قنبلة موقوتة لا أحد يعرف متى وأين ستنفجر أليكس فيشمان
يديعوت احرونوت
23 كانون الثاني 2015
ما يتبدى في اسرائيل هو صورة لعملية قاسية بشكل خاص.يريد حزب الله والإيرانيون أن يروا الدماء، الكثير منها، والتقدير هو أنهم سيوجهون العملية باتجاه العسكريين وذلك كي يحصلوا من اسرائيل على ثمن مؤلم – أكبر قدر من القتلى والجرحى، وذلك من اجل المعاقبة والانتقام وتعليمهم درسا وردعهم. تصفية النخبة من حزب الله في شمال الجولان بقيادة جهاد مغنية وباشراف الجنرال الإيراني محمد الله دادي، وضعت حزب الله في موقف لا خيار فيه. حزب الله والسوريون ينظرون باتجاه السيد الإيراني ويريدون رؤية ماذا يمكنه أن يعمل عندما تقوم اسرائيل باهانته هو ايضا بصورة علنية .
الافتراض هو أنهم يبحثون عن تجمع الجنود: موقع، معسكر عسكري وقافلة. هذا يمكن أن يحدث على طول الحدود، ويمكن أن يحدث ايضا في داخل اسرائيل. إن تجربة الماضي تُعلم بأنه يوجد لحزب الله خلايا نائمة داخل الخط الاخضر، واذا أراد تنفيذ عملية ضد الجنود داخل البلاد يمكنه ايقاظ تلك الخلايا. في الماضي تم القاء القبض على إيرانيين وصلوا لتنفيذ مهام في اسرائيل، كسياح. قبل سنتين تم اكتشاف مخزن في الناصرة يحوي 40 كغم من المواد المتفجرة البالستية المتطورة بشكل خاص، التي تم تهريبها من حزب الله إلى داخل اسرائيل. حتى اليوم ليس من الواضح لمن كانت هذه الشحنة موجهة، ويمكن الافتراض أن مخازن اخرى لوسائل قتالية من هذا النوع تنتظر في اماكن مختلفة من البلاد. لهذا فان التوتر ليس فقط على طول الحدود بل ايضا في المعسكرات الدائمة.
على خلفية الافتراض بأن الهدف الحالي للانتقام سيكون عسكريا وليس مدنيا، فقد تم اصدار التوجيهات للسكان في اسرائيل بالاستمرار بحياتهم الاعتيادية. ولكن عندما يكون حزب الله وإيران يريدان تنفيذ عملية تظاهرية كبيرة تصيب اسرائيل بالصدمة، فلا شيء يكون آمنا. وهكذا فان مواطني اسرائيل ليسوا معفيين من هذا التهديد. هناك احتمال قائم، كما هو مفهوم، بأن يحاولوا اخفاء بصماتهم عن طريق عملية ضد أهداف يهودية أو اسرائيلية خارج البلاد كما في الارجنتين.
ليس صدفة أنهم يحرصون في جهاز الأمن على التفريق بين عملية انتقامية ضد قوة عسكرية وبين أن يتم تنفيذ هذه العملية ضد نتنياهو لأن هذا ما سيصنع الفرق بين حادثة محلية وبين التصعيد على الحدود الذي من شأنه أن يتدهور إلى حرب شاملة في الشمال. إن ضرب المدنيين يلزم اسرائيل القيام بعملية عسكرية تشمل تنفيذ البرامج الواسعة التي أعدتها قيادة الجبهة الشمالية ضد حزب الله في لبنان. اذا نفذ حزب الله مثلا اطلاق نار باتجاه مواقع استراتيجية بالقرب أو داخل المستوطنات – ميناء حيفا، مصافي التكرير وغيرها، أو حاول السيطرة على مستوطنة على الحدود ونفذ مذبحة فيها، فان اسرائيل لن ترى نفسها ملزمة برد محدود – ليس بقوة النيران ولا بطول الجبهة. من أجل التغطية على هذا القرار فقد غير الجيش الاسرائيلي انتشاره في الجبهة الشمالية: تعزيز القوات، اضافة وحدات اطلاق نار بعيدة المدى من أنواع مختلفة، سلاح الجو وُضع في حالة تأهب، نصب «قبة حديدية» للدفاع عن مواقع استراتيجية ومدن كبيرة من الجولان وحتى الشاطيء. ومن اجل تجسيد التهديد الاسرائيلي تم تصوير حركة القوات وتوثيقها لكي يرى اللبنانيون ويفهموا.
