الهجمة الاستعمارية في سوريا
غالب قنديل
بعدما يزيد على أربع سنوات من العدوان الاستعماري على سوريا ومن صمود الدولة الوطنية والشعب والجيش تتكشف أبعاد وأهداف جديدة في الخطة التي تقود الولايات المتحدة تنفيذها بواسطة جماعات التكفير الدموية وحلف العدوان الذي يضم حكومات إسرائيل وتركيا وقطر والسعودية والأردن والإمارات التي وحدها الأميركيون ونسقوا نشاطها مؤخرا في سياق واحد وأنهوا التباينات في ما بينها لأنها قادت إلى تراجع وتائر العمليات الإرهابية فتم تقسيم جديد للعمل على الجبهتين الجنوبية والشمالية إضافة إلى احتواء صراع النفوذ بين تنظيم الأخوان المسلمين ومشتقاته التكفيرية في القاعدة وداعش وجماعات المرتزقة الدوليين التي استجلبت إلى سوريا .
هذه العملية المعقدة التي قادها الرئيس باراك أوباما ومعاونوه في الخارجية والاستخبارات أدت إلى طفرة كبيرة في الدعم اللوجستي والمالي الخليجي وقادت لتنظيم توصيل الإمداد بواسطة كل من تركيا وإسرائيل والأردن كما تم تكثيف الحشد البشري عبر الحدود وهو ما يفسر فورة هجمات القوى التكفيرية الإرهابية التي تضم داعش وجبهة النصرة بعد توحيد فصائل الخليط الأخواني متعدد الجنسيات بقيادتها تحت يافطة جيش الفتح.
في هذا المناخ يدور النفاق الأميركي عن الحل السياسي وتروج الدوائر الاستعمارية لمشاريع نسف الدولة الوطنية السورية عبر التطييف المستنسخ من المختبر اللبناني لتأصيل التخلف والتناحر وعبر الفدرالية المستولدة في المختبر العراقي لمنع نهوض الدولة القوية القادرة بهندسة الانقسام المستدام.
ثمة فوارق هيكلية حاسمة بين سوريا وكل من العراق ولبنان لا توحي بسهولة اندفاع مشروع التفكيك والتفتيت في سوريا انطلاقا من حجم الكتلة الشعبية الداعمة للدولة الوطنية ومن رسوخ المؤسسات الوطنية المركزية والجيش العربي السوري منها على وجه الخصوص فحل الجيش العراقي ونبذ عشرات الآلاف من جنوده وضباطه على أساس مذهبي شكل قاعدة تفكيك الدولة المركزية وتكوين الجذر الفعلي لاختبار الفدرلة والتقسيم .
الحل السياسي الذي يرطن به قادة العدوان على سوريا يضمر اصحابه تسويق مشاريع التفتيت عبر الحوار بين الدولة الوطنية وواجهات المعارضة المرتبطة بالخارج وتهدف الهجمات الأخيرة لتعديل توازن القوى ولي ذراع الدولة الوطنية بإضعاف موقعها التفاوضي.
المطلوب في وجه المخطط الاستعماري الصهيوني الرجعي تصعيد المجابهة السياسية المعادية للإرهاب وفضح النفاق الأميركي عن الحل السياسي بينما تقوم واشنطن بتفعيل منصات العدوان من تركيا وإسرائيل والأردن وتدشن مشاريع تدريب جديدة ولذلك ينبغي التشدد في اعتبار تجفيف المنابع ووقف تدفق المال والسلاح والمسلحين الشرط السابق في تحققه لأي تفاوض أو حوار والدولة الوطنية السورية قادرة بكل صراحة وجرأة على مكاشفة الأصدقاء ومواجهة الخصوم بما يناسب من الحزم في هذا الموضوع المصيري.
الخسائر السورية مؤخرا ليست أمرا عاديا وينبغي القول بكل صراحة ان حلف العدوان يلقي بثقل كبير في الميدان ويرسل آلاف الإرهابيين الوهابيين المدربين والمزودين بأسلحة حديثة وهو يتخطى بفجوره جميع الحدود والضوابط التي يراعيها حلفاء سوريا إيران وروسيا والصين.
إرادة الشعب والجيش والقيادة في سوريا هي منع التقسيم والتطييف والتمسك بدولة وطنية مدنية علمانية حديثة ومعاصرة والكفاح لشنق آخر إرهابي بأحشاء آخر عميل ومرتزق على آخر شبر من أرض سوريا العربية المستقلة الواحدة مهما بلغت التضحيات ومهما اقتضى ذلك من الزمن ويقينا لم يبق من خيار أمام الشعب السوري غير استراتيجية حرب الشعب طويلة الأمد بأبعادها الاقتصادية والتعبوية والعسكرية فذلك هو طريق النصر بالاعتماد على القدرات السورية وليتخذ جميع الآخرين من محبي سوريا وكارهيها خياراتهم حينها وليتحملوا النتائج.