظمة بينما قاد الموفد الأميركي فيليب حبيب ترتيباته السياسية داخل الحكم اللبناني بمؤازرة أساطيل الناتو ووحدات مشاة البحرية لترهيب الشعب اللبناني وقواه الحية بمسمى قوات متعددة الجنسيات.
الفصائل الثورية اللبنانية المسلحة كانت واحدة من التجمعات اللبنانية التي تلاقى فيها مناضلون وطنيون غداة الاحتلال في سياق عشرات المبادرات التي انطلق شبابها لتكوين انوية مقاومة لبنانية تواجه قوات الاحتلال وقوات الوصاية الأطلسية وتستنزفها بهدف اقتلاعها وطردها من التراب الوطني اللبناني وقد اجتهدت كل من تلك المجموعات بشتى مشاربها العقائدية والسياسية في ممارسة العنف الثوري المشروع دفاعا عن الشعب والوطن في وجه عنف إجرامي اطلقه العدو بكل شراسة وشاركت فيه قوات الناتو التي يصح فيها حكم قوات العدوان والاحتلال بما فيها آنذاك جميع وحدات مشاة البحرية التي تمركزت على الأرض اللبنانية المغتصبة وشاركت في المذابح والانتهاكات الإجرامية والتي يحق للمقاومين اعتبار ضباطها وجنودها أهدافا مشروعة في كل مكان من العالم.
اجتهدت فصائل المقاومة المتعددة في اختيار الأهداف والوسائل التي تنفذ بها ضرباتها ضد العدو الواحد الذي يستهدف كل لبنان وتحركت بدوافع التحرر الوطني بعيدا عن الهراء الطائفي المقيت الذي أغرق البلد في حمامات الدم وأنتج سخافات واوهام تبرر التعامل مع العدو والعمالة للموساد وللأسف فهي ما تزال مستمرة رغم ما تزعمه السردية المتداولة عن اتفاق الطائف بوصفه وثيقة حسمت الهوية الوطنية العربية المعادية لإسرائيل والدليل ان بعض اللبنانيين ما زالوا يمجدون رئيسا نصبه الاحتلال ويطلبون الاقتصاص من المناضل القومي حبيب الشرتوني.
هل تبررحقيقة المجتمع المريض والأشوه الغارق في تفاهات الانقسام الطائفي العنصري حول القضية الوطنية ذلك التخلي عن مقاوم بطل مسجون خلافا للقوانين والأعراف في دولة يزعم اننا نسجنا دستورنا وقيمنا على منوال ما لديها وبئس النموذج الذي لا يقيم اعتبارا للسيادة والحرية أولاستقلال القضاء المزعوم بإذعان مفضوح ومشين للمشيئة الأميركية الصهيونية التي تبقي بطلا لبنانيا في السجن الفرنسي دون سند قانوني وبعضنا يفغر فاه متعجبا من خضوع الدولة العظمى التي يحبها ويؤمن بها ويستلهمها لتلك العقيدة الخارجة عن أعراف السيادة والأنا القومية المتضخمة التي تخاطبنا بها دول الغرب.
المناضل جورج ابراهيم عبدالله المعتقل في فرنسا هو أسير حرب كانت فيها الدولة الفرنسية شريكا للولايات المتحدة في العدوان الصهيوني وفي الاحتلال الصهيوني للتراب الوطني اللبناني وهي مثلها مثل سائر الشركاء المحليين والعرب والدوليين ملطخة اليدين بأنهار الدماء اللبنانية والفلسطينية التي سالت خلال الغزو وبعده كما كانت ظهيرا سياسيا لمؤامرة كبرى قادها الصهاينة والأميركيون بمعونة حكومات عربية تابعة وبالشراكة مع سائر حكومات الناتو في سبيل تحويل لبنان إلى مستعمرة خاضعة للمشيئة الصهيونية الأميركية الأطلسية.
تلك المشيئة الصهيونية والأميركية في قضية هذا البطل اللبناني المقاوم هي فوق القوانين الفرنسية التي قضت نظريا بالإفراج عنه من سنوات لانقضاء المدة وهو اليوم ليس سوى أسير حرب تعتقله فرنسا لحساب واشنطن وتل أبيب ومن المشين ان يستمر الصمت اللبناني على هذه الجريمة وفقا لجميع القوانين والأعراف والاتفاقات الدولية ولا يعصم الانقسام اللبناني حول مشروعية ما قام به مقاوم طليعي ومبادر أيا كان من المسؤولية عن السعي لتحرير الرفيق المناضل جورج عبدالله وإطلاق سراحه.
السؤال الموجع إلى متى يستمر مناضلونا ومقاومونا الوطنيون الأحرار والثوار في دفع ثمن التسويات المجحفة التي تبريء كثيرا من المجرمين المتورطين بالعمالة للعدو بذريعة بطانتهم الحامية في الطوائف وما يسمى الجمهور الذي ضللوه وحرضوه لتبرير عمالتهم وتآمرهم وهم مجرمون شاركوا العدو في جرائمه الموصوفة ضد شعبنا ولا تتضمن تلك التسويات موقفا ملزما دفاعا عن الأبطال الحقيقيين للحرية والاستقلال من أمثال البطل المقاوم القائد جورج ابراهيم عبد الله.
لبنان البلد الذي اكتسب حجما متضخما واهتماما مبالغا به وفاعلية كبرى نتيجة انه بلد المقاومة ما يزال يفتح سجلاته المالية والمصرفية للمراقبة الأميركية المزودة بلوائح العقوبات التي تستهدف اهل المقاومين وعائلاتهم ومدارسهم وجمعياتهم ومستشفياتهم.
الدولة اللبنانية التي تفتح تلك السجلات هي حاصل تسوية بين المقاومة وأعدائها بمن فيهم منفذو المشيئة الصهيونية الغربية وحاضنو شروطهما في الداخل اللبناني وهذه الدولة يجب ان تلزم وبمنطق التسويات بموقف اتجاه السلطات الفرنسية لتحرير مناضل كبير وقائد وطني مقاوم أفنى زهرة شبابه في السجون من اجل حرية شعبه وبلاده ولا شيء يجب ان يحجب هذه الحقيقة وأضعف الإيمان ان يعتبر لبنان تحرير أسيره شرطا موجبا في العلاقة مع الدولة الفرنسية … نداؤنا الحرية للقائد المقاوم جورج ابراهيم عبد الله.