الآن ينتظرون في اسرائيل أن يروا كيف سيتطور برنامج الانتقام الإيراني. في قيادة الجبهة الشمالية، وفي هيئة الاركان العامة ولدى وزير الأمن يقومون بتحليل المعلومات التي تتدفق إلى الجهاز، يرسمون سيناريوهات مختلفة ويستعدون لها. هناك شعور بوجود قنبلة موقوتة لا يعرفون متى وأين ستنفجر. وحتى ذلك الحين سيستمر الاستعداد والتوتر في الجبهة الشمالية.
بين القنيطرة ومغنية
اذا كانت اسرائيل حقا مُشاركة في التصفية، فانه توجد أمأمنا مشكلة بدأت في الحقيقة قبل سنة. فقد شخص الإيرانيون ضعفا كبيرا في قدرتهم على تفعيل حزب الله حسب حاجاتهم حيث أن كل محاولة للتحرش باسرائيل من الحدود اللبنانية كانت تورط المنظمة مع الحكومة اللبنانية. لهذا فقد بحثوا عن طريقة لخلق الردع ضد اسرائيل.
وهكذا فانهم في اسرائيل شخصوا حينئذ وجود قرار استراتيجي اتخذه حزب الله، بالتعاون مع الإيرانيين، لاقامة بنية تحتية عملياتية في شمال هضبة الجولان، وهي منطقة ما زالت تحت سيطرة الاسد. هذه البنية التحتية لم تُهييء للتعامل مع المتمردين في الجولان أو أن تُستخدم كقاعدة انطلاق ضد المتمردين داخل سوريا. لقد أُقيمت من اجل هدف واحد: فتح جبهة ثانية ضد اسرائيل استمرارا للجبهة اللبنانية إلى داخل الجولان.
من ناحية حزب الله فان السيطرة على القطاع الشمالي لهضبة الجولان ستخلق موقعا متقدما من شأنه منع امكانية قيام اسرائيل بالالتفاف والدخول إلى داخل لبنان، أو أن تشكل حاجزا في وجه تسلل عناصر جهادية معادية لحزب الله إلى داخل لبنان عن طريق جبل دوف. كان من المهم لنصر الله أن يُظهر أن البنية الجديدة في شمال الجولان ليس لها علاقة مباشرة بحزب الله، وهكذا ففي كل مرة تنطلق منها عمليات ضد اسرائيل يستطيع حزب الله أن ينفي المسؤولية عنها والادعاء بأن التعليمات لم تصل من بيروت، وكأن الحديث يدور عن تنظيم جديد في سوريا تتم ادارته من دمشق.
عمليا هذا صحيح. فهذه البنية التي كانت تتكون من رجال حزب الله تمت ادارتها من قبل قيادة الحرس الثوري – «قوة القدس» في سوريا. وقد تم تعيين جهاد مغنية الشاب على رأس هذه البنية، ولكن انشاء تلك البنية وتجنيد رجالها وتدريبهم على الاعمال التخريبية والقنص وعمليات الكوماندو واطلاق الصواريخ، تم القاء مسؤوليتها على عاتق الجنرال الإيراني الله دادي. رجال هذه القوة لم يستقروا بشكل دائم في هضبة الجولان بل تموقعوا في منطقة دمشق، وقد زودهم الإيرانيون بالمعلومات الاستخبارية والاحتياجات اللوجستية، وانطلقوا لتنفيذ العمليات على طول الحدود حسب المخطط.لم يكن ذلك هو التنظيم الاول الذي أقامه الإيرانيون في منطقة الجولان من اجل فتح جبهة اخرى ضد اسرائيل. على رأس التنظيم السابق وقف القاتل سمير قنطار، إبن الطائفة الدرزية، الذي أُطلق سراحه من السجن الاسرائيلي في 2008. وقد تمكنوا من تنفيذ عدد من العمليات مثل كمين لدورية من كتيبة المظليين 202، اطلاق قذائف ووضع عبوات على الجدار، ولكن المجموعة التي نظمها قنطار – التي تشمل مجندين من القرى الدرزية في شمال الجولان السوري – تم تجميدها بسلسلة عمليات أظهرت للإيرانيين بأن هذه الشبكة مكشوفة «للعدو الصهيوني»، فقد تم تصفية نائب قنطار قبل سنة في سيارته التي كانت متجهة إلى دمشق.
