اليمن وسوريا – تمردات مختلفة، قصص مختلفة وعدو واحد: براندون توربفيل
بينما تحاول قوات القاعدة الاستيلاء على السلطة فوق مدينة إدلب في سوريا وتثبيت شريعة الإرهاب على ما تبقى من السكان ممن لم يستطيعوا إخلاء منازلهم، تمطر السماء قنابل مميتة على المتمردين الحوثيين في اليمن. ومن المثير للاهتمام، ان الولايات المتحدة وحلفائها في شمال الأطلسي، ودول مجلس التعاون الخليجي قادرون على رفع رؤوسهم عاليا والتحدث الى وسائل الإعلام لإعطاء الامثلة عن كيفية عمل الولايات المتحدة وحلفائها في موضوع الحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم .
في اليمن، الولايات المتحدة تقف ثابتة في دعمها لما يدعى “الحكومة الشرعية المنتخبة ديمقراطيا” من خلال مساعدة حلفائها في دول الخليج ومصر في حملة القصف “العنيف والمتطرف” ضد المتمردين الذين يهددون “النظام” و “الاستقرار” في جميع أنحاء البلاد. في سوريا، الولايات المتحدة تعلن بفخر دعمها ل”المستضعفين” “المتمردين” الذين يحاولون قلب “النظام”.
في الواقع، هما قصتان مختلفتان عن التمرد.
قصة غطرسة لا تصدق من طبقة حاكمة تطالب بفرض إيديولوجيات ومبررات على أمة بأكملها دون الخوف من ابراز أجندتهم الحقيقية. اما الان فقد اصبح الشعب الأميركي يرفض الذرائع المبررة للدخول في اي صراع عسكري منذ الحرب العالمية الأولى.
ومع ذلك، فإن موقف الولايات المتحدة من اليمن يقابله موقف اخر معاكس ضد سوريا.
في سوريا، الولايات المتحدة تدعم ما تسميه “المتمردين المعتدلين” الذين هم في الواقع مرتزقة متعطشين للدماء، تمولهم وتدربهم، وتسلحهم، وتدعمهم لتدمير حكومة بشار الأسد العلمانية. “المتمردون” هم مقاتلون اجانب تم توجيههم من قبل القوى الأجنبية بنية غزو سوريا، وتنظيم عصابات إرهابية لتتفشى في جميع أنحاء البلاد.
في اليمن، يبدو أن الثورة تكاد تكون عضوية تماما (على الرغم من القول ان المسلمين الشيعة تلقوا بعض المساعدة من إيران الا ان ذلك غير مؤكد) حيث يتألف المقاتلون من اليمنيين الذين يرفضون عمل الحكومة القمعية، الا ان وسائل الاعلام روجت لفكرة ان التمرد مدعوم من الخارج وهو يستهدف الحكومة الوطنية ولا يمكن السكوت على ذلك من قبل المجتمع الدولي.
في سوريا، أي عملية قتالية تشن من قبل الجيش السوري ضد “الدولة الإسلامية” تعرف على انها اعتداء من قبل النظام ضد المدنيين (أو حتى عندما لا يكون هناك دليل على وجود قتلى مدنيين)، وتتهم حكومة الأسد “بقتل شعبها” و “تعتبر الضربات الجوية “جرائم ضد الإنسانية”.
في اليمن، أسفرت الضربات الجوية ضد المتمردين الحوثيين عن مقتل 39 مدنيا، وكان هناك عمليا تقارير متداولة في الصحافة الغربية عن ان هؤلاء الضحايا، كانوا خسائر مقبولة و ضمن “الاضرار الجانبية”.
ومن الواضح أن ابواق الولايات المتحدة السائدة هي انتقائية جدا في ما يخص عدد الوفيات المقبولة وغير المقبولة. وبالتالي الغرب يستخدم الدعاية بحسب مصالحه، فاذا كان الشخص قد قتل من قبل أعداء الغرب فذلك متعمد وجريمة ضد الإنسانية، وأي شخص يقتل من قبل الغرب هو قاتل، وإرهابي، وعدو.
وقال توني كرتلوتشي ان الحكم الوراثي في المملكة العربية السعودية يولد نظام سيئ تميزه الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، وأرض خالية من أي مظاهر “لحقوق الإنسان”، فالحكومة السعودية التي تدعي انها تدعم الشرعية في اليمن هي مستعدة لاستخدام القوة العسكرية في سبيل تحقيق ذلك.
وقد وفرت الولايات المتحدة الدعم الكاف للنظام السعودي لإضفاء الشرعية على القصة التي سيرويها في المستقبل. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة نفسها تعاني من عجز متزايد في شرعيتها وسلطتها الأخلاقية.
المثير للسخرية هو أن الولايات المتحدة والسعودية يدعمان مجموعات طائفية متطرفة كتنظيم القاعدة في اليمن، كانت بمثابة قوات بالوكالة في حربهما على الحوثيين، وبالتالي فإن الحاجة للتدخل العسكري فرضت نفسها بعد انهيار تلك الجماعات وعجزها عن تحقيق شيء.
وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تدخلا في اليمن بعد فشل الارهابيين المدعومين من قبلهم وانهيار النظام الذي دعموها للوصول الى السلطة.
كرتلوتشي يشير إلى أن الحملة العسكرية على اليمن ليست أكثر من حرب بالوكالة لحماية الأصول المدعومة من الولايات المتحدة في السلطة في صنعاء، ولمكافحة النفوذ الايراني في المنطقة.
في الواقع، تدخل المملكة العربية السعودية العسكري وخطاب الولايات المتحدة يعبر عن نظام إقليمي وحشي خاسر في اليمن، فالآن القوى المهيمنة العالمية الراعية للإرهاب أمرت بالتدخل المباشر وتنظيف الفوضى.
وعلى الرغم من اعتراف مؤسسة راند كوربوريشن للأبحاث السياسية أن استراتيجية إيران العسكرية في الشرق الأوسط هي دفاعية إلى حد كبير، فإن الولايات المتحدة والحكومات الغربية لا تزال تصور الأحداث في اليمن كما لو أنها نتيجة للعدوان الإيراني. هذا على الرغم من حقيقة أن جميع الأحداث التي تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط في التاريخ الحديث في الآونة الأخيرة تم إنشاؤها من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وإسرائيل.
والحقيقة هي أن إيران لا تحكم التمرد الحوثي، بل هي تلعب دورا رمزيا في مساعدة المتمردين في الاستراتيجية الجيوسياسية وبالتأكيد ستكون مستفيدة من أي من معلومات مقدمة من قبل المتمردين، وهدف حلف شمال الأطلسي / ومجلس التعاون الخليجي هو حرمان ايران من أي تأثير على اليمن.
في هذه العملية، سيتم ممارسة الضغوط السياسية المختلفة من أجل منع الهلال الشيعي من أن يصبح ضمن أي دائرة مسيطرة، ومما لا شك فيه أن تستخدم الاكاذيب السافرة والنفاق لتحقيق ذلك المأرب.
غلوبال ريسيرتش
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان