فلنستعد للأسوأ
غالب قنديل
لا يرعب الأحرار والمقاومين كل التهديد والضجيج فمن كان ثابتا يتمسك باستقلال وطنه وبكرامة شعبه ومن يمتلك الاستعداد للقتال والتضحية حتى النفس الأخير لا يخشى قوى الاستعمار والرجعية وعصابات التوحش وهو يبذل الروح في سبيل الوطن.
دونالد ترامب باع للعالم كله وعودا كثيرة ونشر انطباعات وافتراضات عن نهج جديد بعيد عن الحروب وعن الغزوات انطلاقا من تضعضع الاقتصاد الأميركي الذي نزف تريليونات الدولارات في مغامرات دبليو بوش وباراك اوباما.
ما إن استقر ترامب في البيت الأبيض حتى رضخ لضغوط المؤسسة الحاكمة ثم استقر في حضن اللوبي الصهيوني وصارت قضيته المركزية تحقيق الغاية الصهيونية المتمثلة بضرب محور المقاومة والاستقلال في الشرق عبر استهداف سورية وحزب الله وإيران ومحاصرة الدور الروسي الصاعد في المنطقة وخلف تلك القضية توجه حاسم بعرقلة التمدد الصيني السريع إلى حوض المتوسط عبر طريق الحرير الجديد بل ومحاولة ردع روسيا وتقليم اظافرها في حين يدور التحقيق في الكواليس عن علاقة فريقه الخاص بالروس.
قدر سورية ان تكون مركز العالم منذ القدم وهي في الوقت عينه كما أسماها الرئيس جمال عبد الناصر قلب العروبة النابض لينعقد مصيرها ومستقبلها تحت راية فلسطين ومقاتلة الصهاينة والمستعمرين الذين دبروا لها كل الويل فسورية الأبية في كفاح ملحمي لم يهدأ دفاعا عن استقلالها منذ مطلع القرن العشرين حتى يومنا والغزوات الاستعمارية الصهيونية تتكسر على أبوابها.
يدعونا المنطق العلمي إلى تنحية جميع الفرضيات التي تخفف منسوب المخاطر كما يحاول البعض أحيانا لكن الحزم الوطني والقومي يستدعي اليقظة العالية وحذف جميع الترهات في التعامل مع ضربة ترامب العدوانية ويجب ان نسقط كل الأكاذيب الخادعة :
أولا ليس صحيحا ان الضربة يراد منها شد عصب حلفاء واشنطن واستعراض القوة تمهيدا للدخول في تسويات فإن كان للعدوان تأثير مفترض على مستقبل التسويات فهو في التخطيط الأميركي إضعاف سورية وحليفيها روسيا وإيران وفرض شروط تمس السيادة السورية في أي تسوية وتفخيخ مستقبل سورية بزمر العمالة والتبعية تحت عباءة التسوية وفي سبيل هذه الأهداف يشدون عصب عملائهم.
ثانيا ليس صحيحا ان العدوان الأميركي نسق بوصفه عملية مشهدية لرد الاعتبار لقوة الولايات المتحدة وان روسيا وسورية غضتا الطرف أوكانتا على علم بما جرى فهذا انتهاك للسيادة السورية واختبار للتوازنات تعمل الولايات المتحدة على تطويره وإتباعه بفصول لاحقة وفقا للتخطيط الذي اقترحته معاهد رسم السياسات التابعة للوبي الصهيوني.
ثالثا العدوان الأميركي على سورية يأتي في ظل تراجع قدرة قوى التوحش وداعميها على تطوير العمليات العسكرية المناهضة للدولة الوطنية السورية وحلفائها وبعد تحولات كبرى في الميدان والمطلوب من وراء هذا النوع من الضربات زعزعة توازن القوى لصالح عصابات الإرهاب ويقتضي ذلك تطوير الإمكانات والقدرات السورية والقيام بعمل هجومي واسع ضد أوكار العصابات التي تدعمها عمليات واشنطن وهو ما استجابت له القيادة الروسية على الفور.
رابعا من الحكمة التصرف على أساس ان كل كلام ترامب السابق عن مقاتلة الإرهاب والتخلص منه كانت تسويقا إعلانيا لإدارته وبأسلوبه التجاري وهو يضمر عكس ما يظهر تماما مثل سلفه اوباما فيواصل التلاعب في حلقة الاستخدام والتوظيف والتطويع على صعيد العلاقة بعصابات القاعدة وداعش وزمرة الأخوان المسلمين الأميركيون هم رعاة الإرهاب وداعموه منذ البداية وليسوا شركاء في محاربته وكفى!.
خامسا الخيار الصحيح هو تعبئة القوى والجهود الشعبية والوطنية والقومية لمجابهة أشد الاحتمالات سوءا وخطورة مع الثقة الكاملة بأن توازن القوى الفعلي ليس لمصلحة المستعمرين الأميركيين الصهاينة وعملائهم في المنطقة من الرجعيات السعودية والقطرية والتركية فالنصر متاح لمن يطلبه ويسعى إليه وما اعتادت سورية ان تستسلم لمشيئة المعتدين وهي كما كانت دائما ستصنع نصرا يغير وجه المنطقة والعالم.
سادسا إن المطلوب في سورية ولبنان هو إعلان النفير الشعبي للدفاع عن الوطن واستنفار جميع القوى الحرة في المنطقة والعالم ضد العدوان الأميركي وإخراج وتائر التصرف الإعلامي والسياسي من بلادة المتابعة الباردة للأحداث فهي معركة مصيرية ضد الاستعمار والصهيونية والحكومات العميلة في المنطقة وهي لذلك معركة وجود ومصير لاينفع فيها التلكؤ او الانتظار ولا فائدة هنا في اجترار الفذلكات الباهتة لمن يجتهدون للتقليل من المخاطر التي تهدد الشرق ومصيره دفعة واحدة ولأن معادلات الردع والدفاع قوية ينبغي تفعيلها لا تركها تصدأ من عدم الاستعمال.