إلى متى يستمر هذا الظلم ؟
غالب قنديل
مقاومون يقاتلون ويستشهدون ويزلزلون العدو الذي لايقهر وفي الوطن ثمة من يجادلون ويناقشون ويشككون ويطعنون في الظهور ويتنصلون من تبعات الدفاع عن السيادة والاستقلال رغم إصرارهم على التشدق بالتعابير في الشعارات واليافطات والخطب ….
ينعت أبطال الوطن ومحرروه بالمغامرة ويتبرع بعض الساسة والقادة بمؤازرة العدو مباشرة ومداورة بواسطة سفارة الولايات المتحدة والمخابرات الفرنسية والألمانية والبريطانية وحديثا بواسطة المخابرات الخليجية منذ انعقاد مجموعة شرم الشيخ بزعامة كونداليسا رايس أما هم فيتبرعون بأرواحهم في عز الشباب ولا يسألون جميلا او ثناء من أحد ويفاخرأهلهم بهم شهداء في سبيل لبنان ولتنغيص الحقيقة القاطعة كالسيف تطلق ألف تهمة وتصنع ألف غاية مزعومة لقتالهم النقي كدمائهم .
بصمت يواصلون العمل وبكل تواضع يمضون في طريق الدفاع عن الوطن وعلى الرغم من ان النصر الكبير كان إنجازهم وإعجازهم التاريخي يتواضعون ويتعالون على الطعنات ويتمسكون بالشراكة الوطنية وعلى الرغم من كونهم نواة حلف وطني واسع عابر للطوائف يتمسكون بالوحدة الوطنية ويمدون الأيدي للمفترين بالخصومة لأنهم “شركاء الوطن “… لمن حملوا سكاكين الغدر في ظهورهم ولا يزالون يتحينون الفرص للطعنات ورغم كل شيء فهم الحكمة الوطنية وروح التعالي على الصغائر … يتجاوزون الشتائم والشتامين ولا يتوهون عن الوجهة الأساس في الصراع الكبير على فلسطين وهوية الشرق العربي.
المقاومون الذين دمروا أسطورة التفوق الصهيوني مسورون بالجحود والنكران والمظالم والأكاذيب في قلب وطن حصد ثمار دمائهم أمانا وحصانة وما يشاع عن مظلة غربية تحمي البلد ليس سوى تورية عن فعل وجود المقاومة في هذا البلد فالغرب يجبر التابعين له ( أصدقاءه بالتسمية المخففة ) في الخليج وفي الداخل اللبناني على مراعاة قواعد اللعبة وعدم استفزاز المقاومة حتى لا تتجه البلاد إلى مجابهة يخشى الغرب معها خسارة كل ما بقي له من نفوذ في لبنان وهذا التوجه مكشوف ومعروف منذ إشارة ديفيد هيل بكسر الفيتو السعودي لتشكيل الحكومة السلامية.
لم يعتبر اللبنانيون حتى الساعة فالقيادات التي برعت في البيع والشراء مع الخارج هي ذاتها تبيع وتشتري وما زالت لها مطارح نفوذ في الشارع الذي لا يحاسب ولا يسائل وتمتد فيه سلالة الزعامات الرجعية التقليدية والوافدة بقوة الطائفية وبالرضا الأميركي والغربي ويجد المتمردون على القوالب البالية من كل الطوائف والمناطق والمنابت أنهم تلقائيا مع تلك المقاومة التي حررت الأرض وسيجت الوطن وهاهي تخوض معركة وجود ضد التكفير الإرهابي وتحاط بجدران من الظلم نفسه والحيف نفسه والإنكار نفسه .
يحررون أرضا لبنانية من عصابات تكفيرية تخطف عسكريين لبنانيين وتعتدي على قرى وبلدات لبنانية وتروع اهلها وتهدد كل لبنان وكل أهله وثمة قيادات وزعامات ما تزال تنكر وتتنكر ولا من يحاسب .
القوة التي تنتدب نفسها للتضحية في سبيل الوطن لا تطلب مقابلا من احد وهي لا تحصل حتى على العرفان الأخلاقي إلا بعد مرور الزمن فقد سبق ان تحول الكلام عن دور المقاومة في التحرير بمناسبة الاستراتيجية الدفاعية عند الكثيرين إلى عبارة ” شكرا على جهودكم ” بأسلوب الإحالة على التقاعد في الجيوش رغم استمرار الخطر الصهيوني ورغم ثبات الحاجة لقوة الردع المقاومة … ورغم ورغم سقوط كل الرهان على تسليح الجيش من حلفاء إسرائيل وداعميها وتهاوي الهبات المبددة في قنوات الشراكات والحسابات الإقليمية والدولية والمستور أبلغ من المعروف عن الخفايا.
مهزلة تتكرر لأن في لبنان لا احد يتعلم ولا احد يراجع الحسابات ولأن الزعماء لا يخطئون ولأن العقول معلقة والنخب المزعومة مشلولة بوباء النفط لكن الأكيد ان هذا الحيف يجب ان يسقط وان تقال الأمور بأسمائها وان تنتهي مفارقة حكم مرتهن للحلف الاستعماري الصهيوني في دولة تحررها وتسيجها مقاومة انتصرت على إسرائيل وها هي تدحر التكفير والإرهاب … إنه التناقض الرئيسي الذي يستوجب حلا.
بعد معركة جرود عرسال انفضحت خيمة كراكوز اللبنانية مرة جديدة وتوهت كالعادة سائر القضايا الكبرى في الزواريب الصغيرة حتى لا يرى الناس الحقائق النافرة وجاء القرار البارد كالثلج بعد تحصيل الحاصل في الميدان بدماء ساخنة كالنار … في التاريخ اكثر من امثولة تقول إن البنية السياسية التي تتحصن لتعصى على سلاح النقد ترفع منسوب التوتر الاجتماعي الذي قد يأتيها بنقد السلاح وفي لبنان حاجة ملحة لمن يصرخ في وجه ذلك العهر والفجور والتعفن والتقيح السياسي والأخلاقي : لقد طفح الكيل …