أربع ضربات على رأس نتنياهو
غالب قنديل
يمثل أسلوب عمل وتصرف الكيان الصهيوني في المنطقة مؤخرا نموذجا لحالة الهستيريا والخيبة الانفصامية ولا تخفى الحقيقة على من يدقق خلف ستار العنجهية المتمادية التي تغذيها يوميات العمل الوثيق مع إدارة الرئيس دونالد ترامب وحكومات السعودية والخليج لتصفية حق العودة للشعب الفلسطيني وتكريس علاقات تطبيعية وتحالفات عقدتها حكومة الكيان الصهيوني مع عدد من الحكومات العربية الخاضعة للهيمنة الأميركية الاستعمارية منذ تشكيل مجموعة شرم الشيخ برئاسة كونداليسا رايس وقد تنامت بعدها العلاقات واستمرت ثم انتقلت برعاية دونالد ترامب وجون بولتون ومايك بومبيو إلى مستويات اكثر علانية وفجورا.
في المخطط الافتراضي لسيناريوهات المستقبل يحلم نتنياهو وسائر القادة الصهاينة مجددا بثبيت تل أبيب كمركز لمنظومة الهيمنة الاستعمارية وتمرير تصفية حق العودة للتخلص من قضية فلسطين بالتوازي مع محاصرة القوة الإيرانية ومحور المقاومة مجتمعا لمنعه من تنظيم مجابهة جديدة تعطل الخطط الأميركية الصهيونية كما حصل منذ تسعينيات القرن الماضي.
على أرض الواقع ترتسم صورة اخرى لتوازن القوى ولمسارات المستقبل فقد ترسخ انتصار سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد وتحصنت عناصر استنهاض القوة السورية الإقليمية كمركز لمحور التحرر والمقاومة في المنطقة بينما تعاظمت قدرات هذا المحور وتعززت مقدرات الصمود الإيراني بمزيد من التحالف الوثيق مع قوى الشرق الكبرى بقيادة روسيا والصين بينما لايضيف التحالف السعودي المتمادي مع إسرائيل إلا مزيدا من محفزات الاستنزاف في اليمن الذي صار يسمى ساحله في مجمعات الأركان والقيادة الصهيونية بجبهة الجنوب والمقاومة اللبنانية تزداد قوة وقدرة هي الأخرى بصورة تضاعف الأكلاف الكارثية لأي حماقة صهيونية بالعدوان على لبنان وقد تكرست في المعادلة العراقية قوة الخيار المقاوم المعادي لإسرائيل بمعادلات سياسية تعاكس الخطط الأميركية السعودية.
تطور خطاب نتنياهو ووعيده العدواني ضد لبنان وسورية والعراق وإيران بصورة هستيرية مؤخرا والحقيقة ان ذلك ليس تعبيرا عن اكتساب عناصر قدرة جديدة من الدعم الأميركي اللامحدود او من مفردات الخيار الخياني والاستسلامي لمزيد من الحكومات العربية الذاهبة بوقاحة نحو شراكة معلنة مع العدوالصهيوني بل هو اختلال هذياني تسببت به خيبات متكررة من التحولات الراسخة لتوازن الردع الاستراتيجي السوري الإيراني اللبناني الذي يقض مضاجع جنرالات صهيون.
تلقى نتنياهو في الأسابيع القليلة الماضية أربع صفعات متلاحقة على رأسه :
أولا قرار الرئيس بوتين بتسليم الجيش العربي السوري صواريخ اس 300 ومعها منظومة متكاملة للقيادة والسيطرة والدفاع الإلكتروني في سورية شكل الرد الروسي الساحق على حماقة التسبب بإسقاط طائرة روسية في فخ صهيوني محكم استهدف هز العلاقات السورية الروسية فكانت النتيجة إحداث نقلة اوسع وأعظم من كل ما سبق في العلاقة الاستراتيجية الوثيقة بين الدولتين في اتصال أعقب الجريمة الصهيونية بين الرئيسين وسيكون لها انعكاس عملي يقلب المعادلات لصالح الجيش العربي السوري ومحور المقاومة.
ثانيا طوال السنوات الأخيرة صب نتنياهو جهودا مضنية بالتنسيق مع الإدارة الأميركية للضغط على روسيا في سبيل فرض قيود على تواجد المستشارين الإيرانيين في سورية وعلى مستوى التحالف الذي تطور بين دمشق وطهران طوال الأربعين عاما الماضية وكانت النتيجة أن روسيا تصرفت باعتبار هذا الملف شأنا سياديا سوريا وجاءت صفعة جديدة للعدو الصهيوني بتوقيع اتفاق التعاون الدفاعي بين إيران وسورية في دمشق وبما تضمنه من فصول معلنة ومكتومة تتعلق بتطوير الصناعات الدفاعية السورية لاسيما في إنتاج الصواريخ الحديثة ونقل التكنولوجيا وما سيحركه من عمليات مشتركة لتحديث قدرات الدفاع السورية.
ثالثا منذ انطلاق الحرب العدوانية على سورية شنت القوة الجوية الصهيونية اعتداءات متكررة تحت عنوان اعتراض عملية نقل السلاح المتطور إلى حزب الله وزعم الصهاينة انهم نظموا مئتي غارة جوية ضد مراكز البحوث العلمية ومعامل الدفاع السورية وعلى قوافل برية لهذه الغاية وجاءت الصفعة المدوية على رأس نتنياهو بكلمتين في خطاب لقائد المقاومة السيد حسن نصرالله : “تم الأمر” معلنا امتلاك الصواريخ الدقيقة التي تحيل الكيان الصهيوني إلى جحيم في حال غامر بالعدوان على لبنان وتقضي بديهيات الفهم العسكري ان تكون عواقب العدوان على سورية مضاعفة طالما يقر الصهاينة بأن سورية هي مهد التكنولوجيا والأسلحة المتطورة التي يخافون من انتقالها إلى حزب الله.
رابعا يعيش الصهاينة بخبرائهم وجنرالاتهم كابوسا متواصلا من نتائج تبلور قوى وفصائل عربية تنتمي لمحور المقاومة في العراق واليمن وهي تمتلك الإرادة المعلنة وتعبيء جمهورها للمشاركة في القتال ضد الكيان الصهيوني خلال أي حرب قادمة وهذا ينطبق على فصائل الحشد الشعبي في العراق وقوات أنصار الله في اليمن حيث يدرك الصهاينة ان تواصل بلدان المحور بات شبه مكتمل من خلال فصائل العراق الشعبية المقاومة التي شاركت في ملاحم محاربة الإرهاب على أرض سورية بينما يطلقون على الساحل اليمني على البحر الحمر تسمية الجبهة الجنوبية التي كانت تطلق على مصر منذ زمن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر واليوم يطلقونها على اليمن الصامد والصابر والثابت بكل شعبه على عروبته ومبادئه التحررية.