انتصار الثورة الكوبية على الدكتاتورية المدعومة من الولايات المتحدة: فيليب بيرسن
في 1 يناير العام 1959 اكتسح “رجال حرب العصابات هافانا” برئاسة فيدل كاسترو وأسقطوا الديكتاتورية العسكرية لفولجينسيو باتيستا –رئيس كوبا الذي قاد البلاد بنهج دكتاتوري، وصارم بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
دخل الثوار كوبا على ظهر اليخت غرانما ولم يكن معهم سوى ثمانين رجلا لم يبق منهم سوى 10 رجال فقط، بينهم كاسترو وأخوه “راؤول” وجيفارا، ولكن هذا الهجوم أكسبهم مؤيدين كثيرين خاصة في المناطق الريفية، وظلت المجموعة تخوض حرب العصابات لمدة سنتين.
خلال الاحتلال الاسباني لكوبا قام الاسبان باستغلال الموارد الطبيعية واجبروا السكان الأصليين على العمل القسري، وامتلكوا “الارضي والعمال” وقد ادت الحرب الأميركية-الإسبانية، الى طرد اسبانيا في العام 1898 والى تبديل المستعمر حيث اصبحت الولايات المتحدة هي المستعمر الجديد.
فرضت الولايات المتحدة سطوتها الامبريالية في أنحاء الجزيرة، حيث استغلت مواردها، واملت سياساتها داخل وخارج كوبا. وخلال هذا الوقت، كان الاقتصاد الكوبي يعتمد اعتمادا كبيرا على الولايات المتحدة، إذ أن “74٪ من صادرات البلاد كان يتوجه للولايات المتحدة، في حين أن 73٪ من الواردات كان تأتي من الولايات المتحدة … وكانت الولايات المتحدة تسيطر على تحديد سعر التصدير”.
في واقع الأمر ومنذ العام 1950 سيطرت الولايات المتحدة على 80 % من المرافق الكوبية، و 90 % من كوبا، وعلى 100 في المئة من مصافي النفط في البلاد، و 90 في المئة من مزارع الماشية، و 40٪ من صناعة السكر . وسياحيا استغلت هافاناكوجهة للأجانب، بخاصة الأمريكيين، للعب القمار والدعارة.
الثورة لم تسمح لكوبا فقط بالاستقلال عن الولايات المتحدة. فأبرز أعمال الحكومة الجديدة كان تأميم الشركات الأجنبية والمرافق العامة، بالإضافة إلى إقامة سلسلة من الإصلاحات للأراضي الزراعية. واشنطن ردت بفرض الحصار الاقتصادي والمالي الشامل في العام 1962 وحظر التجارة بين البلدين ومنع سفر الكوبين إلى الولايات المتحدة.
واعتبر الحظر التجاري الاميركي أفضل آلية لتحقيق الأهداف الاستعمارية التي لخصها السفير ليستر مالوري، نائب مساعد وزير الخارجية، في 6 أبريل 1960 على الشكل التالي:
“اغلب الكوبيين يدعمون كاسترو، وليست هناك معارضة سياسية فعالة … التحرك الوحيد الذي يمكنهم القيام به هو الاستياء والسخط… يجب القيام بكل شيء من اجل إضعاف الحياة الاقتصادية لكوبا … وابرز ما يجب القيام به هو حرمان كوبا من الأموال والإمدادات لتقليل الأجور النقدية وتجويع الكوبين وتيئيسهم والإطاحة بالحكومة”.
في 17 ديسمبر 2014 بعد 55 سنة على الحصار الاميركي المفروض على كوبا، فاجأ الرئيس الأميركي باراك أوباما العالم من خلال إعلانه عن نيته إعادة استئناف المفاوضات لإقامة علاقات دبلوماسية مع كوبا. ويعتقد على نطاق واسع أن هذه الخطوة، ستشمل فتح سفارة اميركية في هافانا، تمهد الطريق لوضع حد لقيود الحصار والسفر.
في الواقع، بعض التقدم احرز فعلا في تخفيف القيود الموضوعة على سفر الأميركيين لكوبا والعكس. بالإضافة إلى ذلك، سمحت واشنطن اعتبارا من ديسمبر العام 2014، للأميركيين بزيارة كوبا للأسباب التالية:
الزيارات العائلية… للعاملين مع حكومة الولايات المتحدة، وبعض المنظمات الحكومية الدولية. للناشطين الصحفيين. لأصحاب البحوث المهنية والاجتماعات المهنية، والأنشطة التعليمية، والأنشطة الدينية، والعروض العمومية والعيادات وورش العمل والمسابقاتالرياضية، والمعارض، المشاريع الإنسانية، أنشطة المؤسسات الخاصة أو معاهد البحوث التعليمية، التصدير والاستيراد، أو نقل مواد إعلامية أو معلومات،وبعض عمليات التصدير.
في 19 فبراير بعد شهرين من إعلان أوباما، التقى نائب الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، مع تسعة من أعضاء مجلس النواب الأميركي في هافانا، وفي وقت لاحق، عقد اجتماع ثان في واشنطن يوم 27 فبراير، حاز هذا اللقاء على اهتمام كبير من الكوبين، وعلى الكثير من التوقعات، فهذا الاجتماع كان لابد أن يعقبه الإعلان عن خطة لرفع الحظر، جزئيا أو من ناحية الإدارة في واشنطن.
ومع ذلك، فإنه من غير المحتمل ان يرفع الحظر اذا لم تبادر الحكومة الكوبية لتلبية بعض الشروط المسبقة بتكليف من واشنطن. على سبيل المثال، “المحامون يسعون جاهدين لتحديد ما إذا كان تطبيع العلاقات مع كوبا سيخلق فرصة للحصول على تعويضات عن الممتلكات المفقودة (صادرت كوبا 5.9138 شركة بعد ثورة 1959) وهي تقدر الآن بما يقرب من 7 مليار دولار.
رفع الحظر يتطلب مؤتمرا شاملا ومع ذلك إذا صوت الكونغرس ضد القضاء على الحظر، فالرئيس أوباما يحق له ان يحتفظ بخيار استخدام “السلطة التنفيذية” لتجاوز ذلك.
من المعروف أن الحصار الأميركي كانت لهعواقب هائلة على نمو الاقتصاد الكوبي. فوفقا لهافانا، فإن الأضرار الاقتصادية المباشرة على كوبا تعود إلى الحظر تتجاوز 1.1 ترليون دولار منذ العام 1962، مع الأخذ بعين الاعتبار انخفاض قيمة الدولار مقابل الذهب، خسارة الأرباح، القيود النقدية والمالية، والاجتماعية فيما يتعلق بالصحة والتعليم والثقافة، وتوافر الغذاء، وما إلى ذلك بالإضافة إلى، “الحصار الذي يعاقب أنشطة البنك والتمويل، والتأمين، والبنزين، والمنتجات الكيماوية والبناء والبنى التحتية ووسائل النقل، وبناء السفن، والزراعة وصيد الأسماك، والإلكترونيات والحوسبة”.
وعلى الرغم من طول الوقت وشدة الحصار الا انه لم يحقق اهدافه بشكل خاص، كما لخص ليسترمالوري. الاشتراكية الكوبية لا تزال تدير عددا من الإنجازات البارزة، بما في ذلك تحقيق العمالة الكاملة، وتوفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة وحصول الجميع على التعليم المجاني، وتحقيق ارتفاع متوسط العمر المتوقع، وانخفاض معدلات الفقر مقارنة مع أي بلد آخر في أمريكا اللاتينية. (في الواقع، أكدت دراسة في الـ 2014 صادرة عن البنك الدولي أن نظام التعليم في كوبا مماثل لذلك المتواجد في كندا وفنلندا وسنغافورةفي الماضي، وقد اعترف البنك الدولي أيضا أن كوبا “نجحت دوليا في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية التي تتجاوز تلك التي في معظم البلدان النامية، وهي مماثلة لتلك المتواجدة في الدول المتقدمة”.
علاوة على ذلك، وبناء على تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تأتي كوبا في المرتبة الثالثة في أمريكا اللاتينية من حيث مؤشر التنمية البشرية.
بالإضافة إلى نجاحها في مجالات التنمية البشرية، كانت كوبا نشطة أيضا في توفير المساعدات الخارجية العملية وإرسال الخبراء المدربين تدريبا عاليا، مثل المعلمين والأطباء، والمهندسين، إلى البلدان النامية حيث تكون هناك حاجة إليهم. ومنذ العام 1959 قامت كوبا بإرسال الأطباء لبعض بلدان أميركا اللاتينية وأفريقيا التي هي غير قادرة على تلبية احتياجات الرعاية الصحية لمواطنيها من تلقاء نفسها.
حاليا، يعمل حوالي 50000 من المهنيين الصحيين الكوبيين في 66 بلدا حول العالم، وتشمل الأمثلة الأخيرة لهذه المساعدات إرسال الأطباء الكوبيين لدول غرب افريقيا خلال تفشي مرض الايبولا وإلى هايتي بعد زلزال العام 2010 حيث كانوا الافضل في انهاء مرض الكوليرا إلى حد كبير. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الاطباء الكوبيون في توفير المدارس الطبية المجانية للطلاب من مختلف البلدان النامية.
وعلى الرغم من الإنجازات الاجتماعية الكثيرة في كوبا، قامت الولايات المتحدة بالعديد من المحاولات لتقويض الثورة في الجزيرة من خلال الدعاية والتخريب والإرهاب، بما في ذلك التخطيط والدعم لغزو خليج الخنازير في العام 1961.
كان يصور فيدل كاسترو على انه الدكتاتور العسكري الذي قمع الحريات الفردية للمواطنين الكوبيين. وبالإضافة إلى الدعاية المعادية لكوبا، كانت الحكومة الأميركية تعمل على التخريب المباشر الذي يهدف إلى إضعاف الحكومة الاشتراكية، بما في ذلك “الحرب الكيميائية والبيولوجية ضد كوبا”، ومئات المحاولات من قبل وكالة الاستخبارات المركزية لاغتيال فيدل كاسترو، وفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية لإلغاء إمكانية الحصول على الائتمان والقروض من البنوك الدولية ومنع التجارة الحرة من الازدهار.
وفي بعض الدوائر، فسرت جهود باراك أوباما لإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع كوبا بوصفها اعترافا بأن محاولات واشنطن المتكررة لتدمير الحكومة الاشتراكية في الجزيرة على مدى العقود الخمسة الماضية قد فشلت. ومع ذلك، فإن هناك احتمال أن هذه الخطوة يمكن أن تكون جزءا من استراتيجية أكبر تهدف إلى تقويض الاشتراكية الكوبية والهيمنة على الجزيرة.
وقد أثبت التاريخ أن واشنطن ليست جاهزة بعد للكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى من أجل تحقيق مصالحها. وهذا يشمل قائمة طويلة من الحالات التي سهلت فيها الولايات المتحدة الإطاحة بالحكومات التي لم تلتزم بالكامل بإملاءاتها، بما في ذلك غواتيمالا (1953-1954،1960)، إندونيسيا (1957-1958،1965،1975)، جمهورية الدومينيكان (1960 -1966)، وشيلي (1964-1973)، وكمبوديا (1955-1973)، لاوس (1957-1973)، والكونغو (1960-1964)، اليونان (1964-1974)، وبوليفيا (1964-1975) وزائير (1975 -1978)، والعراق (1990-1991)، وأفغانستان (1979-1992).
هذه الأمثلة وامثلة أخرى تعبر عن تدخل الحكومات الأميركية المتعاقبة في الشؤون الداخلية للدول من أجل زعزعة استقرار الحكومات التي يعتبروها اشتراكية معتدلة، وهذا يدو للتشكيك في صدق نوايا الولايات المتحدة لإعادة التواصل مع كوبا.
على سبيل المثال، اعادة فتح السفارة الأميركية في هافانا رسميا يخدم الاستراتيجيات المصممة لتسهيل اعتراض السياسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكوبية. علاوة على ذلك، هناك أيضا تكهنات بأن الدافع لإعادة تأسيس العلاقات مع كوبا قد يكون لمواجهة التطورات الأخيرة في التنظيم السياسي والاقتصادي لدول أميركا اللاتينية والكاريبي، التي سهلت دور الصين وروسيا في المنطقة.
على مدى العقد الماضي، اجتمعت دول أميركا اللاتينية والكاريبي معا لإنشاء عدد من الكيانات الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك: التحالف البوليفاري في الأميركتين (ألبا) في العام 2004؛ اتحاد دول أميركا الجنوبية (UNASUR) في العام 2008، وجماعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي (CELAC) في ديسمبر 2011. “البا” التي تم إنشاؤها أصلا من قبل فنزويلا وكوبا يعول عليها حاليا 11 دولة من بين الدول الاعضاء وأهدافها خلق عملة موحدة إقليمية يمكن استبدالها بالدولار الأميركي في المعاملات التجارية الدولية.
اتحاد دول أميركا الجنوبية أنشئ في المقام الأول من خلال جهود الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز وبدعم من الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا والارجنتيني نيستور كيرشنر، ويضم حاليا 12 دولة عضوة. بالإضافة إلى إنشاء عملة موحدة، هذه المنظمةتطمح للحصول على جواز سفر مشترك وبرلمان كالاتحاد الأوروبي.
في العام 2010، وصف رئيس بوليفيا إيفو موراليس (CELAC) على النحو التالي:
“اتحاد دول أميركا اللاتينية هو السلاح ضد الإمبريالية، فمن الضروري إنشاء هيئة إقليمية لا تشمل الولايات المتحدة وكندا… حيث توجد قواعد عسكرية أميركية لا تحترم الديمقراطية، وحيث هناك إمبراطورية سياسية يسيطر عليها المبتزون، وبالتالي، فهذا الوقت هو الافضل للحكومات في أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي لإنشاءهذه المنظمة الجديدة بدون الولايات المتحدة لتحرير شعوبنا في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي”.
الرئيس الراحل الفنزويلي هوغو شافيز قال ذلك في قمة مجموعة ريو الـ 23:
“الآن ونحن في المكسيك لدينا وثيقة الالتزام، لإنشاء هيئة لأميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي، من دون الولايات المتحدة وكندا (…) والآن نستطيع أن نقول من أمريكا اللاتينية، ومن المكسيك (…) نحن قد احيينا مشروع حلم بوليفار”.
الولايات المتحدة تراقب هذه الكيانات وهي تعزز روابطها بين دول أميركا اللاتينية والكاريبي لمواجهة التهديدات الاستراتيجية CELACعلى سبيل المثال تحتفظ بوظيفة منظمة الدول الأميركية (OAS) وهي تستبعد مشاركة الولايات المتحدة وكندا، أعضاءCELAC سيحصلون على 250 تريليون دولار لاستثمارات العقد المقبل من الصين.
بالإضافة إلى الصين كسبت روسيا الشهرة كلاعب رئيسي في المنطقة الاقتصادية. في يوليو العام 2014، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقا مع المسؤولين الكوبيين لمنح روسنفت -وهي شركة نفط مملوكة من قبل الحكومة الروسية- الحق في استكشاف واستخراج احتياطيات النفط والغاز الواقعة قبالة الجزيرة. وخلال لقاءاته مع راؤول كاسترو والزعيم فيدل كاسترو، لإعداد هذا الاتفاق، شطب بوتين 90% اي أكثر من 30 مليار دولار من الديون المستحقة على كوبا خلال الحقبة السوفيتية. ولعل أوبامايجب ان يتبع خطى الرئيس الروسي ويقدم بادرة حسن نية لنظرائه الكوبيين من خلال اسقاط التعويضات المحتملة التي يمكن أن تسعى الشركات الأمريكية لفرضها على الممتلكات المفقودة.
الانتشار المتزايد للصين وروسيا في أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي يمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل واشنطن الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي. أهمية هذه الاستراتيجية للولايات المتحدة تبرز في عقيدة مونرو، التي تأسست من قبل إدارة الرئيس جيمس مونرو في العام 1823.
طالما انكوبا حذرة، ولا تغفل عن مصالحها الخاصة، وتحتفظ بدرجة معينة من الحذر عند الدخول في مفاوضات مع واشنطن، سواء كان ذلك خلال اجتماعات 27 فبراير أو خلال أي اجتماعات لاحقة، فمن الممكن للجزيرة إعادة تأسيس العلاقات الاقتصادية والمالية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة من دون تفكيك مبادئ الاشتراكية والفوائد المرتبطة بها. إعادة إقامة علاقات دبلوماسية مع واشنطن لا يستلزم الاشتباك مع تطلعات الثورة، لأن الاشتراكية لا تتطلب دولة تجارية مغلقة، كما أنها لا ترفض الإصلاحات الرامية إلى تنشيط أو تعزيز النظام القائم.
بذل الجهود لإنعاش الاقتصاد الكوبي ليست ظاهرة جديدة. في الواقع، لقد قامت كوبا بمحاولة تجديد النظام الاشتراكي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991. وقدم الاتحاد السوفيتي لكوبا قدرا كبيرا من الدعم منذ انتصار الثورة وكان له الفضل في لعب الدور الحاسم في بقائها.
بانهيار الاتحاد السوفياتي فقدت كوبا أهم شريك تجاري لها، وهو يحصل على ما يقرب من 80٪ من صادرات الجزيرة ووارداتها. كوبا أيضا استغنت عن الدعم السخي الذي تلقته من المعسكر الاشتراكي. ونتيجة لذلك، اتخذت الولايات المتحدة الفرصة لاتخاذ تدابير جديدة لتعزيز الحصار، وهما قانون الديمقراطية الكوبية في العام 1992 وقانون هيلمز-بيرتون في العام 1996.
شهد الكوبيون مصاعب كبيرة تمثلت بانخفاض واضح في مستوى معيشتهم خلال العامين 1990 – 1995. وخلال هذا الوقت، الاقتصاد الكوبي انهار أساسا، وشهد السكان على نقص حاد في الإمدادات الأساسية، وعرفت المرحلة “بالفترة الخاصة” بما في ذلك الغذاء والدواء، مما أدى إلى سوء التغذية والمشاكل الصحية المرتبطة بها. وردا على ذلك، تم اتخاذ تدابير جديدة لإعادة هيكلة الاقتصاد الكوبي، وخاصة في مجال السياحة. العديد من الفنادق والمشاريع المشتركة مع الشركات الاسبانية والكندية هي نتائج الإصلاحات التي تم تنفيذها ردا على “الفترة الخاصة“.
إعادة إقامة علاقات دبلوماسية مع واشنطن والتحرك نحو سياسات “السوق الحرة” لن يقلل من مكانة كوبا كرمز للحركة المناهضة للإمبريالية العالمية. في الواقع، هناك برامج تهدف إلى تحرير الأسعار، والخصخصة، وإلغاء نظام الحصص التموينية، والقضاء على العملة المزدوجة الجارية لنحو عقد من الزمان.
هذا النموذج الذي تم تصوريه في السنوات الأولى للثورة الكوبية تطور من أجل تلبية احتياجات ورغبات الشعب الكوبي، والتي تتلائم مع التطورات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الدولية.
وبعبارة أخرى، السياسات التي تهدف إلى تنشيط النظام الاشتراكي من خلال تقليل الاعتماد على الهندسة الاجتماعية يجري وضعه في مكان ما منذ العام 1991. ويمكن القول إن الهندسة الاجتماعية والحظر الأميركي كانا العدوين الرئيسيين للثورة الكوبية. ويمكن لاقتصاد أكثر انفتاحا ان يوفر للمشترين والبائعين، والمنتجين في السوق قدر أكبر من الحرية لتنسيق أنشطته طوعا وتحقيق الأهداف المشتركة وبذلك يصبح المجتمع دون حاجة للتدخل المستمر من جانب سلطات الدولة.
التقدم الحالي المحرز من حيث إعادة تأسيس علاقات طبيعية مع واشنطن قد يشهد مزيدا من التقدم في النظام الاشتراكي الكوبي. وهذا يمكن تحقيقه من خلال مقاربة حذرة ومعقولة من شأنها أن تضمن عودة الكوبيين إلى القنانة التي سبقت ثورة العام 1959.
غلوبال ريسيرتش
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان
http://www.globalresearch.ca/the-cuban-revolution-the-u-s-imposed-economic-blockade-and-us-cuba-relations/5433797