وفي مكان تنظيم قنطار حل التنظيم الجديد بقيادة جهاد مغنية. الذي رغم عمره الصغير، كان الرجل الموثوق من قبل النظام الإيراني وسكرتير عام حزب الله. النشاط البارز الاول لتنظيمه كان اطلاق اربع قذائف باتجاه الجانب الاسرائيلي من جبل الشيخ خلال عملية «الجرف الصامد». ولكن محاولة فتح جبهة ثانية، والتخفيف في نفس الوقت من ضائقة سكان غزة، لم تنجح. ومنذ ذلك الحين لم يتم تسجيل عمليات مميزة لاعضاء هذا التنظيم، الذين عدد منهم لبنانيين وفي الأساس من رجال حزب الله، وعدد آخر سوريين. وقد كان نضج التنظيم هو مسألة وقت بحيث يصبح قادر على تنفيذ عمليات ضد اسرائيل من موقعه في سوريا، الموجود قبالة القرى الدرزية في الجولان الاسرائيلي.
السباعية غير السرية
في يوم الاحد الماضي، في الجانب السوري من الجولان، مرت قافلة من سيارتين: سيارة تندر وجيب. يمكن اعتبار هذا السفر للسيارتين كدورية للقادة تمهيدا لعملية. كان هناك جهاد مغنية ونائبه واثنان من الرجال التنفيذيين، أبو عيسى – المعروف لمن خدم في القيادة الشمالية كقائد لقطاع الخيام التابع لحزب الله، واليوم هو قائد قوة حزب الله في جنوب الجولان – الجنرال الله دادي ومساعده اللبناني. سبعة رجال وليس 12 رجلا كما قيل. اذا كانت اسرائيل هي التي هاجمت القافلة فمسموح لنا الافتراض أن هوية السبعة كانت معروفة للمهاجمين – بما فيهم الجنرال الإيراني. بالمناسبة، يحاولون في اسرائيل التقليل من مستوى رتبة الإيراني وعرضه كضابط بدرجة متوسطة وليس كجنرال. ولكن في تراتبية «قوة القدس» الإيرانية كان يقل بدرجتين عن قائد القوة الجنرال سليماني. في الواقع، لا يهم فعليا ما تعتقده اسرائيل عن مكان الرجل في التراتبية. ففي أعين الإيرانيين يعتبر جنرالا مهما.
قامت القافلة بالتجول في شمال هضبة الجولان السوري، ووصلت إلى منطقة مزرعة الأمل، التي تبعد 5 كم عن حدود اسرائيل، وعندها في الساعة 11:40 أصيبت بصواريخ أُطلقت من الجو، النيران اندلعت بالسيارتين وتم قتل ركابهما السبعة. مراقبو الامم المتحدة، رجال الاوندوف، أرسلوا إلى مجلس الأمن تقريرا جاء فيه أنه في الساعة 11:35 تم تشخيص طائرتين بدون طيار اخترقتا الحدود إلى داخل الجولان السوري. وحسب ادعاء المراقبين فقد تم اطلاق الصواريخ من هاتين الطائرتين التي أصابت السيارتين. اذا كانت اسرائيل قد نفذت الهجوم وتحاول التشويش على مشاركتها، فقد جاء أندوروف و»وشى» بها.
نقاشات في دائرة العمليات البرية والجوية
الخط الفاصل بين المخاطرة المحسوبة وبين التفكير الخطر دقيق جدا، ورأي متخذي القرارات في مثل هذه الحالات يخضع لفحص من الأعلى. اذا انتهى الحادث برد فعل ضعيف، فان متخذي القرارات يسجلون لأنفسهم نجاحا، ولكن اذا تعقد الحادث – يكون ذلك من مسؤوليتهم الكاملة.
عندما يدور الحديث عن عمليات خاصة خلف حدود الدولة، يُقدم الجيش المخطط لوزير الدفاع في اطار المنتدى التنفيذي للعمليات، ويقوم وزير الدفاع بالمصادقة عليه أو رفضه. واحيانا يُطلب من الجيش عرض الموضوع ايضا على رئيس الحكومة من اجل اقناعه. هذه الاجراءات هي جزء من مصفاة لها عدة طبقات هدفها في نهاية الامر أن تعرض أمام المستوى السياسي فكرة عملية مصفاة تمت مناقشتها وموازنتها من كل الجوانب. هذه المصفاة تبدأ في المستويات الدنيا في القيادة، الكتائب والوحدات الخاصة. هناك تولد بصورة عامة الافكار العملياتية، ويشجع الجيش على هذه الابداعية. ولكن الرؤية العملية ليست دائما هي الأساس في اتخاذ قرار التنفيذ أو عدمه. الفكرة التي تولد في الميدان تمر عن طريق قائد اللواء ومنه إلى قائد المنطقة الذي يحاول اقناع رئيس الاركان. في مستوى قائد المنطقة ورئيس الاستخبارات العسكرية، رئيس قسم العمليات ورئيس الاركان، فان الرؤية تكون أوسع. عشية النقاش لدى الوزير يتم اجراء نقاش في قسم العمليات، وثانية يتم نقل المواد. بعد النقاش يقوم رئيس الاركان بمراجعة المخططات قبل عرضها على وزير الأمن. العمليات لا تبرز فجأة، إنها تمر باجراءات بيروقراطية عسكرية منظمة، حتى لا يتم تنفيذ عمليات غير ناضجة أو نصف ناضجة.
الحاجز الاخير هو لدى وزير الأمن، وهو حاجز حاسم. هنا يأتي التعبير عن خبرة الرجل الذي يجلس في هذا المكان. رئيس حكومة ووزير أمن لديهما ماض عسكري، وخدما كقادة كبار، يفهمان جيدا اللغة العسكرية، متى يمكن ومتى لا يمكن التنفيذ، ويستطيعان أن يشكلا حاجزا فعالا أمام الحماسة الزائدة. حتى اريئيل شارون واهود باراك، المعروفان بحماسهما للعمليات العسكرية، أرسلا الجيش في أكثر من مرة لاعداد واجباته المدرسية، لمعرفتهما الدقيقة للقطاع الذي تتم العمليات فيه، والمعرفة الجيدة لقدرات الجيش.
هكذا يتم رفض العمليات، وهذا يحدث ايضا عندما توجد فرصة عملية فريدة يصعب تكرارها. مثلا دولة اسرائيل عاشت لسنوات مع الانفاق التي حفرت من قطاع غزة ولم تشعر بالحاجة للقيام بتنفيذ عملية عسكرية من اجل القضاء على هذا التهديد. إن الذي يحسم هو الانجاز المطلوب مقابل الثمن المطلوب دفعه. اذا كان الثمن الذي عليك دفعه عاليا مقارنة مع الانجاز الممكن، فعليك أن تكون مجربا من اجل التنازل حتى عن الفرصة العملية.
السؤال الاول الذي يجب أن نسأله لمن اتخذ قرار التصفية هو ما الهدف الذي كان مطلوبا تحقيقه، وما هو الثمن الذي على الدولة التي سيُنسب لها قرار التصفية، أن تدفعه على هذه العملية. اذا كانت التصفية بهدف منع اطلاق صاروخ على طبرية غدا صباحا، فيجب أن نرفع القبعة أمام الاشخاص الذين اتخذوا قرار التصفية. ولكن اذا كان هناك من ظن أنه بتصفية الاشخاص السبعة يتم تصفية البرنامج الإيراني لاقامة شبكة إرهاب في هضبة الجولان، عندها تكون لدينا مشكلة في القرار.
معقول جدا الافتراض أن قتل سبعة اشخاص لا يغير قرار الحكومة في طهران اقامة وفتح جبهة ثانية في الجولان. إن موت الجنرال الإيراني لا يشكل ازمة قيادية في إيران، فهم سيقومون باستخلاص الدروس الاستخبارية، وشخص آخر سيحل محله. يمكن أن شخصا ما لم يستطع مقاومة الاغراء العملياتي وأصدر أوامره بتنفيذ التصفية على أمل أنه بهذا يمنع اقامة البنية ويحبط تنفيذ العمليات في المستقبل.
هل الطريقة الوحيدة للقضاء على هذه البنية كانت بتصفية السبعة، واذا قمنا بتصفيتهم فلماذا يتم التوقيع على العملية من مستويات أعلى.
لسبب ما يسود في القمة الأمنية في اسرائيل نوع من الشعور بأن لدينا بوليصة تأمين أمام الاشتعال في الحدود الشمالية. نوع من المفهوم الذي يقول بأن الإيرانيين – وعلى خلفية المحادثات النووية في فيينا ومحاولتهم الوصول إلى انجازات أمام الولايات المتحدة والغرب – ليس لهم أي مصلحة في المواجهة مع اسرائيل. يحبون عندنا القول إنه ايضا حزب الله يقع اليوم أمام ضغوط داخلية تمنعه من فتح جبهة ضد اسرائيل وتوريط دولة لبنان التي منها يستمد شرعية عمله.
لكنهم في اسرائيل ايضا لم يقدروا أن حماس ستقاتل 51 يوما. يتضح أن قدرتنا على قراءة سلوك المنظمات الإرهابية بشكل خاص، والعالم العربي بشكل عام، ليست جيدة. ربما أن متخذي القرارات اعتمدوا على أن الإيرانيين سيبلعون ما حدث لهم، ويمضي حزب الله في أعقابهم ويكتفي بعملية رمزية. الايام القادمة ستخبرنا.
الآن الجميع يجلس متوترا، وحتى الفائدة من التصفية الناجحة في هضبة الجولان ليست واضحة تماما. في المقابل، فان المخاطرة بأن تتدهور المنطقة إلى التصعيد والى درجة مواجهة شاملة، كبيرة.
في الفترة الاخيرة يوجد لدى اسرائيل ميل لأن تكون أكثر حذرا من السابق. في 7 كانون الاول هوجمت مخازن سلاح لحزب الله في منطقة مطار دمشق، ونُسبت العملية لسلاح الجو الاسرائيلي. خلافا لعمليات مشابهة في الماضي التي لم تعلن اسرائيل المسؤولية عنها، فقد تم تنفيذ هذه العملية في وضح النهار حيث أن كل عابر سبيل كان يمكنه تصوير الطائرات المهاجمة. إن التبرير للتغيير في نمط هذه العملية هو «فرصة عملية»، وكانت الرسالة هي: نحن لا نعتقد أن لديكم القدرة على الرد، لهذا فاننا نخاطر أكثر مما في الماضي. لسنا ملزمين بالحفاظ على النشاط السري من تحت الرادار، لأن قوة ردعنا قوية بما يكفي. يوجد هنا لعب بالنار يشير إلى ثقة زائدة بالنفس يمكن أن يكون له ثمنا عاليا.
التوتر في الشمال، حركة الدبابات، اغلاق طريق الشمال القديم، التهديدات المتبادلة – كل هذه متشابكة في جو عنيف يغلي في قطاعات اخرى. وهذه تؤثر على تلك. التوتر مقابل غزة يزداد ويقترب من نقطة الغليان. ليس فقط سكان حدود غزة مطلوب منهم الابتعاد عن الجدار من اجل ألا يشكلون هدفا، بل ايضا المزارعون في غلاف غزة. الازمة مع البدو في رهط ليست مرتبطة ظاهرا بالتوتر على الحدود، ولكنه نتيجة تصرف اشكالي من قبل سلطات الحكم، لكن كمية الغضب والعنف التي انفجرت هناك تُشير إلى احباط كبير في اوساط أبناء الاقليات يؤدي بهم إلى التطرف والسخرية من السلطة والقانون، اللذين يزدادان ضعفا أمامهم منذ سنوات.
صب زيت الانتخابات على النار
كأنه لا يكفي كل هذا. تأتي التصريحات النارية للحملة الانتخابية في اسرائيل لتصب الزيت على النار. يتضح أن الفلسطينيين يأخذون اقوال السياسيين بجدية أكثر من الجمهور في اسرائيل. عندما يسمعون أكثر من الماضي تصريحات لزعماء اسرائيليين بأنهم لا يعترفون بحق الوجود لدولة فلسطين أو بالتسوية مع الفلسطينيين لا يبقى لهم الكثير من الامل. ايضا رفع نسبة الحسم الذي جاء لاخراج عدد من الحركات العربية القومية في اسرائيل إلى خارج الكنيست يزيد اضطراب المجتمع العربي الاسرائيلي.
على هذه الخلفية – عملية الطعن في تل ابيب. حمزة متروك، 23 سنة، من سكان طولكرم وبدون ماض جنائي قرر شراء سكين والدخول إلى اسرائيل لتنفيذ عملية طعن. إنه يقوم بذلك بسهولة وكأنه ليس هناك حدود مع الفلسطينيين. لا يخاف أن يتم القاء القبض عليه، لأنه يعرف أنه خلال فترة قصيرة سيتم طرده إلى بيته. كما هو معروف هناك الآلاف من المتسللين غير القانونيين في اسرائيل. إن قضية هؤلاء المتسللين هي قضية اقتصادية، وطالما أن الموضوع اقتصاديا للمشغل وللعامل الفلسطيني ليس بالامكان وقف هذه الظاهرة. في حالته انتهى ذلك بعملية طعن مع عشرة جرحى، ومن سيأتي بعده سيأتي بقنبلة.
يشرحون لنا صباح مساء أنه ليس بالامكان منع دخول الماكثين غير القانونيين، وليس بالامكان منع العمليات الفردية. اذا ماذا تعرف شرطة اسرائيل وقوات الأمن الاخرى أن تعمل؟ عندما اجتاحت موجة من العمليات الواسعة القدس حول احداث المسجد الاقصى كان الحل هو ملء المنطقة بالقوات وبالتواجد الشرطي. هل شرطة اسرائيل مستعدة لنشر قوات بهذا الحجم كل يوم ايضا في تل ابيب؟.
إن اعمال العنف في مناطق مختلفة هي جزء من الجو العام الذي تظهر فيه اسرائيل كدولة ليست جدية بما يكفي. إن ردع اجهزة الأمن الاسرائيلية – سواء تجاه الخارج أو الداخل – ليس في كامل قوته. لهذا فان ظاهرة دخول الماكثين غير القانونيين إلى اسرائيل، وتنفيذ عمليات ليس لها علاقة بالتنظيمات ستتزايد. في القدس يحدث ذلك في فترات متقاربة. تقريبا تعودنا. في تل ابيب حتى الآن يتفاجأون كل مرة من جديد. منذ وقت حدث ذلك مع شاب صغير في محطة القطار، وأمس في باص في قلب المدينة. متى ستقرر اسرائيل أن الحديث يدور عن تهديد يستوجب بناء وسائل اخرى من اجل التعامل معه، هل سيتم ذلك عندما يحدث ذلك مرة كل اسبوع، مرتين؟ كل يوم؟ ربما ينتظرون أن يتم الاعلان هنا رسميا عن انتفاضة ثالثة.