بريطانيا وسوريا … تزامن الاستفزازات لضرب روسيا: فينيان كانينغهام
انها مجرد مصادفات…. التزايد الدراماتيكي للعداء الغربي تجاه روسيا اشبه بالعداء الذي رافق الحرب الباردة، ونجد ان بريطانيا وحلفاءها في الناتو يقومون بذلك بالتزامن مع النكسة العسكرية الكبيرة التي منيت بها هذه القوى في سوريا.
الهدف المرجو من بريطانيا والولايات المتحدة هو تشويه سمعة روسيا من خلال اتهامها باغتيال العميل الروسي في بريطانيا لدفع التدخل العسكري في سوريا الى الامام في محاولة اخرى للإطاحة بحكم الرئيس الأسد.والسيناريو الاخر لبريطانيا واميركا هو اتهام سوريا باستخدام الاسلحة الكيميائية.
القضية كلها تنم عن عملية نفسية تديرها وكالات حكومية بريطانية بهدف متعمد هو تجريم روسيا، وهذ ينبع من السرعة العاصفة التي صاغت بها السلطات البريطانية تهمها ضد روسيا من خلال حملة إعلامية مكثفة.
أين الدليل على استخدام غاز الأعصاب “Novichok” المزعوم؟ اين هو سكريبل، حيث يقال انه محتجز في العناية المركزة في المستشفى؟ والغريب أن حالته تبقى غير معروفة وغير مبلّغ عنها.
إعلان رئيسة الوزراء تيريزا ماي الدرامي في مجلس العموم هذا الأسبوع والذي يلقي باللوم على روسيا لمحاولتها قتل “الجواسيس الروس” في بريطانيا، متبوعًا ببيان تضامن مشترك غير مسبوق من قادة بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا – هو مخطط وتصميم جاهز لإخضاع موسكو ونبذها دوليا.
هناك افتقار محرج للأدلة الثابتة أو المنطق الموثوق لجعل المزاعم البريطانية اكثر اقناعا. كل ذلك يبدو غضبا وغيضا لا يدل شيء، كما يقول شكسبير.
لكن الأهمية الأوسع غير المعلنة قد تكون الخسارة الاستراتيجية الهائلة التي تتكشف امام بريطانيا وحلفائها في الناتو في سوريا. وخلال الشهر الماضي، كانت القوات الحكومية السورية وحلفاها الروس قد دخلوا الى آخر معقل للمسلحين المدعومين من الغرب والذين يحتلون ضاحية الغوطة الشرقية بالقرب من العاصمة دمشق.
الجماعات المتشددة مثل جبهة النصرة هي منظمات إرهابية محظورة دوليا – كانت تحتجز الغوطة الشرقية تحت حكم الإرهاب على مدى السنوات الست الماضية- وسيشكل التوجيه الوشيك للمسلحين من قبل الجيش السوري المسمار الأخير في نعش حرب تغيير النظام التي تشنها واشنطن ولندن وباريس سراً من خلال وكلائها.
اليوم لم تعد وسائل الإعلام الغربية تخفي حقيقة أن عشرات الآلاف من المدنيين يتم تحريرهم من الغوطة الشرقية المحاصرة بالإرهاب من قبل الجيش السوري، تماماً كما حصل سابقاً في مدن أخرى مثل حلب وحمص.
بعد ان فشلت مؤامرتهم لتغيير النظام، بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو مؤخراً بالتهديد بالتدخل عسكريا في سوريا. الذريعة المتكررة هي الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من قبل قوات الدولة السورية.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، حذرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي من أن الولايات المتحدة سوف تأمر من جانب واحد بتوجيه ضربات عسكرية ضد “النظام” السوري على أساس أن الأسلحة الكيماوية تُستخدم ضد المدنيين. وقالت: “نحذر أي أمة من فرض إرادتها عبر استخدام الهجمات الكيميائية ومضاعفة المعاناة الإنسانية، وعلى الأخص الحكومة السورية الخارجة عن القانون، والولايات المتحدة مستعدة للتصرف إذا وجب علينا ذلك”.
