بدء الغزو الاميركي لسوريا: توني كرتلوتشي
كما حذرت في وقت سابق من العام 2015 فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها ستبدأ العمليات البرية في سوريا رسميا من خلال استخدام قواتها الخاصة. وقالت صحيفة واشنطن بوست في مقالها الذي جاء تحت عنوان “أوباما يدرس إرسال قوات خاصة إلى سوريا ” ما يلي :
اهتمت كبريات الصحف الأميركية اليوم بالتعقيب على قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بنشر عدد صغير من قوات العمليات الخاصة في سوريا، فهذا القرار، يمثل تحولا رئيسيا لاوباما، الذي لطالما كان عزمه على هزيمة داعش متوازنا بفعل قلق دائم بعدم تورط القوات الأميركية بعمق في الصراع السوري المستعصي على الحل.
وقالت الصحيفة إن هذه الخطوة، التي أوصى بها فريق الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبوع الماضي، تعكس استياء أوباما المتزايد من توقف إحراز أي تقدم في العراق وسوريا ومن شعور قادته بأن “لداعش نقاط ضعف كبيرة يمكن استغلالها”.
وقال مسؤولون في إدارة أوباما انه سوف ينشر 50 مستشارا في العمليات الخاصة، سيعملون مع قوى المعارضة المسلحة التي تقاتل داعش في شمال سوريا لكنها لن تشارك في القتال المباشر.
قبول القوات الخاصة في سوريا هو مجرد بداية
في حين تدعي الولايات المتحدة ان هذه الخطوة هي “لهزيمة تنظيم داعش،” الا انها وبوضوح خطوة لإنشاء “مناطق عازلة” طال انتظارها أو “مناطق آمنة” في سوريا، حيث لا يمكن ان تعمل الحكومة السورية. ومما لا شك فيه أيضا أن استخدام القوة الجوية الاميركية لتغطية القوات الخاصة، يدفع الى خلق منطقة حظر جوي في أي منطقة قد يعملون فيها.
الخريطة المصاحبة لمقال واشنطن بوست تبين بوضوح الأراضيالتي تسيطر عليها الجماعات الارهابية -كداعش وجبهة النصرة-على جانبي الممر المتبقي، من الأراضي التركية الى سوريا. ومن المرجح أن تبدأ القوات الأميركية الخاصة العاملة في حماية هذا الممر ومنع القوات الجوية السورية من التجول فوق الاماكن المتواجدين فيها.
النتيجة النهائية تؤكد: إذا نجحت هذه العمليات في تحقيق اهدافها، فهي قادرة على تقسيم وتدمير سوريا كدولة وكأمة، وهذا ما دعت اليه قوى الغرب منذ العام 2012، تحت ذرائع مختلقة. وهذه أكثر من مجرد تكهنات – هذه استنتاجات توصلت اليها مؤسسة بروكينغز.
في مارس 2012 اصدر معهد بروكينغز في الشرق الأوسط مذكرة بعنوان “تقييم الخيارات لتغيير النظام” قال فيها:
البديل للجهود الدبلوماسية في سوريا هو التركيز أولا على كيفية انهاء العنف وكيفية الحصول على المساعدات الإنسانية، وهذا قد يؤدي إلى خلق ملاذات آمنة وممرات إنسانية، يجب أن تكون مدعومة بقوة عسكرية محدودة. وهذا، بالطبع، لا يرقى إلى أهداف الولايات المتحدة في سوريا، لأنه يُمكن الرئيس الاسد من تثبيت وضعه في السلطة..
وفي الآونة الأخيرة، نشر معهد بروكينغز وثيقة في يونيو 2015 بعنوان، “تفكيك سوريا: استراتيجية جديدة للحرب الاميركية”، واضاف:
مساعدة العناصر المعتدلة وإنشاء مناطق آمنة داخل سوريا هي فكرة جيدة اذا كان هناك قدرة دولية للقيام بذلك. على القوات العربية الأمريكية، وكذلك السعودية والتركية والبريطانية والأردنية وغيرها من تقديم الدعم الجدي، على أرض الواقع من خلال تواجد قواتهم الخاصة. نهج الاستفادة من تضاريس الصحراء المفتوحة في سوريا قد يسمح بإنشاء مناطق عازلة يمكن من خلالها رصد المؤشرات المحتملة لهجوم العدو من خلال مجموعة من التقنيات، والدوريات، وغيرها من الأساليب يمكن أن تساعد المقاتلين المحليين السوريين.
للأسف صناع السياسة الأميركيين، لم يدركوا ان القوات الامريكية الخاصة والقوات الجوية المصاحبة يجب أن تقلق من الوجود الروسي، في دمشق، بما في ذلك على طول الحدود التركية حيث سعت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة لإنشاء “مناطق آمنة“.
والتزمت الولايات المتحدة علنا بغزو واحتلال الأراضي السورية. وهي فعلت ذلك بقصد تقسيم سوريا واحداث خلل وظيفي في المناطق و”تفكيك” سوريا كدولة وأمة فاعلة. وهي تفعل هذا من غير ان تشكل سوريا اي تهديد موثوق للأمن القومي الأميركي ودون أي شكل من أشكال التفويض الذي تمنحه الأمم المتحدة. وهي تفعل ذلك أيضا مع احتمال حصول حرب مباشرة مع روسيا المسلحة نوويا والتي تعمل في المنطقة بصورة قانونية.
محاولة يائسة لحفظ جدول الاعمال المفلس
أحدث الإجراءات الاميركية هي محاولة يائسة قامت بها المؤسسات السياسية وشركات التمويل في واشنطن ووول ستريت، واستجابة مجلس الشيوخ الاميركي للضغوطات والموافقة على ارسال قوات خاصة مسلحة لتنفيذ المؤامرة الاجرامية في سوريا، وخاصة في أعقاب التدخل الروسي في الآونة الأخيرة. وقد كافحت اللجنة من اجل فرض منطقة حظر جوي تتزامن مع تواجد القوات الأمريكية على الأرض.
إنها خدعة سيئة، فوجود القوات الاميركية الخاصة والقوات الجوية في سوريا هو غير قانوني. ويقال إن العدد الرسمي للقوات الخاصة المقرر ارسالهم إلى سوريا لا يتجاوز الخمسين. سوريا وحلفائها يمكن إدراج عدد متساو أو أكبر من القوات في هذه المناطق نفسها لخلق “منطقة آمنة”. وبذلك الإجراءات الأمريكية غير قانونية ولن تصبح شرعية الا من خلال موافقة الأمم المتحدة.
وتقول الفرضية أنهيجب أن يحارب تنظيم داعش ويهزم من خلال ضربه في العراق وسوريا باعتراف أميركا نفسها ولكن المنظمة انتشر بالفعل الى ما هو أبعد من حدود أي دولة، ومن الواضح أنها لا تدعم نفسها من خلال الموارد المحدودة الموجودة داخل أي من البلدين.
اذا كانت الولايات المتحدة مهتمة حقا في وقف داعش، لماذا يقوم التنظيم ومنذ أكثر من عام، بتحقيق أهداف الولايات المتحدة الجيوسياسية في كل من سوريا والعراق، ولماذا يتخذ التنظيم كذريعة للتدخل العسكري الغربي المباشر.
إذا كان العالم، بما فيه أوروبا، يسعى لمنع انتشاروتوسع داعشوحل أزمة المهاجرين المتزايدة بالفعل، يجب ان يوقف الولايات المتحدة وشركائها عن خلق “ليبيا” اخرى في بلاد الشام، وعلى الرغم من أن أوروبا غير عازمة على القيام بذلك فإن سوريا وحلفائها يدركون تماما عواقب هذه المرحلة، والعبور نحو المستقبل.
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان