هو زمن الانتصارات
فاطمة طفيلي
يحار المتابع لحملات التجنّي إن لم نقل السباب والشتيمة بحق فريق لبناني آمن بأولوية الدفاع عن وطنه وصون أهله ضمانا لمستقبل آمن وبلد مستقر، فعقد العزم على مطاردة العدو المتربص به أيا كانت هويته وشكله. ويعجز المنطق عن مناقشة ظاهرة غريبة تبطن كل هذا الاندفاع الأعمى لمن يدّعون الحضارة والايمان بما يعتبرونه ثقافة الحياة، وتتزاحم الاسئلة التي لا تجد لها تفسيرا أمام هذا الكم الهائل من الحقد والتناقض في ما يظهرون، ليبقى ما تخفيه البواطن أدهى وأخطر.
ربما هي أسئلة بلهاء، ولا سيما أن أجوبتها معروفة تدعمها الوقائع الدامغة، ولا تحتاج إلى كثير عناء لإيجادها، لكن لا بد من طرحها من باب الحجة والمنطق في وجه من لا يقيمون وزنا لحوار يدّعون تقديسه، وديمقراطية يخالفون أبسط قواعدها، وحرية رأي باتت شعارا أجوف في ظل ما يسوقون من تناقضات وتزييف للحقائق، وإن أحسنّا الظنّ من جهل وادعاء أخرق بأنهم على دراية وعلم ببواطن ما يجري وبصوابية خياراتهم.
لن نجادل في الانتماءات ونقاشات العمالة والتخوين، المندرجة تحت عناوين الطائفة والمذهب والمنطقة، التي ينكرونها وتراهم ينزلقون بسهولة في مسارها، مع سيل من تسميات واتهامات ينكرونها لو سِيقت بحقهم، واضعين أنفسهم في مواضع المستهدفين المظلومين، متجاهلين كل شعاراتهم حول حق الآخر بالتعبير والتفكير.
أخبرونا بالله عليكم كيف تنكرون على الشهداء حقهم بالتسمية، وهم لا يفرقون في الدفاع بينكم وبين أهلهم وعائلاتهم، ومن أجاز لكم تسميتهم بالقتلى، فيما تهللون للقتلة المجرمين آكلي القلوب والاكباد وقاطعي الاعناق وهاتكي الأعراض، وتصرون على أنهم ثوار العصر ومنقذو البشرية مما لحق بها من ظلم وفساد؟. وعن اي ثوار تتحدثون، وفي مآثرهم ما تقشعر له الأبدان وتأنف من ذكره الألسن، والبقية رهن القادم من أيام ثوراتكم المزعومة، التي لم نعرف لها إلى الآن سوى عناوين لا تنتهي من الإرهاب والقتل والتدمير في ظل حماسكم اللافت لنصرتهم والتفنن في ابتكار التسميات المضللة لتبييض صفحات من لا يجمعهم لا انتماء ولا دين ولا جهة، وهم الزاحفون من كل أصقاع الأرض تحت مسمى واحد هو الخراب والدمار؟!.
ملفت حديثكم عن انجازات الثوار، وفي طليعتها تحرير الارض بيد من تصرون على أنه “الجيش السوري الحر”، وعليه لا بأس إن أفدتمونا ببعضٍ من أسماء قادته وجنوده، وأماكن تمركزهم في الميدان وليس في المنتجعات والفنادق الفارهة، ومفيد إن تكرّمتم بتوصيف حال تلك الإمارات المحررة، وما يعيشه أهلها في ظل حكم الدواعش ومدَّعي نصرة الإسلام والمسلمين؟!.
أفيدونا أفادكم الله عن مستقبل هذا الشرق في ظل سيطرة من تناصرون ضد شعبكم ومواطنيكم وتدعمون بلا حدود، وإن كنتم ترفضون دفاع المقاومة وحمايتها، فماذا عن الجيش اللبناني الوطني والحملات المسعورة في استهدافه، وماذا فعلتم لمحاسبة قتلة ضباطه وجنوده والمنكلين بجثامين الشهداء؟.
أخبرونا عما تحضرون للأجيال القادمة من علوم ومعارف، في ظل سيادة ثقافة إعمال السيف ذبحا وتقطيعا في رقاب الآخرين المختلفين؟. وماذا عن المرأة ومصيرها وقد أصبحت سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة، وفي أفضل الاحوال أداة للمتعة وإشباع الغرائز، والاهم من ذلك كله ماذا عن مصير الاقليات وفي طليعتهم الأيزيديون، وفي أيٍ من كتب التاريخ ستروون جرائم دواعشكم بحق المتاحف والمعالم الأثرية في مدن دمروها وتركوها نهبا للريح، وكيف نسفوا تاريخا إنسانيا عمره آلاف السنوات بعدما ذبحوا القيمين على حمايته بذريعة مناصرة أنظمة يعادونها ويعتبرونها خطرا على إماراتهم الهجينة؟!.
وبعد يا سادة بعد كل ما سلف ماذا أعددتم لقتال إسرائيل واستعادة الحقوق السليبة، والشعب الفلسطيني مستهدف بوجوده إلى حد الإبادة وانتم عنه غافلون؟.
يبقى أن نسأل المتباهين بالخروج عما يسمونه سلطة الحزب والسلاح، بفضل من تنعمون بالأمن والامان نتيجة انتصارات مجيدة حققها المقاومون وعمدتها دماء الشهداء، أليس عيبا أن تمر الذكرى الخامسة عشرة لانتصار أذهل العدو قبل الصديق، فيما تنشغلون بالكيد لصنَّاعه وأبطاله؟. ألم يكن الأولى بكم على الاقل أن تبتلعوا ألسنتكم وتخرسوا في حضرة المنتصرين ومحرري الرض والذائدين عن الحِمى؟ّ.
… وعليه لا بد من التأكيد في حضرة الذكرى: هو زمن الانتصارات فمن يأبه…