الدرع الحامي والوطن الخانع
غالب قنديل
في اليوم نفسه ظهرت اعترافات صهيونية صارخة حول التحولات في سورية ولبنان بينما كانت بيروت تشهد انطلاق التطبيقات المصرفية لتعليمات اميركية تستهدف حزب الله ومناصريه والمتعاملين معه ومع مؤسساته بينما يتباهى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بحماسة الحرص على التقيد التفصيلي بكل ما ورد او سيرد من التدابير أميركية التي تعطى صفة إلزام يتعدى القوانين اللبنانية والأصول السيادية.
طبعا هذا الخضوع المشين ليس اجتهاد الحاكم رياض سلامة الشخصي بل هو حاصل توازنات سلطة سياسة تتخلى عن مسؤولياتها السيادية وبينما هي واجفة عن تطبيق الكثير من القوانين الوطنية ترضخ لقانون اجنبي ولتعليمات اجنبية صادرة عن دولة عظمى مهيمنة تنزلق في مرحلة أفول وتراجع بفعل تحولات عالمية معاكسة لمنطق الهيمنة الأميركية الأحادية الذي ساد العالم قبل ربع قرن حتى الأمس القريب.
في صلب الاعترافات الصهيونية الصادرة عن أرفع مستويات القيادة العسكرية والأمنية المعادية إقرار صريح بعجز إسرائيل عن مواجهة حزب الله وعن تطور حاسم في قدرات الحزب الرادعة التي تنزع من تل أبيب زمام المبادرة وكذلك سيل من الوقائع التي تشهد بقرب انتصار سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد ونهوضها إلى موقعها المركزي في مجابهة إسرائيل وهو مصدر قلق صهيوني كبير يفسر دفع قضية الجولان إلى الواجهة مؤخرا.
إنه الاعتراف باقتراب خط النهاية في حرب بالوكالة (ستبقى منها العقوبات المصرفية والاقتصادية) بعدما استهدفت المنطقة بقيادة الولايات المتحدة وزجت في سياقها إمكانات خرافية من الأموال والتحالفات والأسلحة ومنظومات إعلامية عالمية وإقليمية للنيل من محور المقاومة بأقطابه الثلاثة : سورية وحزب الله وإيران وأهم ما في تصريحات القادة الصهاينة ان حزب الله استطاع ان يطور قدراته الرادعة لحماية لبنان وبات درعا حاميا لوطنه في نظر العدو الصهيوني وهو يخوض في الوقت عينه حربا ضد عصابات التكفير الإرهابية إلى جانب الجيش العربي السوري الذي استطاع تطوير إمكاناته وهيكليته بما يتناسب مع حاجات حرب معقدة مركبة متحولة الظروف والشروط وصمد خلافا لجميع التوقعات ولبنانيا يستمر التصميم على العمى والطرش إزاء كل ذلك التطور النوعي والحاسم.
لم يطرح القطاع المصرفي اللبناني ولا الحكومة اللبنانية على جدول الأعمال ملاحقة تمويل الجماعات التكفيرية التي استوطنت شبكاتها في البلد وحظيت بتحويلات قطرية وسعودية وكويتية وإماراتية لتمويل مشترياتها من السلاح المشحونة إلى سورية عبر الحدود او لتجنيد اخطبوط من المهربين والمفجرين في الشمال والبقاع ومناطق لبنانية اخرى ولم ينشغل بال السلطات اللبنانية في أي امر من هذا النوع لأكثر من ثلاث سنوات من التورط اللبناني في العدوان على سورية وطبعا لم تتلق السلطات اللبنانية طلبات اميركية لاعتراض تمويل الإرهاب بل كلفت مصرف لبنان يتطبيق عقوبات اميركية ضد سورية ومؤسساتها ومواطنيها وحرمت لبنان من ودائع ضخمة لرجال اعمال سوريين نزحت بترحيب اميركي إلى الخليج وأوروبا بدلا من لبنان الذي ترك تحت وطاة النزوح السوري الثقيل ورمي إلى حكومته بفتات تافه يتعرض للسطو المنظم ولايصل منه سوى القليل إلى الأشقاء السوريين المقيمين بيننا.
في جميع الدول التي تتمتع بالقليل من الكرامة الوطنية يتبرع الناس بأموالهم لحركات المقاومة التي تدافع عنهم ويتباهون بالمساهمة في دعم المقاومين ومؤازرتهم ويعامل أي تعطيل او عرقلة لموارد المقاومة على انه خيانة موصوفة للوطن ولشرفه وعزته واستقلاله.
الاعتراف الصهيوني الثقيل يقول للبنانيين إن حزب الله يحميكم من بطشنا بكم وبمرافق دولتكم وبعائلاتكم وبجميع ما تملكون وهو يؤكد لهم أيضا ان سورية شرعت تحصد ثمار صمودها وتشق مسار انتصارها بينما الحكومة اللبنانية الخانعة امام العقوبات الأميركية ملتزمة بتوجيهات اميركية خليجية تمنع عليها أي اتصال بالدولة السورية في شؤون كثيرة مشتركة وملحة بينما يتحايل الأميركيون جهارا فيوفدون رؤساء اجهزة امنية ووفودا برلمانية من جميع الدول الأوروبية بما في ذلك بريطانيا وفرنسا ومسؤولين من أستراليا وألمانيا والسويد ويحملونهم طلبات التعاون إلى دمشق وإلى الرئيس بشار الأسد وكلاما يناقض جميع الخطب الإعلامية العدائية.