علاقة تنظيم القاعدة بالمتمردين السوريين المدعومين من الولايات المتحدة: غاريث بورتر
اتفاق وقف اطلاق النار بين وزير الخارجية جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي دخل حيز التنفيذ منذ ايام يحتوي على حل وسط جديد كان قد غاب عن مختلف الاتفاقات السابقة، ولكن ليس واضحا ما اذا كان سيولد نتائج مختلفة بشكل ملحوظ.
ويتضمن الاتفاق الجديد صفقة بين الولايات المتحدة وروسيا: تمنع من خلالها القوة الجوية السورية على العمل إلا في ظروف محددة للغاية في مقابل التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا ضد تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، التي تعرف أيضا باسمداعش، الحل الوسط يمكن أن يكون أساسا أقوى لوقف إطلاق النار الفعلي، شرط أن يكون هناك حافزا كافيا للقيام بذلك بشكل كامل.
ولكن السؤال هو ما إذا كانت إدارة أوباما مستعدة لبذل كل جهد من شأنه أن يكون ضروريا لاتفاق وقف إطلاق النار على المدى الطويل على حسابداعشوالقاعدة.
في مقابل إنهاء العمليات العسكرية الجوية السورية، والتي ينظر إليها عادة باعتبارها عشوائية، يرفع الحصار عن القطاعات التي يسيطر عليها المتمردين في حلب، ومن المفترض ان تضمن الولايات المتحدة نهاية للتعاون العسكري الوثيق بين الجماعات المسلحة التي تدعمها والتنظيم، والتعاون مع القوات الروسية في إضعاف تنظيم القاعدة.
الصفقة الجديدة في الواقع لا تشبه اتفاق وقف إطلاق النار الذي حصل في 27 فبراير: ففي مقابل القيود على التي فرضت على العمليات العسكرية الروسية والسورية، ستحاول الولايات المتحدة الضغط على عملائها لفصل أنفسهم عن الحلفاء السابقين للقاعدة.
ولكن هذا لم يحدث أبدا. فبدلا من ذلك دعمت الولايات المتحدة المجموعات التي تحترم اتفاق “وقف إطلاق النار الجزئي” واستبعدت المناطق التي تسيطر عليها تنظيم القاعدة، اضافة الى ذلك ساهمت جبهة النصرة وحليفتها، أحرار الشام، في انتهاك وقف إطلاق النار عن طريق الاستيلاء على الأراضي الاستراتيجية جنوب حلب في أوائل أبريل.
مع استمرار مفاوضات كيري-لافروف لوقف إطلاق النار، لمح وزير الخارجية الاميركي الى أن الولايات المتحدة كانت تربط استعدادها للضغط على عملائها في المعارضة المسلحة لفصل أنفسهم عن قوات القاعدة في شمال غرب سوريا بتنازل روسي غير محدد بشأن وقف إطلاق النار.
فمن الواضح الآن أن ما كان يدفع كيري لطرح بعض النقاط في المفاوضات هو ادخال القوات الجوية السورية بشكل اساسي في الاتفاق الحالي.
المجموعات الداعمة لتنظيم القاعدة
الآن وقد حصلت الولايات المتحدة على هذا الامتياز من الروس، فإن السؤال الحاسم هو ما تنوي إدارة أوباما فعله حيال العلاقات بين العملاء العسكريين الخاصين بهم وتنظيم القاعدة في حلب وأماكن أخرى في شمال غرب البلاد.
حتى الآن الأدلة الأولية المتاحة للإجابة عن هذا السؤال هي في رسالتين من مبعوث الولايات المتحدة للمعارضة السورية مايكلراتنيلجماعات المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة. بعد اتفاق كيري-لافروف الذي تم التوصل اليه، كانت الرسالة الاولى في 3 سبتمبر وهي كانت تهدف في المقام الأول إلى طمأنة الجماعات المسلحة السورية.
“وكما ترجم من قبل المونيتور”، فقد أكد “ان روسيا منعت طائرات النظام من الطيران، وهذا يعني انه لن يكون هناك قصف على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بغض النظر عمن هو موجود في المنطقة، بما في ذلك المناطق التيتسيطر عليها جبهة النصرة وفتح الشام (الاسم الجديد لجبهة النصرة وتنظيم القاعدة)”..
وأكد “راتني”أن الولايات المتحدة في المقابل سوف “تنسق مع روسيا لإضعاف تنظيم القاعدة”، لكنه أكد أيضا ان عملاء الولايات المتحدة من شأنهم أن يحموامصالحهم بموجب الاتفاق الجديد.
واضاف قائلا: “ان وقف إطلاق النار يجب أن يكون أقوى”، “لأنه يجب منع روسيا والنظام من قصف المعارضة بحجة أنهم يوجهون ضرباتهم باتجاهجبهة النصرة“.
رسالة“راتني”لا تشير إلى أي شرط للمعارضة المسلحة بالتحرك بعيدا عن حلفائهم من تنظيم القاعدة أو حتى إنهاء العلاقات العسكرية، وبالتالي ضمنا هي لا تحتاج إلى القيام بذلك.
لكن في رسالة لاحقة، غير مؤرخة أرسلت على ما يبدو في 10 سبتمبر بعد الانتهاء من الاتفاق الجديد بين كيري-ولافروف، كتبراتني، “نحن نحث المتمردين على النأي بأنفسهم وقطع جميع العلاقات مع فتح الشام، جبهة النصرة سابقا، أو ستكون العواقب وخيمة“.
الفرق بين الرسالتين واضح ودراماتيكي. حيث يشير إلى أن واحدة من آخر التنازلات التي قدمها كيري في اجتماع 9 سبتمبر مع لافروف من شأنها أن تكون رسالة لعملاء الولايات المتحدة العسكريين.
مجمل الرسالتين يؤكد على ضرورة قيام الولايات المتحدة بإنذار عملائهم السوريين ، بغض النظر عن مدى وضوح تورطهم في عمليات تنظيم القاعدة ضد وقف إطلاق النار. في الربيع الماضي، وزارة الخارجية لم تعلق علنا على مشاركة الجماعات المسلحة المدعومة من واشنطن في هجوم جبهة النصرة وانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، وتوفير الغطاء السياسي الفعال لذلك.
هذا القرار اتخذ من قبل الجماعات المسلحة التي تدعمها الولايات المتحدة في مارس اذار لتحدي وقف إطلاق النار، مع العلم بأن تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وافقت على إمداد المجموعات التي تقودها جبهة النصرة في شمال غرب البلاد كما قدمت صواريخ ارض-جو التي تحمل على الكتف لحليف النصرة الوثيق أحرار الشام.
دور تركيا المريب
التحول في سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا تجاه التقارب مع روسيا وكلامه عن إنهاء الحرب في سوريا جاء نتيجة العزم التركي على منع الأكراد السوريين من إقامة دولة كردستانية موحدة على طول الحدود التركية.
وقال هنري باركي في مركز ويلسون وهو متخصص رائد في تركيا في اجتماع برعاية معهد الشرق الاوسط الاسبوع الماضي ان سياسة أردوغان حول سوريا مرتبطة بنسبة “90 % بالكرد.”
لكن اردوغان ليس مستعدا لسحب البساط من تحت المجموعات العميلة لتركيا في سوريا. في الواقع، تركيا فجأة اظهرت تحولا شديدا في لغتها الخطابية بشأن سوريا، وخاصة في يوليو عندما كشف فتح الشام لأول مرة أنه كان على وشك ان يشن هجوما كبيرا على حلب.
السياق السياسي للسياسة الاميركية تجاه سوريا لا يزال معاديا بقوة لأي عمليات أميركية مشتركة مع روسيا التي يمكن أن تؤثر في دعمها للعملاء المناهضين للأسد، على الرغم من أنها الآن مسلمة بان عموم تلك القوات على صلة مع تنظيم القاعدة، وخاصة في حلب.
خلال فصلي الربيع والصيف، ذكرت وكالة رويترز، وواشنطن بوست ووسائل الإعلام الأخرى سلسلة من الشكاوى التي قدمتها وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية بشأن خطط أوباما للتوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن سوريا معتبرة انه من شأنه أن يلزم الولايات المتحدة بالتعاون ضد المجموعات الداعمة لتنظيم القاعدة السوري . واشتكوا من أن الروس لا يمكن الوثوق بهم، وأنهم يستهدفون الجماعات المدعومة اميركيا في حرب بالوكالة.
الأسباب الحقيقية وراء الهجوم على المفاوضات كان أكثر ضيقا. الخدمة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية أرادت منذ فترة طويلة برنامج أكثر عدوانية من حيث تقديم المساعدات العسكرية للعملاء السوريين، والتي ستكون أهم العمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية.
وهكذا، على الرغم من أن الاتفاق الجديد يدعو الى “التنسيق” بين الولايات المتحدة وروسيا الا ان الضربات الجوية ضد قوات القاعدة، يمكن ان تدفع إدارة أوباما لرفع الاعتراضات كلما رات أن العملية المقترحة ستأتي قريبا جدا من الأهداف المرتبطة بعملائها. خلاف ذلك، المزيد من التسريبات من المعارضين للاتفاق في البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية – أو حتى في وزارة الخارجية – سيستكمل بالتأكيد.
غاريث بورتر هو صحفي تحقيقات مستقلة، حائز على جائزة جيلهورن 2012 للصحافة، وهو مؤلف كتاب: القصة غير المروية من الخوف النووي الإيراني.
غلوبال ريسيرتش
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان
http://www.globalresearch.ca/al-qaedas-ties-to-us-backed-syrian-rebels/5545799