انتهت اللعبة بالنسبة للولايات المتحدة في سوريا: دانيال ريان
مع قرب تحرير حلب بالكامل من ايدي المتمردين “المعتدلين” والجهاديين الذين تدعمهم الولايات المتحدة، يحاول البيت الأبيض برئاسة باراك أوباما السيطرة على الضرر – ولكن حان الوقت للاعتراف بانتهاء اللعبة. .
بعد التقدم الكبير الذي حققته القوات السورية في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في حلب، فاجأت واشنطن الروس بخطة تنص على ان واشنطن ستبذل قصارى جهدها لاخراج المتمردين من شرق حلب، على ان يعتبر كل من يصر على البقاء ارهابيا وبالتالي هدفا مشروعا للقوات السورية.
الخطة المقترحة هي لمدة ثلاثة أيام كاملة قبل ان تتراجع واشنطن للعمل على بعض الأفكار الجديدة.
مقترحات إدارة أوباما فيما يتعلق بسورية، توحي بعدم وجود حاجة ملحة على الإطلاق. وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عبر مرارا عن استيائه من فترات الراحة الطويلة في المحادثات التي تستمر لساعات أطول من اللازم، في حين أن نظيره جون كيري على ما يبدو كان يشاور من هب ودب في واشنطن قبل أن يقول نعم أو لا على اي مقترح.
حقيقة أن البيت الأبيض لا يتمسك بخطة واحدة لأكثر من ثلاثة أيام – ليس امرا جديدا، فهذه ليست المرة الأولى التي تتراجع واشنطن عن مقترحاتها الخاصة – وهذا يدل ليس فقط على يأس الادارة الحالية، ولكن أيضا يسلط الضوء على التنافر العام وانعدام الوضوح أو الاتساق الذي ميز “استراتيجية” أميركا في سوريا لسنوات.
ولكن الجانب الأميركي يماطل، وأحدث الانتصارات التي حقهها الجيش السوري بدعم روسيا يثبت وبشكل حاسم أن القوات الحكومية السورية ستسيطر بالكامل على مدينة حلب في غضون أيام. وهذا بالتأكيد لن يكون نهاية للحرب، ولكنه قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح من حيث إضعاف جماعات “المعارضة” الإسلامية المتطرفة .
حرب من نوع اخر
وسائل الإعلام الغربية، وكما هو متوقع، تصف لوحة تحرير حلب من المتمردين الاسلاميين الراديكاليين “وسقوط حلب” أو “انهيارها” وابعاد المسلحين من قبل الجيش السوري العلماني بالشيء السيء.
ولكن ما الذي يمكن توقعه من هذه الحفنة المزدوجة؟ كان التزامهم هشا بما خص الدبلوماسية وحقوق الإنسان، وهذا يبرز في ردة فعلهم على قصف المتمردين لمستشفى عسكري روسي في وقت سابق من هذا الاسبوع.
حيث لا يمكن العثور على اي تقارير او افتتاحيات صحفية تدين جرائم الحرب المشينة وقتل المهنيين الطبيين. لماذا؟ حسنا بالطبع، لان المستشفى اولا روسي وثانيا أصيب من جراء قصف المسلحين الذين تدعمهم الولايات المتحدة، وبالتالي فإن الغضب العميق واحترام مهنة الطب اختفى فجأة ولم يعد مسالة انسانية يجب المطالبة بها. حتى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أصدرت بيانا لطيفا وكأنه لم يحصل اي شيئ كبير ثم كان هناك اشمئزاز من القرار الذي اتخذته روسيا والصين لمنع مشروع قرار لمجلس الامن الدولي لوقف إطلاق النار في حلب.
العناوين الرئيسية نددت برافضي وقف إطلاق النار، بينما ابدى المتمردون محبة كبيرة للسلام ولوقف إراقة الدماء. انما في واقع الأمر، يبدو ان وقف اطلاق النار في هذه المرحلة سيخدم المتمردين لتجميع صفوفهم وبالتالي اطالة فترة القتال في المدينة.
وللتذكير فان هؤلاء المتمردين “المعتدلين” مدعومين ماليا وعسكريا من الولايات المتحدة، ولكن بالتأكيد لا يمكن لواشنطن السيطرة عليهم. فهم جماعات تقاتل الى جانب القوات التابعة للقاعدة والمتهمة بقطع رؤوس الاطفال، ووضع النساء في الاقفاص لاستخدامهم كدروع بشرية.
ولكن مرة أخرى، لا تجد هيئات تحرير الصحف الغربية الكبرى هذا الأسبوع الوقت لإدانة هؤلاء المجانين أو سياساتهم.
للتذكير فقط
وفي حين أن الحكومات الغربية تدين التحرك الروسي في سوريا وتذرف دموع التماسيح على فشل الجهود الدبلوماسية الاميركية، فإنه يجب العودة إلى الوراء لبضع سنوات لتذكير انفسنا بدور واشنطن في إثارة هذه الحرب.
والحقيقة هي أن الولايات المتحدة روجت للاضطرابات المدنية في سوريا. ودفعت لذلك. وشجعت عليه. وأمضوا سنوات في تشجيع الانقسام وزرع بذور عدم الاستقرار بكافة الوسائل التي يمكن أن تؤدي الى اندلاع العنف. وكانت سوريا مجرد قطعة أخرى في أحجية الخطة الرئيسية الجيوسياسية التي وضعتها واشنطن. فرصة أخرى من أجل السيطرة والنفوذ في المنطقة. وكان الأسد قائدا لم يلعب الكرة بالطريقة التي تحبا واشنطن، لذلك كان عليه أن يذهب.
بمجرد إلقاء نظرة على وثائق ويكيليكس يتضح لنا كيف وضعت الولايات المتحدة الخطط لإثارة الاضطرابات في دول الشرق الأوسط في وقت مبكر من العام 2006. وهناك بعض التسريبات التي تحدثت عن عدد من الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة لإضعاف الأسد وتعزيز المعارضة ضده. وشملت بعض الاقتراحات بث الشائعات لإضعاف الحكومة، وعدم تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر لضرب الاقتصاد وتسليط الضوء على فشل بعض جهود الإصلاح في البلاد.
وسرعان ما وجدنا ان الاسلاميين هم اصدقاء المتمردين “المعتدلين” وواشنطن. من الواضح أن حكومة الولايات المتحدة كانت تشجع على الانتفاضة المناهضة للأسد منذ سنوات. ومن الواضح أيضا أنهم كانوا غير متأكدين من عواقب أفعالهم، الجميع يستحق اللوم.
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان
https://www.rt.com/op-edge/369866-game-over-us-syria-aleppo/