بقلم غالب قنديل

نصرالله وبوصلة الاستقرار اللبناني

غالب قنديل

عودت المقاومة اللبنانيين على اهداء تضحياتها لهم وتقديم الانجازات الصعبة من غير ان تلقى احيانا حتى الاعتراف الكلامي بالإنجازات الكبيرة والثمينة التي قدمتها في سبيل الوطن من غير ان تشترط على احد شيئا او تطلب لها ولشركائها اي شيء.

في مهمة تحرير الارض من الاحتلال الصهيوني كانت المقاومة وحيدة في حمل العبء حتى تاريخ اتفاق الطائف وانطلاق تنفيذه عندما بات تأكيد هوية لبنان الكيان والوطن مقرونا بالتزام التصدي للعدو الصهيوني وظل من يومها حتى التحرير عبء القتال والتضحية على حزب الله بالشراكة مع الجيش اللبناني الذي تولى اعادة بنائه العماد اميل لحود.

مرة اخرى وعندما ضرب الارهاب المنطقة وبات التكفير الذي يفتك بسوريا خطرا داهما على لبنان خرجت المقاومة الى المواجهة وكما جحدوا فضلها وتنكروا لدورها وتأمروا عليها في زمن القتال ضد الصهاينة الغزاة تعرض حزب الله مجددا لحملات كثيرة تناولت دوره في صد الارهاب داخل سوريا وفي لبنان.

كما في كل مرة جاءت الوقائع لتؤكد حقيقة ان حزب الله قدم التضحيات مجانا ولم يطلب مقابل لها لأنه ينطلق من الالتزام الوطني ومن مبدأ الدفاع عن الاستقلال والسيادة الوطنية ولا يقيم حسابا للمكاسب والمصالح الصغيرة.

هذه الحقائق المتراكمة في مواجهة أبرز الاخطار حضرت في خطاب السيد نصرالله دفعة واحدة في تناوله للوضع الداخلي ولمسار تشكيل الحكومة وكذلك في تأكيده على ضرورة اعتماد النسبية الشاملة طريقا لتطوير النظام الانتخابي وللإتيان بمجلس نيابي يعبر بصدق عن الارادة الشعبية ويوفر الاسس اللازمة للانطلاق الى مرحلة جديدة من التطور السياسي والتقدم في بناء المؤسسات وفي هذا السياق كان السيد واضحا في الدعوة لفصل المسارين اي مسار تشكيل الحكومة بروحية التعاون والتضامن ومسار مباشرة البحث في قانون الانتخاب الجديد حرصا على المهل وحتى لا يرتجل الموقف في حشرة الزمن وهذا منطق حكيم يؤكد ما يمثله الحزب في الحياة الوطنية كصمام أمان.

حقا ان الحكومة الجديدة لا تحمل اكثر من وصف حكومة انتخاب وتكبير الحجر الذي يقوم به بعض الاطراف يعكس محاولة لقطع الطريق على سن قانون انتخاب جديد بداعي الاستعجال وعدم توافر الوقت في حين ان قانون الانتخاب الجديد هو الاساس في ترجمة توجهات العهد والتعبير عن نهج فخامة الرئيس ميشال عون المصمم على تصحيح الحياة الوطنية وترك بصمة في تاريخ نظامنا السياسي وهذا الامر اي تطوير قانون الانتخاب هو المدخل الفعلي الى اي اصلاح جدي في المؤسسات والقوانين والانظمة وبالتالي فهو البصمة التاريخية التي يريد العماد عون انجازها.

لقد آن الاوان للتصرف بمسؤولية وهذا يقتضي اعطاء كل الجهد الكافي لبلورة قانون انتخاب حديث على اساس النسبية في وقت ان العقد الحكومية تأخذ طريقها الى الحلحلة بصورة تؤمن تمثيلا وافيا لجميع الاطراف الاساسية في البلد وهذا ما لا بد منه في حكومة تضطلع بمسؤولية اصلاح النظام الانتخابي والاشراف على اول انتخابات تجري وفقا للقانون الجديد بروحية اتفاق الطائف والاليات الاصلاحية التي وضعها.

شكرا للسيد حسن نصرالله الذي رسم الاولويات بوضوح وحدد منهجية التعامل معها وليفهم المتحاملون ان افتراءاتهم لا مكان لها في الحساب اللبناني الكبير وان واقعية حزب الله اكبر واشد مرونة من كل محاولات الاتهام والتجريح والتشكيك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى