إسرائيل وتركيا والسعودية
غالب قنديل
ما زالت إسرائيل تحتل موقع القيادة والإمرة في منظومة الهيمنة الاستعمارية وهي مركزها الفعلي الذي تبنى على مصالحه الأولويات وكل كلام آخر باطل تدحضه الوقائع والمعطيات التاريخية والراهنة والدليل الأخير هو حمى المصالحات في حلف يمتد من اسطنبول إلى الرياض والدوحة وعمان ويشمل منظمة القاعدة بجميع فصائلها وفروعها ومشتقاتها واجهزة استخبارات عربية وإقليمية وكل ذلك يجري بالأمر الإسرائيلي المطاع .
اولا تقود إسرائيل معركة اعتراض صعود القوة الإيرانية من قلب الولايات المتحدة ومجلسي نوابها وشيوخها وهو ما لا تملك القدرة عليه ممالك ومشيخات الخليج رغم ما لديها من اموال تجيرها بألف وسيلة إلى مجموعات الضغط الصهيونية لخدمة الهدف المشترك وهو محاصرة إيران وعرقلة التفاهم المحتمل بين واشنطن وطهران في حين يتوحد اطراف الحلف المرتبط بالغرب في الميدان السوري فتنبري إسرائيل بالشراكة مع الحكومة الأردنية في الميدان السوري داعمة للقاعدة وفرعها جبهة النصرة لتستكمل مهمة المخابرات السعودية والقطرية والتركية في الجبهة الجنوبية .
حكومتا قطر والسعودية في الحساب الإسرائيلي اكياس اموال مفتوحة لتمويل أي خطة سياسية ومخابراتية تستهدف التخريب في سورية والتطاول على حزب الله والتدخل في اليمن وقد جرب هذا الامر في حروب إسرائيل الأخيرة التي نالت معها مالا ونفطا عربيا بسخاء ويجري تجريبه مجددا في سورية عبر شراكة خفية متواصلة لتدمير سورية، اما تركيا فهي الشريك الشمالي التاريخي لإسرائيل في محاصرة سورية وتهديدها واعتراض طريق قوتها وقد تكرس ذلك الحلف لعشرات السنين وقامت نتيجته روابط وعلاقات عمل بين الموساد والمخابرات التركية يصعب فكها بالنفاق الأخواني نحو إيران او بعروض الغاز والنفط الروسية فحتى الساعة تدير حكومة الوهم العثماني لعبتها مع السيد الأميركي بمنطق رفع التسعيرة عبر التلويح بالبدائل المتاحة في طهران وموسكو والخطب التركية المعسولة لم تعد تنطلي على أي من دبلوماسيي الإمبراطوريتين العريقتين روسيا وإيران فالامتحان الحقيقي هو سورية التي يستهدفها أردوغان ويقود داعش على أرضها ويقدم المساندة لجميع العصابات الإرهابية العميلة التي تنطلق من تركيا .
ثانيا الحكومة الأردنية هي الصدى للموقف الإسرائيلي وهي تقدم حماية ودعما واضحين لجبهة النصرة وتترك لها مساحة حركة خاصة في جميع المناطق الأردنية القريبة من الحدود مع سورية وتلعب المخابرات الأردنية دورا حاسما في تأمين التنسيق مع إسرائيل عبر وادي اليرموك الممتد إلى مزارع شبعا اللبنانية والتصاق الدور الأردني بالدورين السعودي والقطري هو عنصر الجمع مع إسرائيل على وسادة الوهم العثماني بالقدرة على النيل من سورية .
فالوسادة الأردنية تجمع الرؤوس الأربعة : إسرائيل وتركيا والسعودية وقطر ومعها تنظيم الأخوان المسلمين والقاعدة بفرعيها داعش والنصرة ف.
سرعان ما استدارت الرياض بعد وفاة الملك عبد الله عن مواقف فهم منها الابتعاد عن هذا التحالف وجرى الكلام كثيرا عن تفرق الحلفاء في حساب الأولويات الخاصة بكل دولة لكن الحدث اليمني فرض نفسه فأوجب الالتحاق السعودي بينما شبح اقتراب الإعلان عن الاتفاق على النووي الإيراني يؤرق الجميع وخصوصا إسرائيل.
هكذا تدفع القيادة المصرية في المأزق الأصعب مع عودة تنظيم الأخوان إلى الحضن الخليجي العثماني الإسرائيلي وبعدما اطمانت في صراعها مع قطر إلى دعم الرياض تم تجيير ذلك الدعم وبقسوة لصالح الإمارة التي تشارك أردوغان في رعاية الأخوان بفروعهم المصرية والسورية والليبية والسودانية وغيرها ومع الأخوان ما انبتوه من شبكات إرهاب وقتل في طول البلاد العربية وعرضها.
ثالثا اختبار القوة الجاري في سورية واليمن بين محور المقاومة وهذا المحور الإسرائيلي سيكون فاصلا ومقررا لمستقبل توازنات المنطقة وليست الولايات المتحدة محايدة إزاء هذا الصراع فهي تتمنى ان تتمكن إسرائيل من إعادة ترتيب الأمور وقد لعبت الإدارة الأميركية ادوارا مهمة في ضمان التواصل بين عملائها الشركاء والذين تتمنى لهم النجاح لكنها لاتجاهر بالتبني حتى لا تخسر فرص التفاوض مع روسيا وإيران فواشنطن تفتح الأبواب الخلفية بينما تختبر تل أبيب قدرتها مع شركائها على تعديل التوازنات .
في الجبهتين الشمالية والجنوبية في سورية قرار محور المقاومة بالانتقال إلى الهجوم ورفع التحدي إلى أقصاه في وجه تركيا وإسرائيل ومن خلفهما حكومات الخليج المتورطة وفصائل القاعدة وسوف ترتب جولات الصراع على أرض سورية نتائج حاسمة لمصلحة الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة بفضل التحول الشعبي الراسخ الذي يتزايد قوة وفاعلية وجميع المعطيات تدلل على انقلاب التوازنات خلال الأشهر المقبلة مع تصاعد فاعلية الردع الاستراتيجي الذي يفرضه محور المقاومة على مساحة المنطقة في وجه تركيا وإسرائيل.