خرافة تقسيم سورية
غالب قنديل
عندما تعثرت خطط إسقاط الدولة السورية جذبت أمنية تقسيم سورية عقول المخططين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأذنابهم في دول العدوان : المملكة السعودية وإمارة قطر والسلطنة العثمانية واليوم تطفو تلك الخرافة من جديد انطلاقا من سيناريوهات ما بعد الهروب الأميركي من سورية وحيث تبنى التوقعات على دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستبدال الوحدات العسكرية الأميركية الهاربة بوحدات للحكومات التابعة في المنطقة التي تورطت جميعا في حرب الوكالة بالقيادة الأميركية من خلال ما قدمته من دعم لعصابات التكفير الإرهابية بالشراكة مع إسرائيل مركز القيادة الإقليمي لمنظومة الهيمنة الاستعمارية.
من الواضح ان المحاولات السابقة لتحويل خطوط التماس الافتراضية التي مزقت الجغرافية السورية إلى حدود لمناطق التقسيم قد سقطت وانهارت لثلاثة أسباب رئيسية :
اولا دينامية نهوض الوعي الشعبي السوري والجهود التعبوية المكثفة التي قادها الرئيس بشار الأسد وجسدها الإعلام الوطني السوري والتي فككت عناصر التعبئة والتحريض التقسيمي لصالح وحدة الهوية والانتماء والالتفاف حول الجيش العربي السوري كقوة مقاتلة مركزية تعبر عن الهوية الوطنية وعن الدولة الوطنية القوية.
هذه العوامل قادت إلى نهوض الجيش وانتصاره في العديد من المعارك بعد انفكاك الجمهور المضلل عن عصابات الإرهاب التي فرضت سلطة غاشمة ودموية مقابل الدولة الوطنية التي واصلت رعاية مواطنيها خارج مناطق سيطرتها في أصعب الظروف وأثبتت قدرة هائلة على التماسك والصمود بوصفها المرجعية الحاضنة لجميع السوريين في سائر شؤون حياتهم الصعبة فوفرت استمرارية التعليم والطبابة والسلع المدعومة والرواتب والتقديمات والمخصصات في أقصى ظروف تقلص سيطرتها على الأرض السورية.
ثانيا ثبات حلفاء سورية الكبار إلى جانب الدولة الوطنية والجيش العربي السوري وتحرك الحلفاء بحرارة وصدق لتدعيم مقدرات الصمود السوري ناتج عن تشابك المصالح الاستراتيجية التي اكتشفوا عبرها ان سورية ضرورة لا غنى عنها في مجابهة الهيمنة الأميركية الأحادية على العالم وان مصالحهم الوطنية الخالصة هي قرينة الانتصار الناجز لسورية دولة وجيشا وشعبا وهذا ينطبق على سائر حلفاء سورية وشركائها في الصمود والمقاومة خلال السنوات الماضية.
ثالثا التقهقر الأميركي هو نتيجة للصمود السوري ويجب إبرازه بوصفه هزيمة ونتيجة للخوف من انبثاق مقاومة شعبية سورية تغرق القوات الأميركية في مستنقع استنزاف كبير وسيكون كل ذلك بانتظار أي قوات معادية للدولة الوطنية تستجلب من أي بلد عربي لتحل محل الاحتلال الأميركي فوظيفتها الحاسمة حماية المصالح الأميركية الصهيونية في سورية.
لا وجود لقاعدة مادية او سياسية تتيح استقرار أي تقسيم يحاولون فرضه في سورية ومثلما سقطت تلك الخرافة عندما بنيت افتراضيا على سيطرة عصابات إرهابية في مناطق مهمة كحلب تمكنت الدولة الوطنية السورية من تحريرها واقتلاع فصائل الإرهاب وعلى رأسها اكبر قوتين مؤهلتين لمشروع التقسيم في الحرب على سورية داعش وجبهة النصرة واللتين افترض المخططون الغربيون انهما ستصمدان لعقود من الزمن تمزق خلالها سورية وتدمر وتباد قواها الحية والتحررية ورغم امتداد البنى التحتية المادية لدويلة داعش في العمق التركي ورغم روافد الدعم الخليجي لداعش ولكانتونات جبهة النصرة من تركيا والأردن كانت النتيجة المعروفة بانتصار الجيش العربي السوري وحلفائه وتدمير كانتونات الفصائل الإرهابية وآخر الإنجازات الباهرة تحرير الغوطة.
لقد اظهر النهوض الشعبي بعد تصدي سورية للعدوان الثلاثي تجذر الوطنية السورية وروح الانتماء الوطني لدى الشعب العربي السوري مجددا وبقوة أكبر مما مضى وسوف تزداد بذلك قوة وحصانة الجيش العربي السوري والدولة الوطنية المركزية في وجه أي مسعى تقسيمي كائنا من كانت الجهات المحركة والداعمة وقد اكدت التجربة وفي الظروف الأشد صعوبة صلابة الرئيس بشار الأسد وتصميمه على تحرير آخر حبة تراب سورية واسترجاعها إلى سيادة الدولة الوطنية المركزية.
إن استحضار جيوش الأنظمة العميلة لتغطية هروب القوات الأميركية سيغرق تلك الأنظمة في مأزق خطير لأن الدولة الوطنية السورية تمتلك الإرادة والقدرات التي تسمح لها بطرد أي احتلال وهي ستضاعف من قدرتها على المبادرة مع تصاعد إنجازات حملتها لاقتلاع بؤر الإرهاب الباقية في سورية معززة بتأييد شعبي واسع وبروح معنوية عالية والعبرة في التجربة التي نبشر بنتائجها من اليوم عاهات الانظمة العميلة والتابعة التي قد تلبي نفير ترامب ونتنياهو ضد سورية العربية المقاومة لتهلك وتندثر في تراب سورية الأصيل ورمالها الحارقة.