تقهقر حلف العدوان على سورية

غالب قنديل

تلاحقت التطورات السياسية والميدانية في سورية مؤخرا ويمكن القول إنها تتلخص بتقدم الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة وحلفائها ( إيران وحزب الله وروسيا ) نحو مرحلة جديدة تتيح توقع نجاح دمشق وشركائها في التقدم على طريق تفكيك منظومة العدوان الاستعماري وإلحاق الهزيمة بها وهو ما تبشر به التطورات التالية :

1-    الانهيارات العسكرية في معاقل الإرهاب امام تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه الفاعلين على الأرض وفي الجو وهو ما تفيض به اخبار الجبهات القتالية التي تظهر تفوق سورية وحلفائها وهو تفوق ينتزع بصعوبة وبكلفة غير قليلة نتيجة حجم القدرات التي توظف في خدمة العدوان وأدواته.

2-    انتعاش حركة المصالحات التي تحركها مبادرات شعبية تحت رعاية القيادة السورية وتسوية اوضاع آلاف جديدة من المسلحين السوريين في العديد من المناطق السورية التي باتت الدفة العسكرية فيها مائلة بوضوح لصالح الدولة الوطنية وقواتها المسلحة وهذا ما يسجل خصوصا في حمص وريفها وأطراف دمشق والغوطة إضافة لما جرى في مناطق من محافظة درعا وهو ما سيتوسع لاحقا إلى محافظة حلب وفق التوقعات.

3-    الردع الروسي الفاعل للدور التركي في العدوان على سورية والذي أبطل قسما رئيسيا من حركة الإسناد والدعم اللوجستي للعصابات الإرهابية داخل سورية وانعكس على توازن القوى الميداني.

4-    الديناميكية السياسية الروسية المواكبة للانخراط العسكري الروسي في العمليات القتالية الذي مثل تحولا نوعيا إلى جانب مشاركة إيران والمقاومة اللبنانية في القتال ضد الإرهاب وما أسفرت عنه تلك التطورات من نتائج ظهرت تعبيراتها في بياني فيينا وقراري مجلس الأمن الدولي 2253 و2254 بما تجسده من غطاء اممي لمعركة الجمهورية العربية السورية ضد الإرهاب وبما تمثله من صياغة لإطار العملية السياسية ينسجم مع مضمون البرنامج الذي طرحه الرئيس بشار الأسد قبل ثلاثة أعوام مطلع سنة 2013 .

هذه المؤشرات تشكل مظاهر لاتجاه واضح هو تقهقر حلف العدوان وهي تؤكد تبلور توازن جديد للقوى دوليا وإقليميا انطلاقا من سورية فمعركة حلفاء سورية ضد المتآمرين عليها لم تكن يوما معركة محاججة منطقية بل وبالتحديد هي معركة توازن قوى ومعادلات قوة فلم تسلم الولايات المتحدة بالرؤية الروسية في فيينا إلا مكرهة مجبرة نتيجة توازن القوى وهي بالأصل كانت تعاند أي اعتراف ولو ضمني بمعادلة الشراكة الدولية الجديدة التي تقترحها روسيا بدلا من نظام الهيمنة الأحادية الذي فرضته الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.

خطر ارتداد الإرهاب البذي يكثر الحديث عنه اليوم في جميع انحاء العالم كان معروفا ومجربا منذ ان تبنت المؤسسة الحاكمة الأميركية خطة الجنرال ديفيد بيترايوس والأمير بندر بن سلطان لحشد فصائل القاعدة إلى سورية وقد حذر الرئيس بشار الأسد مبكرا جميع حكومات الغرب من ان ذلك الارتداد سيكون هو النتيجة المنتظرة للحرب على سورية بفعل العبر التي أفرزتها تجربة الغرب في أفغانستان وما بعدها طيلة العقود الثلاثة الماضية مع قوى التكفير الإرهابية وكانت واشنطن تعرف ذلك مسبقا وبالرغم من وجود تحذيرات من داخل الولايات المتحدة كشف عنها التحقيق الأخير الذي نشره الكاتب الأميركي سايمور هيرش خططت مؤسساتها العسكرية والأمنية منذ احتلال العراق لتوليد وحش جديد يخلف القاعدة ويرثها بأسماء ورؤوس متعددة وقد شرعت كمية كبيرة من الحقائق والخفايا في هذا المجال تظهر وتتوضح داخل الولايات المتحدة وما نزال في البدايات فعلينا ان نتوقع الكثير من الوثائق والتقارير التي تكشف خفايا التخطيط والتنفيذ.

ما يجري من تحولات ميدانية في سورية هو تعبير شامل عن تراكم تلك التغييرات في ميزان القوى بعد خمس سنوات من انطلاق العدوان الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة وهو في الواقع حصيلة مكثفة لتراكم نتائج الصمود الشعبي والسياسي والعسكري وحصيلة الثبات الحاسم طيلة خمس سنوات من تلك الحرب التي صرفت عليها المليارات وضخت فيها مئات اطنان السلاح والذخائر كما حشد إليها عشرات آلاف الإرهابيين والمرتزقة من جميع أنحاء العالم .

يتوجب علينا مع تسجيل هذه التحولات وملاحظتها ان ننبه لخطورة الانزلاق في موجات التوقع الانبهاري فلحظة الانتصار والحسم لا تبدو قريبة كما يخيل للكثيرين بل دونها مسافة مستحقة من الزمن حافلة بالتضحيات وبالقتال والحلف الاستعماري لم يلق أسلحته او يستسلم وكل النتائج متوقفة على الميدان الذي يستدعي المزيد من الانتباه وحشد القدرات والإمكانات والتحفز والاستعداد لصد أي حماقات اميركية تورث تصعيدا جديدا وكذلك سوف تتوق فالنتيجة على الفطنة السياسية التي اظهرت الحداث انها ميزة بارزة لنهج القيادة السورية وشركائها الأوفياء .