الضجيج تحت ظلال الفشل
غالب قنديل
شواهد الواقع تتيح لمن يشاء وضع قمم الرياض في منزلتها الواقعية سياسيا بعيدا عن ألاعيب الإيهام والترويج الأميركية السعودية وهي تقول لمن يرغب بالفهم والمتابعة الجدية ان الحكومات المرتبطة بواشنطن والغرب لحق بها الوهن والضعف وأن خططها وحروبها باتت في مأزق خطير تراوح في إخفاقات لا فكاك منها بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها ودول الناتو والكيان الصهيوني والمملكة السعودية والكلام عن رص الصفوف لا يعني الخروج من المأزق الاستراتيجي العميق من غير الاستهانة بما قد تحمله خطط تصعيد الضغوط ضد محور المقاومة في المنطقة وتطوير العلاقات بين الحكومات العربية التابعة والكيان الصهيوني برعاية واشنطن.
اولا المشهد الإيراني في انتخابات الرئاسة وحده يمثل شاهدا على فشل حوالي أربعين عاما من الحصار والعقوبات والتآمر والتخريب الاستخباراتي والتهويل العسكري وعدم جدوى إنفاق آلاف مليارات الدولارات الخليجية وهزيمة المساعي الحثيثة لتخريب إيران من الداخل التي تقودها واشنطن على امتداد العقود الماضية وسقوط الحصار السياسي والاقتصادي الذي رافق قيام الجمهورية وتطور قدراتها الدفاعية والاقتصادية وتقدم ثورتها العلمية والتكنولوجية.
ثانيا مشهد الصمود السوري في وجه الحرب الاستعمارية شاهد كبير على فشل هذا التحالف بجميع اطرافه بعد توسع سيطرة الجيش العربي السوري على الأرض وانحسار رقعة تواجد العصابات الإرهابية وبانطلاق حملة سورية عراقية متقابلة على جانبي الحدود لفتح الطريق البري بين البلدين يتأكد فشل المخطط الأميركي لقطع تواصل ثلاث دول مهمة في الشرق هي إيران والعراق وسورية بكل ما يعنيه ذلك اقتصاديا وسياسيا وعسكريا في مقاومة الهيمنة الاستعمارية وهو الدليل على نقلة هجومية في العمل لإسقاط الخطة الأميركية السعودية التي اطلقت من تكليف داعش بإقامة منطقة عازلة في الجغرافيا الإقليمية لمنع التواصل بين الدول الثلاث ومن أهم مظاهر الفشل الأميركي ما صنعته سورية بصمودها من تظهير لقوة حلفائها الكبار في المنطقة والعالم وبتحولها إلى ميدان لصنع التوازنات الجديدة بالشراكة مع روسيا وإيران وحزب الله.
ثالثا يبرز في فلسطين المحتلة مشهد انتفاضة الأسرى داخل السجون الصهيونية وخارجها وتستنهض المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني إلى ميادين النضال بينما يتمادى وحش الاستيطان والقمع الإجرامي الذي يقوم به الاحتلال وما يطمح إليه ترامب واقعيا هو تحقيق مزيد من المكاسب السياسية للكيان عبر تكريس علاقات علنية ومباشرة بين الحكومات التابعة لواشنطن وبين الكيان لتحصين وجوده واللغو عن حل للقضية يبدو هراء متجددا لا يختلف عن كل ما سبق في مختلف العهود الأميركية المتعاقبة.
رابعا إنها قمة إعلانية يغلب عليها الاستعراض بحشد من الحكومات التابعة للهيمنة الأميركية الغربية في المنطقة وبعد سبع سنوات من تورطها وانخراطها جميعا بقيادة اميركية في إشعال وتحريك حروب بالواسطة ضد المتمردين على المشيئة الأميركية الصهيونية في المنطقة وبكل بساطة تعقد هذه القمم تحت ظلال الفشل الكبير ولكل من المشاركين رهان على حصته الفعلية من الترضيات والمكاسب المعنوية خارج المزاعم التي روجتها الدعاية الهادفة لترهيب الخصوم وإيهامهم ان المجتمعين سيزدادون قوة بعد طول وهن وتراجع وعجز فالإمبراطورية التي يقودها ترامب في مأزق عميق تزداد ضعفا وعجزا وكذلك اتباعها في المنطقة والدائرون في فلكها.
خامسا ترامب يريد من هذا الكرنفال: العودة بعقود تقدر بمئات المليارات لتنشيط شركات صناعة السلاح في زمن الركود والكساد الأميركي الثقيل وهو يريد ان يحقق سطوة معنوية داخل الولايات المتحدة تحصنه باستمالة مجموعات الضغط النافذة في وجه الملاحقات والضغوط التي تطارد إدارته المهزوزة والمضطربة منذ تنحية مستشاره مايكل فلين وانطلاق التحقيقات عن علاقة الإدارة الجديدة بروسيا.
سادسا الكوابيس التي تخيم على القمم الأميركية في الرياض هي ظلال الفشل الكبير وباختصار إنها كوابيس الصعود الإيراني والحضور الروسي القاهر والصمود السوري الكبير وثبات اليمن المقاوم وحزب الله الإقليمي الذي يزداد قوة والمقاومة الفلسطينية التي كلما حاصروها واخترقوها ودجنوا بعض قادتها نهضت منها فصائل وحالات جديدة أشد بأسا وجذرية.
اما كذبة الحرب على الإرهاب فهي الغلاف التسويقي الذي تضج يه حملات الترويج التي تتزامن مع فشل خطط الحرب بواسطة القاعدة وداعش فالمجتمعون هم صناع التكفير ورعاته الكبار الذي حركوه وسلحوه واطلقوه في الدول المستهدفة بخطط التدمير والتخريب لكسر الإرادة الاستقلالية والسيادية.