انتصار حلب انعطافة كبرى
غالب قنديل
عندما انطلق العدوان الاستعماري على سورية قبل خمس سنوات وسبعة أشهر شهدت حلب مسيرات شعبية حاشدة شارك فيها مئات الآلاف من سكان المدينة ومحيطها رفعت شعارات الدعم والمساندة للدولة الوطنية ورئيسها الدكتور بشار الأسد وللجيش العربي السوري وعبر الحلبيون بجميع فاعلياتهم المدنية والدينية وبسائر قواهم الحية عن رفضهم للتحريض الطائفي وانبروا موحدين في الميدان بجميع اطيافهم للدفاع عن وطنهم ودولتهم الوطنية العلمانية.
أظهرت الواقع الهمجية أن قوى العدوان تضع المدينة نصب عينيها وتستهدفها بكل طاقتها بواسطة شبكة من عملاء الغرب ومخابرات ومرتزقة السعودية وقطر الذين تجمعوا بقيادة رجب أردوغان المرجع الأول لتنظيم الأخوان ولعصابات الإرهاب التي ضربت المدينة وحشدت في حلب وحولها عشرات الآلاف من المسلحين متعددي الجنسيات الذين أرسلوا من تركيا التي قدمت لهم الدعم والإمداد وشاركت مخابراتها في قيادة عملياتهم مع سائر دول العدوان الأجنبية والخليجية وشرعت في تفجيرات ومن ثم في عمليات قصف ونهب لم توفر شيئا وتحولت الحملة اللصوصية والإجرامية المشهودة على حلب إلى انتقام وحشي من المواطنين الذي رفضوا الانجرار في مخطط تدمير سورية ومحاولة تقسيمها .
حلب التي تماسكت شعبيا وانتصرت على العدوان بوعي اهلها وبثباتهم وبنسيجها المتنوع عوقبت على خيارها الوطني المقاوم بالدمار والخراب والقتل والنهب وظلت منيعة بإرادة سكانها وبوطنيتهم الضاربة جذورها في التاريخ فكانت النموذج القوي للتصميم الشعبي على الصمود والتحدي ووفرت في أحيائها المحررة بيئة حاضنة للجيش العربي السوري وللقوى المقاتلة الرديفة والحليفة في مسيرة التحرير الوطنية لطرد وتدمير جحافل العدوان الاستعماري الذي قادته الولايات المتحدة وحشد له حلف دولي إقليمي كبير وسخرت في خدمته قدرات هائلة مالية وعسكرية وإعلامية .
الصمود الأسطوري للمدينة يقترب اليوم من الخاتمة السعيدة بعودتها حرة مع تهاوي معاقل عصابات الإرهاب في الأحياء الشرقية التي يحررها الجيش العربي السوري وحلفاؤه وكما كان احتلال أجزاء أساسية من المدينة واريافها نقطة تحول لصالح قوى العدوان الاستعماري وأدواته قبل أربع سنوات فإن تحريرها سيكون انعطافة كبرى ونوعية في المسيرة الوطنية السورية نحو الانتصار الشامل على العدوان.
رسمت خطط استعمارية كثيرة لمستقبل سورية انطلاقا من معركة حلب والرهان على كسبها وهي اليوم تتبدد مع إنجازات الجيش العربي السوري وحلفائه داخل المدينة وفي جوارها فقد قبرت خطة تقسيم سورية ودفنت مشاريع الابتزاز الأخواني مع تهاوي إمارات التكفير القاعدية داخل المدينة ومن حلب تنطلق تفاعلات كبرى تجرد الفصائل الإرهابية جميعا من أي تعاطف داخل المجتمع السوري وتجعل دخول الجيش إلى المناطق الباقية تحت سيطرتها أمنية للناس الذين عايشوا العسف والإرهاب واللصوصية في سلطة قطاع الطرق ومشايخ التكفير على امتداد الأراضي السورية بعدما أضاف صمود الحلبيين الكثير من المعلومات عن حقيقة هذه القوى وطبيعتها الإجرامية وعمالتها للأجنبي وهكذا تتواصل عمليات التفكيك الجارية بالمصالحات في الغوطة بالتوازي مع عمليات التحرير في حلب وستكون الذروة في عرس تحرير حلب الذي بات قريبا ليكون ما بعده غير ماقبله عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
تفاعلات انتصار حلب داخل سورية ستوفر اندفاعة كبيرة لمسيرة تحرير سورية من الإرهاب لأنها ستؤمن سيطرة الدولة الوطنية السورية على معظم مناطق الثقل السكاني والموارد الاقتصادية في سورية بعودة العاصمة الثانية وتفتح الباب لإحياء دورة الاقتصاد الوطني وعودة معامل حلب للدوران وأسواقها للعمل وحقولها للزرع والحصاد في بشارة خير لجميع السوريين الذين يتابعون الحركة السريعة والنشطة لدولتهم في ترميم البنى التحتية المدمرة فور تحرير الجيش العربي السوري لأي رقعة من الأرض وهذا ما يشهد به التحرك السريع لمؤسسات الدولة في الأحياء الشرقية خلال المعارك ومن غير انتظار.
انتصار حلب سيتيح للجيش العربي السوري ولحلفائه التحرك نحو اهداف جديدة وفقا لأولويات خطة التحرير التي تضعها القيادة السياسية والعسكرية بالتعاون مع حلفاء سورية وشركائها في هذه الملحمة التاريخية وبعد تحرير حلب لن تقف عقدة في طريق الجيش العربي السوري الذي كرس جهدا كبيرا لحسم المعركة وسينتقل بثقله وبأهليته وخبراته إلى المناطق الباقية تحت سيطرة الإرهاب وبينما تتعاظم قوة الجيش العربي السوري وحلفائه تعيش عصابات الإرهاب حالة من الضعضعة والانهزام المعنوي والسياسي والعسكري تنتشر معها حملات التشكيك وتبادل الاتهامات وبكائيات التخلي والانهزام .
إن انتصار حلب كان ثمرة تخطيط محكم سياسي وعسكري قامت به القيادة السورية بإشراف مباشر من الرئيس بشار الأسد بالشراكة مع كل من الحليفين الروسي والإيراني وقيادة حزب الله المقاوم وهو بداية لمرحلة جديدة في المنطقة والعالم وليس فحسب داخل سورية والخطة الوطنية السورية لمسيرة التحرير وحماية الاستقلال الوطني ستشق طريقها بقوة إلى سائر الأنحاء السورية وفقا لأولوياتها الاستراتيجية والميدانية وهي ستقرع لاحقا أبواب إدلب والرقة ودير الزور في المرحلة المقبلة وسوف تتكفل بإنهاء الاختراقات الأميركية والتركية والصهيونية في الشمال والجنوب السوريين … مزيد من الوقت الضروري سينقضي حتى إعلان النصر الشامل لكن نصر حلب الاتي في فترة قريبة جدا سيكون البشارة الأكيدة بان ساعة الاحتفال التاريخي بهزيمة العدوان الاستعماري قادمة.