المجالس بالأمانات… حفل وداعيّ للسفير الإيراني.. غسان بن جدو والجنسية… وحسن فضل الله والمباريات!: ناصر قنديل
– في بادرة طيبة من رجل طيب لتكريم رجل طيب دعا رئيس مجلس إدارة الميادين الزميل والصديق غسان بن جدو عدداً من الزملاء والأصدقاء لغداء تكريمي وداعاً للسفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي بمناسبة إنهاء مهمته الدبلوماسية في بيروت وعودته إلى وزارة الخارجية مستشاراً للوزير في طهران. ورغم أحقية الكلام عن هذا السفير الراقي والمثقف والهادئ والشديد الاحترام لتقاليد العمل الدبلوماسي وللسيادة اللبنانية، ما كنتُ لأخصص هذه الزاوية للكتابة عن المناسبة، لأنها ستحتسب في مجال غير مجالها، إلا أن ما شهدته الطاولة من أحاديث لافتة وربما صادمة دفعني للكتابة عنها مستأذناً المعنيين بها لعدم العتب سلفاً لنشر ما يفترض أن تحكمه معادلة «المجالس بالأمانات ».
– في مداخلات ودردشات غير منتظمة بالطبع روى النائب حسن فضل الله جملة من الأحاديث المتصلة بعمله النيابي، وبما تشهده المراجعات في شؤون مطالب يعود بها الناس لنوابهم ويحملها النواب للمسؤولين في وزارات وإدارات الدولة. وبداية الحديث كانت شهادة من فضل الله لوزير الإعلام «القواتي» الذي راجعه فضل الله شاكياً انحياز المعلق الرياضي في تلفزيون لبنان بصورة عدائية لإيران أثناء نقل مباراتها مع إسبانيا، مضيفاً أن الاتصال والتفاعل مع الوزير ملحم رياشي وتحرّكه ومن ثم نشره للخبر، تعبير عن كيف يمكن أن تُدار العلاقة بين خصوم سياسيين عندما يتصل الأمر بمسؤولية عامة ليست ملكاً لحزب أو طائفة أو شخص.
– من مباراة إسبانيا وإيران انتقل فضل الله للمباريات التي ترتبط بالتعيينات في الدولة شاكياً من رفض المعنيين في الإدارات لا يقلّ عن رفض السياسيين لاعتماد المباراة أساساً للفصل في قضايا التعيين. وروى فضل الله مثال المباراة الخاصة بقوى الأمن الداخلي لتطويع ألفي عنصر وقد تقدّم إليها ستة وأربعون ألفاً، بينهم جامعيون ومهندسون وحملة شهادات جامعية عليا، قائلاً أبلغنا المعنيين أننا نرتضي تطبيق التوزيع الطائفي في الأسلاك الأمنية، رغم أن اتفاق الطائف حصر التوزيع الطائفي بالفئة الأولى، لكن لماذا لا يعتمد على المباراة لتعيين الأوائل وفقاً للتوزيع الطائفي؟ مضيفاً أن الأمر ليس محاصصة طائفية وادعاء حرص على حصص الطوائف، بل شبهة الفساد فيه أبعد وأكبر، ذلك أننا كحزب بقياس المصلحة المباشرة نجد أننا عاجزون عن التمييز بين الذين يعتبرون من مناصرينا ونفضّل، كما قلنا للمسؤولين الأمنيين، أنه حتى إذا وزّعتم الحصص طائفياً وحزبياً داخل الطوائف أن تقيموا مباراة لتحديد مَن يفوز من المئات المتقدمين من أنصارنا على أن نختار نحن، ناقلاً عن مدير الأمن العام الموافقة، خلافاً للكثير من زملائه، على السير بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية لمباريات التعيين، إذا تمّ اعتماد هذا المبدأ.
– الحديث الصادم كان ما أدلى به الزميل غسان بن جدو، عندما سمع في مداخلة النائب فضل الله إشارة لمرسوم التجنيس، مضمونها، أنه لو وضعت معايير لجنّبت الجميع الوقوع في الأخطاء، فقال بن جدو، سأحدثكم عن أمر كنت قررتُ منذ سنوات أن لا أتحدّث فيه وأن أتابعه بصورة قانونية شخصية، فأنا أحمل الجنسية اللبنانية منذ العام 1994 وأمي لبنانية. وأنا أتخذ هذا البلد وطناً ثانياً، لا بل عندما كان علي الاختيار بين منصب هام في بلدي تونس وشرطه التخلّي عن الجنسية اللبنانية، لأن تونس لا تسمح بالجمع بين جنسيتها وأخرى لمن يتولون مناصب هامة في الدولة، فضلت الاحتفاظ بجنسية البلد الذي حضنني عندما كنتُ مهجّراً من بلدي لسنوات، لكنني بمرارة أقول لكم إن مطاردتي لنيل الجنسية لأولادي متواصلة منذ أعوام بلا طائل. وإن هذه المطاردة حملت آلاماً تُدمي وتُدمع العين، فقد تعرّضت لإحراج الاستماع لكلام يشكك في صدقية زواجي لأن زوجتي إيرانية، واضطررت لإجراء فحص الحمض النووي لأولادي إثباتاً لكونهم أولادي. وهذه عذابات نفسية مؤلمة لم تنته بعد، ولا أظنّ أن هذا لبنان الجميل هذا الذي نحبّ ونحبّ كونه المتميز بكل شيء، يسمح بأن يكون الظلم فيه متميزاً أيضاً.
– ختم بن جدو بالقول إنه لم ولن يطرح الأمر أمام مرجع أو مسؤول في الدولة، ولا يضع قضيته في مكان في السياسة، ولا في ملف التجنيس وما يدور حوله، ويرتضي مواصلة ما بدأه بالاحتكام كأي مواطن للمسار القانوني. وأنا أنتهز المناسبة لأقول، إن ما استفزني ليس حجم المعاناة المشابه لآلاف يستحقون الجنسية لأولادهم قبل كثيرين ينالونها في ظروف ملتبسة، بل التساؤل لو جاء إعلامي فرنسيّ عمل في لبنان وأسس فيه قناة كالميادين، ألم يكن اسمه ليتصدّر مع أبنائه لائحة الحائزين على الجنسية تكريماً؟ ومن هنا أضع هذا الأمر في عهدة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بمناسبة التدقيق والتمهيد لتصحيح مرسوم التجنيس، وصولاً ليكون بين يدي فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على التصحيح وصاحب الطلب بالتدقيق، لتكون إزالة الظم هنا بداية لإزالته في أماكن عديدة.