قام البريطانيون والفرنسيون ايضا بتوجيه تحذيرات مماثلة “بضرب” سوريا.
ما يحفز قوى الناتو هو أن حربهم السرية الإجرامية لتغيير النظام في سوريا تنهار من قبل القوة العسكرية المشتركة للجيش السوري وحلفائه، روسيا وإيران وحزب الله. إن صمود الشعب السوري أمام المجموعات البربرية المفروضة من الغرب هو أيضاً مقاومة صلبة.
انتقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تصريحات هالي حول التدخل العسكري الأمريكي أحادي الجانب في سوريا ووصفه بأنه غير قانوني وغير مقبول. وقال “نذكرك بأن أي استخدام للقوة ضد دمشق يستند إلى ذرائع بعيدة المنال هو أمر غير مقبول.”
وبشكل منفصل، انتقد القائد العسكري الروسي الأعلى، الجنرال فاليري جيراسيموف، الأمريكيين لتصعيدهم العسكري المقترح في سوريا. وقال إن أي ضربات عسكرية أمريكية ستواجه بقوة مضادة حاسمة.
إن واشنطن وحلفاءها البريطانيين والفرنسيين يتأثرون بشدة بحقيقة أن روسيا تحبط مخططاتهم الإمبريالية في سوريا. إن استخدام روسيا لحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يزعج بشكل خاص هذه العصابة المارقة التي حاولت بكل الطرق استخراج تفويض من المجلس كغطاء قانوني للتدخل العسكري في سوريا – بالطريقة نفسها التي اتبعوها للإطاحة بالحكومة الليبية في عام 2011.
تهدف الحملة الإعلامية التي تشنتها الحكومة البريطانية إلى تقويض سلطة روسيا الأخلاقية والقانونية.
في أثناء حملته هذا الأسبوع، كتب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مقالة رأي في صحيفة واشنطن بوست، وصف جونسون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ “المتحامل المتهور على القواعد الدولية الأساسية”. متناسيا ان دولته قامت بتفجير دول بشكل غير قانوني وساهمت بقتل ملايين الأبرياء وكان آخرهم في العراق وأفغانستان وليبيا وسورية واليمن، على سبيل المثال لا الحصر.
واتهم جونسون روسيا “ببذل جهود هائلة لإخفاء استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الدولة السورية “. ثم تابع: “ما مدى سهولة قيام دولة بنشر أسلحة كيميائية عندما تسعى حكومتها بالفعل لإخفاء استخدامها من قبل الآخرين؟ .
ناهيك عن عدم وجود دليل على أن الحكومة السورية قد استخدمت الأسلحة الكيماوية، لقد صرحت دمشق مرارا وتكرارا بأنها لم تستخدم هذه الذخائر. وأن مخزونها قد تم تدميره بشكل يمكن التحقق منه بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية في العام 2014.
المجموعات التي على الأرجح استخدمت المواد السامة ضد المدنيين في سوريا هي فصائل الإرهابيين المدعومين من حلف شمال الاطلسي والذين سعوا إلى خلق ذريعة لتدخل واشنطن وحلفائها عسكريا.
تأكيد الأمريكيين والبريطانيين أن روسيا “أخفت” استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل قوات الحكومة السورية هو تشويه فاضح للواقع – وكذبة مفتعلة من قبل الاعلام الكاذب الذي دبر المكائد لتغيير النظام في سوريا.
ومن المفارقات أن الاستفزاز نفسه باستخدام الأسلحة الكيماوية يتم تدبيره في بريطانيا، والتأكيد والادعاء والتلميح والإشباع الإعلامي والتلفيق والأكاذيب العارية يستخدم مرة أخرى لتشويه سمعة روسيا.
الاستفزازات المعتمدة من بريطانيا يجري تصميمها لإعطاء واشنطن وشركائها في حلف شمال الأطلسي رخصة لقتل أعداد أكبر من السوريين بهدف تغيير النظام..
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان
http://www.informationclearinghouse.info/49005.htm