نصر الله وحصن الحماية
غالب قنديل
عاش الكيان الصهيوني حالة من البلبلة والاضطراب والذعر الذي ران على الجمهور بعد خطاب السيد حسن نصرالله المكرس لتطوير معادلات الردع ردا على العربدة التي أعقبت قمة ترامب – نتنياهو التي كرست التقليد الأميركي الثابت بدعم وتبني العدوانية الصهيونية في المنطقة وهو ذات ما فعلته إدارات أميركية متعاقبة منذ عام 1948 بعد اغتصاب فلسطين وكان واضحا لكل ذي عقل وفهم أن ما يحول بين تل أبيب وترجمة رغباتها في تدمير لبنان والتخلص من قدرات المقاومة التي باتت كابوسا وجوديا هو عدم قدرة الكيان الصهيوني ومعه الولايات المتحدة والغرب والحكومات العربية والإقليمية التابعة على خوض مغامرة خاسرة جديدة منذ هزيمة تموز 2006 .
معادلات السيد نصر الله الجديدة عن مفاعل ديمونة وخزانات الأمونيا في حيفا ترجمت كوابيس الصهاينة بتحويلها إلى وقائع عملية من خلال دعوته لتفكيك هاتين المنشأتين الواقعتين في مرمى صواريخ حزب الله وقدراتها التقنية على الإصابة الدقيقة وطاقتها التدميرية وهي معلومات يعرفها قادة العدو والدليل على ذلك جدية التعامل مع تلك المعادلات الجديدة منذ تلميح قائد المقاومة للموضوع بانطلاق جدل داخل الكيان عن تفكيك خزانات حيفا ونقلها.
قبل ست سنوات اطلقت في المنطقة عصابات التوحش بقيادة اميركية لحرب بالوكالة ضد سورية والعراق ولبنان ومصر واليمن والجزائر من خلال فصائل التكفير الإرهابية وصمدت المنطقة بشعوبها ودولها المستهدفة وقواها الوطنية ولاسيما الجمهورية العربية السورية حيث شارك حزب الله جيشها وقيادتها خيار المواجهة الضارية لخطة واشنطن وأدواتها العربية والإقليمية وكان واضحا ان هذه الخطة ارتكزت إلى مساهمة رئيسية من كيان العدو في الإدارة والتخطيط والشراكة الاستخباراتية واللوجستية وبالتمويل السعودي القطري واليوم تصل تلك الغزوة إلى خطوط الفشل ماقبل النهائية ويأتي توقيت معادلات الردع كابحا استباقيا لأي مغامرة محتملة بعودة الكيان الصهيوني إلى سيرة الحروب بعد خسارة الوكلاء من الإرهابيين والمرتزقة وداعميهم.
الأكيد انه بعد خطاب السيد نصرالله باتت حسابات نتنياهو وترامب أكثر تعقيدا وصعوبة وهو ما يربك أعوانهما في المنطقة المتعطشين للتخلص من كابوس حزب الله الذي يقض مضاجعهم وينسبون إليه فشلهم في كل مكان على مساحة المنطقة وساحاتها المشتعلة .
فحساب الكلفة في دوائر التخطيط وارتقاب ردود الفعل هو الشرط الملازم لبلورة أي خطة افتراضية لحرب كبرى ويعلم المخططون الأميركيون والصهاينة ان صواريخ حزب الله قادرة على إصابة الأهداف التي ألمح إليها السيد غير مرة سواء كانت في البحر ام في البر من فلسطين المحتلة مما سيشعل جحيما حارقا لمئات آلاف المستعمرين الصهاينة .
في تقدير استخباراتي صهيوني نشر قبل حوالي السنة قال قادة اجهزة امن العدو إن حزب الله هو “حامي لبنان ” لأن لديه قدرات ردعية متعاظمة تمنع إسرائيل من شن الحرب ويعلم جميعهم ان معادلات السيد نصرالله الاستراتيجية ليست عبارات خطابية لرفع المعنويات او استعراضات لفظية فتلك حقيقة خبرها العدو غير مرة جمهورا وقيادة فاعترف الصهاينة بعد التجارب المرة للسيد نصر الله بدقته ونزاهته كعدو صادق وحازم .
معادلة ديمونا وخزانات الأمونيا هي تعبير مكثف عن توازنات يعرف القادة الصهاينة مدى صحتها ولديهم الوقائع العملية عن ذلك بنتيجة نشاطهم الاستطلاعي الكثيف وحركتهم الاستخباراتية وتحالفاتهم مع دول عربية واجنبية كما هم يعرفون ان لدى حزب الله القدرة المعلوماتية على تحصيل وتصحيح إحداثيات جميع الأهداف المحتملة ضمن مفهوم ضرب المواقع القابلة للتسبب بتداعيات شديدة الصعوبة والخطر حال إصابتها بصواريخ المقاومين.
“حامي لبنان” يستهدف بعد خطاب نوعي بهذه القيمة والأهمية من “شركاء الوطن ” الذين آلمهم ان تصاب بنقد السيد نصرالله حكومات عربية تدير تعاونا سياسيا ومخابراتيا مع الكيان الصهيوني وتعمل على توسيع مساحة الشراكة الخليجية الصهيونية في اليمن وفي العمل على تصفية قضية فلسطين وفي استهداف لبنان وسورية تحت عباءة دونالد ترامب.
من مهازل الزمن ان تتيح اختلالات السياسية والنظام الطائفي مقامات ومواقع لمن يتطاولون على صانع المعادلات الصعبة ورفاقه البواسل الذين يسيجون لبنان بدمائهم وقلوبهم ويصدون بكل تواضع عن أهله ويل الإرهاب التكفيري وغدر الصهاينة وأفعال تآمر وتواطؤ عربية ولبنانية أيضا لكن الغبار الذي تثيره أبواق الغبار لا يعدو كونه غبارا تجلوه الرياح اما حصن الحماية وقوة الدفاع الرادع عن الوطن فراسخان كالجبال.